الصلاة على أحد من آل البيت مفرداً من سمات أهل الأهواء وليس من سمات أهل السنة الحنفاء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين |
السنة إذا ذكر المولى أوالله أن يُقال: "عزوجل"، أو"تعالى"، أو"سبحانه"، ونحو ذلك، وإذا ذكر أحد الرسل، أوالأنبياء، أوالملائكة، أن يُقال: "صلى الله عليه وسلم"، أويقال: "عليه السلام"، وإذا ذكر أحد الصحابة أوالآل أن يقال: "رضي الله عنه"، وإذا ذكر من بعدهم من التابعين ومن تبعهم بإحسان أن يقال: "رحمه الله".
أما إذا أضيف الآل إليه صلى الله عليه وسلم فيصلى ويسلم عليهم تبعاً له.
أما أن يُفرد أحد الآل أوالصحابة ويخص من دونهم، بأن يقال مثلاً عليٌّ أوالحسين عليه السلام، أوكرم الله وجهه، فهذا ليس من السنة، وإنما أصبح ذلك شعاراً لأهل الأهواء وهم الرافضة، فلا ينبغي لأحد أن يقلدهم أويجاريهم في ذلك.
فقصر "كرم الله وجهه" على عليٍّ رضي الله عنه، والتسليم على عليٍّ رضي الله عنه وآل بيته، وحرمان الخلفاء الراشدين الثلاثة وغيرهم من ذلك ليس من عمل أهل السنة، لا في الحاضر ولا في الماضي. |
قال الإمام النووي رحمه الله: (أجمعوا على الصلاة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك أجمع من يعتد به على جوازها واستحبابها على سائر الأنبياء والملائكة استقلالاً، وأما غير الأنبياء فالجمهور على أنه لا يصلى عليهم ابتداء، فلا يقال: أبوبكر صلى الله عليه وسلم، واختلف في هذا المنع، فقال بعض أصحابنا: هو حرام، وقال أكثرهم: مكروه كراهة تنزيه، وذهب كثير منهم إلى أنه خلاف الأولى وليس مكروهاً، والصحيح1 الذي عليه الأكثرون أنه مكروه كراهة تنزيه لأنه شعار أهل البدع، وقد نهينا عن شعارهم..
قال أصحابنا: المعتمد في ذلك أن الصلاة صارت مخصوصة في لسان السلف بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، كما أن قولنا: "عز وجل" مخصوص بالله سبحانه وتعالى، فكما لا يقال: "محمد عز وجل"، وإن كان عزيزاً جليلاً، لا يُقال: "أبوبكر أوعلي صلى الله عليه وسلم"، وإن كان معناه صحيحاً، واتفقوا على جوازجعل غير الأنبياء تبعاً لهم في الصلاة، فيقال: "اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، وأصحابه، وأزواجه، وذريته، وأتباعه"، للأحاديث الصحيحة في ذلك، وقد أمرنا به في التشهد، ولم يزل السلف عليه خارج الصلاة أيضاً، وأما السلام، فقال الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا: هو في معنى الصلاة، فلا يستعمل في الغائب، فلا يفرد به غير الأنبياء
فلا يقال: "عليٌّ عليه السلام"، وسواء في هذا الأحياء والأموات، وأما الحاضر فيخاطب به، فيقال: سلام عليك، أوالسلام عليك، أوعليكم، وهذا مجمع عليه. |
إلى أن قال:
يستحب الترضي والترحم على الصحابة، والتابعين، فمن بعدهم من العلماء، والعبَّاد، وسائر الأخيار، فيقال: رضي الله عنه، أورحمه الله، ونحو ذلك.
وأما ما قاله بعض العلماء أن قول "رضي الله عنه" مخصوص بالصحابة، ويقال في غيرهم "رحمه الله" فقط، فليس كما قال، ولا يوافق عليه، بل الصحيح الذي عليه الجمهور استحبابه.
فإن كان المذكور صحابياً ابن صحابي قال: "قال ابن عمر رضي الله عنهما"، وكذا ابن عباس، وابن الزبير، وابن جعفر، وأسامة بن زيد، ونحوهم، لنشمله وأباه جميعاً).2
وقال الحافظ ابن كثير: (وأما الصلاة على غير الأنبياء، فإن كانت على سبيل التبعية كما تقدم في الحديث "اللهم صلِّ على محمد وآله وأزواجه وذريته"، فهذا جائز بالإجماع، وإنما وقع التنازع فيما إذا أفرد غير الأنبياء بالصلاة عليهم، فقال قائلون: يجوز ذلك، واحتجوا بقول الله تعالى: "هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ"3، وبقوله: "خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ"4
وبحديث عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: "اللهم صلِّ عليهم"، فأتاه أبي بصدقته، فقال: "اللهم صلِّ على آل أبي أوفى"، أخرجاه في الصحيحين، وبحديث جـابر أن امرأته قالت: يا رسـول الله صلِّ عليَّ وعلى زوجي، فقال: "صلى الله عليك وعلى زوجك". |
قال الجمهور من العلماء: لا يجوز إفراد غير الأنبياء بالصلاة لأن هذا صار شعاراً للأنبياء إذا ذكروا، فلا يلحق بهم غيرهم..
وقال آخرون: لا يجوز ذلك لأن الصلاة على غير الأنبياء قد صارت شعار أهل الأهواء، يصلون على من يعتقدون فيهم، فلا يقتدى بهم في ذلك.
إلى أن قال:
قال إسماعيل القاضي.. عن ابن عباس أنه قال: "لا تصح الصلاة على أحد إلا على النبي، ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالمغفرة".
وقال أيضاً: كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "أما بعد، فإن ناساً من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة، وإن ناساً من القصَّاص قد أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاءك كتابي هذا فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ودعاؤهم للمسلمين عامة، ويَدَعُوا ما سوى ذلك"، أثر حسن5).6 |
وعليه فلا ينبغي أن يُفرد أحد من الآل أوالأصحاب بلقب أوبصلاة دون غيره، كما تفعل الرافضة، ولا تخل به في حق علي وأئمتهم الذين غلوا فيهم وادعوا فيهم العصمة.
ومن تولى غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيراً.
فالخير كل الخير في الاتباع، والشر كل الشر في الابتداع، فمن لم يسعه ما وسع الصحابة، والتابعين، والسلف الصالحين، فلا وسَّع الله عليه.
:::::::::::::::::::::::::::::::::: |
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمدا ابن عبدالله ورضي الله عن الصحابة والآل ورحم الله وغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات. |
|