العودة   منتديات العبير > ₪۩ ۞.۞ ۩المنتديات الإسلامية۩ ۞.۞ ۩₪ > مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور

مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور نفحات إيمانية على مذهب أهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-07-2007, 12:57 AM   #2


 رقم العضوية :  10
 تاريخ التسجيل :  20-02-2007
 المشاركات :  19,959
 الجـنـس :  ذكر
 عدد النقاط :  91
 قوة التقييم :  سكوتي كلآآم will become famous soon enough
 اخر مواضيع » سكوتي كلآآم
 تفاصيل مشاركات » سكوتي كلآآم
 أوسمة و جوائز » سكوتي كلآآم
 معلومات الاتصال بـ سكوتي كلآآم

افتراضي شرح كتاب الصيام من الشرح الممتع على "زاد المستقنع" (4)


شرح كتاب الصيام من الشرح الممتع على "زاد المستقنع" (4)
سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

المصدر: موقع الشيخ ابن عثيمين

بَابُ صَوْمِ التَّطوُّعِ

قوله: "باب صوم التطوع"، "صوم" مضاف، و"التطوع" مضاف إليه، والإضافة هنا لبيان النوع، وذلك أن الصيام نوعان: فريضة؛ وتطوع. وكلاهما بالمعنى العام يسمى تطوعًا، فإن التطوع: فعل الطاعة، لكنه يطلق غالبًا عند الفقهاء على الطاعة التي ليست بواجبة، ولا مُشَاحَة في الاصْطِلاح، فإذا كان الفقهاء - رَحِمهم الله - جعلوا التطوع في مقابل الواجب، فهذا اصطلاح ليس فيه محظورٌ شرعيٌّ، إذًا فصَوْم التطوع: هو الصوم الذي ليس بواجب.

واعلم أن مِنْ رَحْمَةِ اللهِ وحكمته أن جعل للفرائض ما يماثلها من التطوع؛ وذلك من أجل ترقيع الخلل الذي يحصل في الفريضة من وجه، ومن أجل زيادة الأجر والثواب للعاملين من وجه آخر؛ لأنه لولا مشروعية هذه التطوعات لكان القيام بها بدعة وضلالة، وقد جاء في الحديث أن التطوع تكمل به الفرائض يوم القيامة[1].

واعلم أن الصوم من أفضل الأعمال الصالحة، حتى ثبت في الحديث القدسي أن الله - عزّ وجل - يقول: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به"[2]، فالعبادات ثوابها الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، إلا الصوم فإن الله هو الذي يجزي به، ومعنى ذلك أن ثوابه عظيم جدًّا، قال أهل العلم: لأنه يجتمع في الصوم أنواع الصبر الثلاثة: وهي الصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقداره، فهو صبر على طاعة الله؛ لأن الإنسان يصبر على هذه الطاعة ويفعلها، وعن معصيته؛ لأنه يتجنب ما يحرم على الصائم، وعلى أقدار الله؛ لأن الصائم يصيبه ألم بالعطش، والجوع، والكسل، وضعف النفس، فلهذا كان الصوم من أعلى أنواع الصبر؛ لأنه جامع بين الأنواع الثلاثة، وقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].
ثم إن صوم التطوع سرده المؤلف سردًا عامًّا بدون تفصيل، ولكنه ينقسم في الواقع إلى قسمين: تطوع مُطْلَق؛ وتطوع مُقَيَّد.
والمقيد أَوْكَد من التطوع المُطْلَق؛ كالصلاة أيضًا، فإن التطوع المُقَيَّد منها أفضل من التطوع المُطْلَق.

يُسَنُّ صِيَامُ أيَّامِ البِيضِ............
قوله: "يسن صيام أيام البيض" لو عبر المؤلف بتعبير أعم، فقال: يسن صيام ثلاثة أيام من كل شهر، والأفضل أن تكون في أيام البيض، لكان أحسن.

وقوله: "يسن"، المسنون: في اصطلاح الأصوليين ما أثيب فاعله امتثالاً ولم يُعَاقَبْ تاركه، وهو درجات ومراتب من حيث الأفضلية، وكثرة الثواب؛ كالواجب. لكن الواجب أحب إلى الله - تعالى - لما ثبت في الحديث الصحيح القدسي أن الله قال: "ما تقرب إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضت عليه))[3].

وقوله: أيام البيض هي اليوم الثالث عشر من الشهر، والرابع عشر، والخامس عشر، ودليل مسنونيتها أن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - أمر بصيامها[4].
وسميت بِيضًا؛ لابيضاض لياليها بنور القمر، ولهذا قيل أيام البيض، أي أيام الليالي البيض، فالوصف للَّيالي؛ لأنها بنور القمر صَارَتْ بيضاء، وذكر أهل العلم بالطب أن فيها فائدة جسمية في هذه الأيام الثلاثة؛ لأنه وقت فوران الدَّمِ وزيادته، إذ إن الدَّمَ - بإذن الله - مَقْرُونٌ بالقمر، وإذا صام فإنه يخف عليه ضغط كثرة الدم فهذه فائدة طبية، لكن كما قلنا كثيرًا بأن الفوائد الجسمية ينبغي أن يجعلها في ثاني الأمر بالنسبة للعبادات، حتى يكون الإنسان مُتعبِّدًا الله لا للمصلحة الجسمية أو الدنيوية، ولكن من أجل التقرب إلى الله بالعبادات.
وهذه الثلاثة تُغْنِي عن صيام ثلاثة أيام من كل شهر، التي قال فيها النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((صيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ صوم الدهر كله))[5]؛ لأنَّ الحسنة بعشر أمثالها، فثلاثة أيام بثلاثين حسنة عن شهر، وكذلك الشهر الثاني والثالث، فيكون كأنما صام السنة كلها، وكان النبي - صلّى الله عليه وسلّم - يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، تقول عائشة: "لا يبالي هل صامها من أول الشهر، أو وسطه أو آخره"[6]، وأمر بها النبي - صلّى الله عليه وسلّم - ثلاثة من أصحابه: أبو هريرة؛ وأبو الدرداء؛ وأبو ذر[7]، فعندنا أمران:

الأمر الأول: استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، سواء أكانت في أول الشهر، أم في وسطه، أم في آخره، وسواء أكانت متتابعة أم متفَرِّقَة.

الأمر الثاني: أنه ينبغي أن يكون الصيام في أيام البيض الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، فتعيينها في أيام البيض تعيين أفضلية؛ كتعين الصلاة في أول وقتها، أي: أنَّ أفضل وقت للأيام الثلاثة هو أيام البيض، ولكن من صام الأيام الثلاثة في غير أيام البيض حصل على الأجر، وهو أجر صيام ثلاثة أيام من كل شهر، لا صيام أيام البيض، وحصل له صيام الدهر.

وَالاثْنَيْنِ والخَمِيسِ،............
قوله: "والاثنين والخميس"؛ أي ويُسَنّ صيام الاثنين، والخميس.
وصوم الاثنين أَوْكَد من الخميس، فيُسَنّ للإنسان أن يصوم يَوْمَي الاثنين والخميس من كل أسبوع.
وقد علل النبي - صلّى الله عليه وسلّم - ذلك: ((بأنهما يومان تُعْرَض فيهما الأعمال على الله - عزّ وجل -)) قال: ((فأحب أن يُعْرَض عملي، وأنا صائم)) [8]، وهذا الحديث اختلف المُحَدِّثُون فيه: فمنهم من ضعفه؛ وقال: لا تقوم به حجة؛ ومنهم من قال: إنه صحيح؛ كابن خزيمة، ومنهم من سكت عنه فلم يحكم له باضطراب ولا تصحيح، وعلى كل حال، فإن الفقهاء اعتبروه واستشهدوا به، واستدلوا به.

وسئل عن صوم يوم الاثنين فقال: ((ذاك يوم ولدت فيه، وبُعِثْتُ فيه، أو أنزل علي فيه))[9]، فبين الرسول - صلّى الله عليه وسلّم - أن صيام يوم الاثنين مطلوب، وعلى هذا فيُسَنّ صيام يومين من كل أسبوع، هما يوم الاثنين والخميس.
وأما صيام يوم الثلاثاء والأربعاء فليس بسنة على التعيين، وإلا فهو سنة مُطْلَقة، يسن للإنسان أن يكثر من الصيام، لكن لا نقول يسن أن تصوم يوم الثلاثاء، ولا يسن أن تصوم يوم الأربعاء، ولا يكره ذلك.

وأما الجمعة فلا يسن صوم يَوْمها، ويكره أن يفرد صومه، والدليل على ذلك:
1 - قول النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يومًا قبله، أو يومًا بعده))[10].
2 - قوله - صلّى الله عليه وسلّم - لإحدى أمهات المؤمنين، وكانت صامت يوم جمعة: ((أصُمْتِ أمس؟))، قالت: "لا"، قال: ((أتصومين غدًا؟)) قالت: "لا"، قال: ((فأفطري))[11]، فدل ذلك على أن يوم الجمعة لا يُفْرَد بصوم؛ بل قد وَرَد النهي عن ذلك.
3 - قوله - صلّى الله عليه وسلّم -: ((لا تخصوا يوم الجمعة بصيام، ولا ليلتها بقيام))[12]، وأما السبت فقيل: إنه؛ كالأربعاء؛ والثلاثاء يباح صومه.

وقيل: إنه لا يجوز إلا في الفريضة، وقيل: إنه يجوز لكن بدون إفراد.
والصحيح أنه يجوز بدون إفراد، أي: إذا صُمْتَ معه الأحد، أو صمت معه الجمعة، فلا بأس، والدليل على ذلك قوله - صلّى الله عليه وسلّم - لزوجته ((أتصومين غدًا؟)) أي: السبت.

وأما الحديث الذي رواه أبو داود: ((لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افْتُرِضَ عليكم، ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجر))[13]؛ يعني فليأكله، فهذا الحديث مختلف فيه؛ هل هو صحيح أو ضعيف؟ وهل هو منسوخ؛ أو غير منسوخ؟[14]، وهل هو شاذ أو غير شاذ؟ وهل المراد بذلك إفراده دون جَمْعِهِ إلى الجمعة أو الأحد؟ وسبق بيان القول الصحيح أن المكروه إفراده، لكن إن أفرده لسبب فلا كراهة، مثل أن يصادف يوم عرفة أو يوم عاشوراء، إذا لم نقل بكراهة إفراد يوم عاشوراء.

وأما الأحد: فبعض العلماء استَحَبَّ أن يصومه الإنسان. وَكَرِهَه بعض العلماء.

أما من استحبه فقال: إنه يوم عيد للنصارى، ويوم العيد يكون يوم أكل وسرور وفرح، فالأفضل مخالفتهم، وصيام هذا اليوم فيه مُخَالَفَة لهم.

وأما من كَرِه صومه فقال: إن الصوم نوع تعظيم للزمن، وإذا كان يوم الأحد يوم عيد للكفار فصومه نوع تعظيم له، ولا يجوز أن يُعَظَّم ما يعظمه الكفار على أنه شعيرة من شعائرهم.

والخلاصة: أن الثلاثاء والأربعاء حكم صومهما الجواز، لا يسن إفرادهما ولا يكره، والجمعة؛ والسبت؛ والأحد يكره إفرادها، وإفراد الجمعة أشد كراهة؛ لثبوت الأحاديث في النهي عن ذلك بدون نزاع، وأما ضمها إلى ما بعدها فلا بأس، وأما الاثنين والخميس فصومهما سنة.

وَسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ،..........
قوله: "وست من شوال"؛ أي: ويسن صوم ست من شوال؛ لقول النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((من صام رمضان، وأتبعه ستًّا من شَوَّال فكأنما صام الدهر كله))[15]، فيسن للإنسان أن يصوم ستة أيام من شوال.

فائدة: قوله - صلّى الله عليه وسلّم -: ((وأتبعه ستًا من شوال)) والمعروف أن تذكير العدد يدل على تأنيث المعدود، والذي يصام اليوم لا الليل فلم لم يقل ستة؟
الجواب: أن الحكم في كون العدد يذكر مع المؤنث، ويؤنث مع المذكر، إذا ذُكِرَ المعدود فتقول ستة رجال، وست نساء، قال تعالى: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} [الحاقة: 7].
أما إذا حذف المعدود فإنه يجوز التأنيث والتذكير، فتقول صمت ستًّا من شوال، وصمت ستة من شوال، ومنه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] والمراد عشرة أيام لكنه ذكَّرها؛ لأن المعدود لم يُذْكَرْ، والظاهر أن الأفصح التذكير؛ لأنَّ هذا هو الذي جاء بلفظ الحديث، وهو أيضًا أخف على اللسان، وهذه القاعدة ما لم يحصل اشتباه، فإن حصل فإنه يجب أن يراعي الأصل؛ أي: لو كان اللفظ يحتمل أن يراد به المذكر أو أن يراد به المؤنث والحكم يختلف، فإن الواجب الرجوع إلى الأصل؛ كالقاعدة العامة في جميع ما يجوز في النحو يقيدونها بما لم يُخْشَ اللبس، فإن خيف اللبس وجب إرجاع كل شيء إلى أصله.
قال الفقهاء - رحمهم الله -: "والأفضل أن تكون هذه الست بعد يوم العيد مباشرة؛ لما في ذلك من السبق إلى الخيرات.
والأفضل أن تكون متتابعة؛ لأن ذلك أسهل غالبًا؛ ولأنَّ فيه سَبْقًا لفعل هذا الأمر المشروع.
فعليه يسن أن يصومها في اليوم الثاني من شوال ويتابعها حتى تنتهي، وهي ستنتهي في اليوم الثامن، من شهر شوال، وهذا اليوم الثامن يسميه العامة عيد الأبرار، أي: الذين صاموا ستة أيام من شوال.
ولكن هذا بِدْعَة فهذا اليوم ليس عِيدًا للأبرار، ولا للفُجَّار.
ثم إن مُقْتَضَى قولهم، أن من لم يصم ستة أيام من شوال ليس من الأبرار، وهذا خطأ، فالإنسان إذا أدى فرضه فهذا بر بلا شك، وإن كان بعض البر أكمل من بعض.

ثم إنَّ السَّنَة أن يصومها بعد انتهاء قضاء رمضان لا قبله، فلو كان عليه قضاء ثم صام الستة قبل القضاء فإنه لا يحصل على ثوابها؛ لأن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال: ((من صام رمضان))، ومن بقي عليه شيء منه، فإنه لا يصح أن يقال إنه صام رمضان؛ بل صام بعضه، وليست هذه المسألة مبنيَّة على الخلاف في صوم التطوع قبل القضاء؛ لأن هذا التطوع - أَعني صوم الست - قَيَّدَهُ النبي - صلّى الله عليه وسلّم – بقيد، وهو أن يكون بعد رمضان، وقد توهم بعض الناس، فظن أنه مبني على الخلاف في صحة صوم التطوع قبل قضاء رمضان، وقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك، وبيَّنَّا أن الراجح جواز التطوع وصحته، ما لم يضق الوقت عن القضاء.

تنبيه: لو أُخِّر صيام الست من شوال عن أول الشهر ولم يبادر بها، فإنه يجوز لقوله - صلّى الله عليه وسلّم -: ((ثم أتبعه ستًّا من شوال)) فظاهره أنه ما دَامَت الست في شوال، ولو تَأَخَّرَتْ عن بداية الشهر فلا حَرَج، لكن المبادرة وتتابعها أفضل من التأخير والتفريق، لما فيه من الإسراع إلى فعل الخير، ويستثنى من قول المؤلف "ستًّا من شوال" يستثنى يوم العيد؛ لأنه لا يجوز صومه.

مسألة: لو لم يتمكن من صيام الأيام الستة في شوال لعذر؛ كمرض؛ أو قضاء رمضان كاملًا حتى خرج شوال، فهل يقضيها ويكتب له أجرها، أو يقال هي سنة فات محلها فلا تُقْضَى؟
الجواب: يقضيها ويكتب له أجرها؛ كالفرض إذا أَخَّرَهُ عن وقته لعذر؛ وكالراتبة إذا أخرها لعذر حتى خرج وقتها، فإنه يقضيها؛ كما جاءت به السنة.
فائدة: كَرِه بعض العلماء صيام الأيام الستة كل عام؛ مخافة أن يظن العامة أن صيامها فرض، وهذا أصل ضعيف غير مستقيم؛ لأنه لو قيل به لزم كراهة الرواتب التابعة للمكتوبات، أن تصلى كل يوم، وهذا اللازم باطل، وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم، والمحذور الذي يخشى منه يزول بالبيان.

وَشَهْرِ المُحَرَّمِ،...........
قوله: "وشهر المحرم"؛ أي: يسن صوم شهر المحرم، وهو الذي يلي شهر ذي الحجة، وهو الذي جعله الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أول شهور السنة، وصومه أفضل الصيام بعد رمضان، كما قال النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المُحَرَّم))[16].

واختلف العلماء - رحمهم الله - أيهما أفضل صوم شهر المحرم، أم صوم شهر شعبان؟
فقال بعض العلماء: شهر شعبان أفضل؛ لأن النبي كان يصومه، إلا قليلاً منه ولم يحفظ عنه أنه كان يصوم شهر المحرم؛ لكنه حث على صيامه بقوله: ((إنه أفضل الصيام بعد رمضان)).
قالوا: ولأن صوم شعبان ينزل منزلة الراتبة قبل الفريضة، وصوم المحرم ينزل منزلة النفل المطلق، ومنزلة الراتبة أفضل من منزلة النفل المطلق، وعلى كل فهذان الشهران يسن صومهما، إلا أن شعبان لا يكمله.

وآكَدُهُ العَاشِرُ، ثُمَّ التَّاسِعُ، وَتِسْعِ ذِي الحِجَّةِ..........
قوله: "وآكده العاشر ثم التاسع" يعني آكد صوم شهر المحرم العاشر ثم التاسع؛ لأن النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: "سُئِل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: ((أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله))[17]، فهو آكد من بقية الأيام من الشهر.
ثم يليه التاسع؛ لقوله - صلّى الله عليه وسلّم -: ((لئن بقيت، أو لئن عشت إلى قابل لأَصُومَنَّ التاسع))[18] يعني مع العاشر.

وهل يكره إفراد العاشر؟
قال بعض العلماء: إنه يكره؛ لقول النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((صوموا يومًا قبله، أو يومًا بعده خالفوا اليهود))[19].
وقال بعض العلماء: إنه لا يكره، ولكن يفوت بإفراده أجر مخالفة اليهود.
والراجح أنه لا يكره إفراد عاشوراء.

فإن قال قائل: ما السبب في كون يوم العاشر آكد أيام محرم؟
فالجواب أن السبب في ذلك أنه اليوم الذي نَجَّى الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه؛ كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح، عن النبي - صلّى الله عليه وسلّم -، وفي هذا الحديث دليل على أن التوقيت كان في الأمم السابقة بالأهِلَّة، وليس بالشهور الأفرنجية؛ لأن الرسول - صلّى الله عليه وسلّم - أخبر بأن اليوم العاشر من مُحَرَّم، هو اليوم الذي أهلك الله فيه فرعون وقومه، ونجى موسى وقومه[20].
قوله: "وتسع ذي الحجة"؛ أي: ويسن صوم تسع ذي الحجة.
وتسع ذي الحِجَّة تبدأ من أول أيام ذي الحجة، وتنتهي باليوم التاسع، وهو يوم عرفة، والحِجَّة بكسر الحاء أفصح من فتحها، وعكسها القَعْدة.
ودليل استحبابها قول النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله، من هذه الأيام العشر))[21]، والصوم من العمل الصالح.

وقد ورد حديثان متعارضان في هذه الأيام، أحدهما أن الرسول - صلّى الله عليه وسلّم - لم يكن يصوم هذه الأيام التسعة[22]، والثاني أنه كان يصومها[23]، وقد قال الإمام أحمد - - رحمه الله - في التعارض بين هذين الحديثين: إن المثبت مُقَدَّم على النافي، ورجح بعض العلماء النفي؛ لأن حديثه أصح من حديث الإثبات، لكن الإمام أحمد جعلهما ثابتين كليهما، وقال: إن المثبت مُقَدَّم على النافي، ونحن نقول: إذا تعارضا تساقطا بدون تقديم أحدهما على الآخر، فعندنا الحديث الصحيح العام: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر)) [24]، فالعمل الصالح في أيام عشر ذي الحجة، ومن ذلك الصوم أحب إلى الله من العمل الصالح في العشر الأواخر من رمضان، ومع ذلك فالأيام العشر من ذي الحِجَّة، الناس في غفلة عنها، تَمُرُّ والناس على عاداتهم لا تجد زيادة في قراءة القرآن، ولا العبادات الأخرى بل حتى التكبير بعضهم يشح به.

وآكَدُهُ يَوْمُ عَرَفَةَ لِغَيْرِ حَاجٍّ بِهَا،.............
قوله: ((وآكده يوم عرفة))؛ أي: آكد تسع ذي الحجة، صيام يوم عرفة لغير حاج بها، ويوم عرفة هو اليوم التاسع، وإنما كان آكد أيام العشر؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – "سُئِل عن صوم يوم عرفة فقال - صلّى الله عليه وسلّم -: ((أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده)) [25]، وعلى هذا؛ فصوم يوم عرفة أفضل من صوم عاشوراء؛ لأنَّ صوم عاشوراء قال فيه الرسول - صلّى الله عليه وسلّم -: ((أحْتَسِب على الله أن يكفر السنة التي قبله)) فقط.

قوله: "لغير حاج بها" الباء بمعنى في، وقوله "لغير حاج بها" اشترط المؤلف شَرْطَيْن: الأول: لغير حاج، الثاني: بها، أي: في عَرَفة، فظاهره أنه لو كان الحاج في غير عرفة، مثل أن يصادفه يوم عرفة في الطريق، ولم يصل إلى عرفة إلا في الليل، فظاهر كلام المؤلف أن صوم هذا اليوم مشروع، وظاهره أيضًا أنه لو كان الإنسان بِعَرفة لكنه لم يحج مثل العمال وشبههم فإنه يصوم، فالحاج في عَرَفَة لا يصوم، وليس مشروعًا له الصوم؛ لأن النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة)) [26]، وهذا الحديث في صحته نَظَر، لكن يؤيده أن الناس شَكُّوا في صومه - صلّى الله عليه وسلّم - يوم عرفة، فأرسل إليه بقدح من لبن فشربه ضُحَى يوم عرفة والناس ينظرون إليه[27]؛ ليتبين لهم أنه لم يَصُم؛ ولأن هذا اليوم يوم دُعاء وعَمَل، ولاسيَّما أن أفضل زمن الدعاء هو آخر هذا اليوم، فإذا صام الإنسان فسوف يأتيه آخر اليوم وهو في كسل وتعب، لاسيما في أيام الصيف وطول النهار وشدة الحر، فإنه يتعب وتزول الفائدة العظيمة الحاصلة بهذا اليوم، والصوم يدرك في وقت آخر؛ ولهذا فالصواب أن صوم يوم عرفة للحاج مكروه، وأما لغير الحاج فهو سُنَّة مؤكدة.

وَأَفْضَلُهُ صَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ.............
قوله: "وأفضله صوم يوم وفطر يوم"؛ أي: أفضل صوم التطوع صوم يوم، وفطر يوم.
فإذا قال قائل: لماذا لم يفعله الرسول - صلّى الله عليه وسلّم -، والرسول ينشر الأفضل وهو أخشانا لله، وأتقانا له؟ قلنا: لأن الرسول - صلّى الله عليه وسلّم - يشتغل بعبادات أخرى أَجَلّ من الصيام، منَ الدعوة إلى الله، والأعمال الأخرى الوظيفية التي تستدعي أن يفعلها، ولهذا ثبت عنه فضل الأَذَان، وأن المؤذنين أطول الناس أعناقًا يوم القيامة [28]، ومع ذلك لم يُبَاشِرْه؛ لأنه مشغول بعبادات أخرى جليلة لا يتمكن من مراقبة الشمس في طلوعها، وزوالها وما أشبه ذلك، وقال في الرجل الذي دَخَل وصَلَّى وحده: من يتصدق على هذا ؟ فقام بعض أصحابه فصلى معه [29]، فلا يقول قائل: لماذا لم يقم هو لأنها صدقة، وهو أسبق الناس إلى الخير؟ فالجواب؛ لأنه مشتغل بما هو أهم، من تعليم الناس، والتحدث إليهم وتأليفهم وما أشبه ذلك، المهم أنه لا يُظن أن الرسول - صلّى الله عليه وسلّم - إذا ندب إلى فعل شيء، وبين أنه أفضل ولم يفعله هو، فهو قصور منه - صلوات الله وسلامه عليه - ولكن اشتغاله بما هو أَوْلَى وأهم، ولهذا لما سُئِل عن صوم يوم وإفطار يومين؟ قال: ((ليت أنا نقوى على ذلك)) [30]، يعني أنه ما يقوى على ذلك مع أعماله الأخرى الجليلة، التي لا يقوم بها غيره.

وعلى هذا إذا جاءنا طالبُ علم، وقال: إنني إذا صمت قصرت عن طلب العِلْم، وصار عندي خَورٌ وضَعْف وتَعَب، وإذا لم أصم نشطت على العلم، فهل الأفضل في أن أصوم يومًا وأفطر يومًا؛ لأنه أفضل الصيام، أو أن أقوم بطلب العلم؛ نقول: الأفضل أن تقوم بطلب العلم.

وإذا جاءنا رجل عابد ليس له شُغل، لا قيام على عائلة، ولا طلب علم، وقال: ما الأفضل لي، أن أصوم يومًا وأفطر يومًا، أو لا أصوم؟ نقول: الأفضل أن تصوم يومًا وتفطر يومًا، فالمهم أن التفاضل في العبادات، وتمييز بعضها عن بعض، وتفضيل بعضها على بعض، أمر ينبغي التفطن له؛ لأن بعض الناس قد يلازم طاعة معينة، ويترك طاعات أهم منها وأنفع، وقد جاء وفد إلى النبي - صلّى الله عليه وسلّم - فجلس يتحدث إليهم، وترك راتبة الظهر ولم يصلها إلا بعد العصر[31]، فعلى هذا ينبغي للإنسان أن يعادل بين نوافل العبادات، وإذا ترك شيئًا لما هو أهم منه، فلا يقال إنه تركه، بل فعل ما هو خير منه، فلا يعد ذلك قصورًا.

ودليل ذلك أن عبد الله بن عمرو بن العاص - رَضِي الله عنهما - قال: "لأصومن النهار ولا أفطر، ولأقومن الليل ولا أنام"، فبلغ ذلك النبي - صلّى الله عليه وسلّم - فسأله: ((أنت الذي قلت كذا؟)) قال: "نعم"، فقال له النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((صُمْ كذا، صم كذا))، قال: "إني أطيق أكثر من ذلك"، حتى قال له: ((صم يومًا وأفطر يومًا فذلك أفضل الصيام، وهو صيام داود))، وقال له في القيام: ((نَمْ نصف الليل، وقم ثلث الليل، ونم سدس الليل، فذلك أفضل القيام وهو قيام داود)) [32]؛ لأن هذا الصيام يعطي النفس بعض الحرية، والبدن بعض القوة؛ لأنه يصوم يومًا ويفطر يومًا، وكذلك القيام إذا نام نصف الليل، ثم قام ثلثه، ثم نام سدسه، فإن تعبه في قيام الثلث سوف يزول بنومه السدس، فيقوم في أول النهار نشيطًا.

ولكن هذا - أي: صوم يوم وفطر يوم - مشروط بما إذا لم يضيع ما أَوْجَبَ الله عليه، فإن ضَيَّعَ ما أوجب الله عليه كان هذا مَنْهِيًّا عنه؛ لأنه لا يمكن أن تضاع فريضة من أجل نافلة، فلو فرض أن هذا الرجل إذا صام يومًا وأفطر يومًا، تخلف عن الجماعة في المسجد، لأنَّه يتعب في آخر النهار، ولا يستطيع أن يَصِلَ إلى المسجد، فنقول له: لا تفعل؛ لأن إضاعة الواجب أعظم من إضاعة المستحب، فهذا مستحب لا تأثم بتركه، فاتركه.
كذلك لو انشغل بذلك عن مؤونة أهله، أي: انقطع عن البيع والشراء والعمل الذي يحتاجه لمؤونة أهله، فإننا نقول له: لا تفعل؛ لأنَّ القيام بالواجب أهم من القيام بالتَّطَوُّع، وكذلك لو أدى هذا الصيام إلى عدم القيام بواجب الوظيفة، كان منهيًا عنه.

وقد التزم عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - بذلك حتى كبر فتمنى أنه قبل رخصة النبي - صلّى الله عليه وسلّم - أن يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، حتى اجتهد - رضي الله عنه - فصار يصوم خمسة عشر يومًا مُتتابعة، ويفطر خمسة عشر يومًا متتابعة، ويرى أن هذا بدل عن صيام يوم، وإفطار يوم.

ونأخذ من هذا فائدة، وهي أن الإنسان ينبغي ألا يقيس نفسه في مستقبله على حاضره، فقد يكون الإنسان في أول العبادة نشيطًا يرى أنه قادر، ثم بعد ذلك يلحقه الملل، أو يلحقهُ ضعف وتعب، ثم يندم، لهذا ينبغي للإنسان أن يكون عمله قَصْدًا، ولهذا قال النبي - صلّى الله عليه وسلّم - مُرْشِدًا أمته: ((اكْلَفُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ)) [33]؛ أي: لا تكلفوا أنفسكم، وقال: ((استعينوا بالغدوة والروحة، وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا)) [34]، وقال ((إن المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى)) [35]،والمنبت هو الذي يسير ليلاً ونهارًا، فالإنسان ينبغي له أن يقدر المستقبل، لا يقول أنا الآن نشيط سأحفظ القرآن، والسنة، وزاد المستقنع، وألفية ابن مالك كلها في أيام قليلة، فهذا لا يمكن، فأعط نفسك حقها، وقد قال النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل)) [36]، وكثير من الناس يكون عنده رغبة إما في العبادة، أو طلب العلم أو غير ذلك، ثم بعد هذا يكسل، فالذي ينبغي للإنسان، أن ينظر للمستقبل؛ كما ينظر للحاضر.

وفي حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - دليل على أن صوم يوم الجمعة أو السبت، إذا صَادَفَ يومًا غير مقصود به التخصيص فلا بأس به؛ لأنه إذا صام يومًا، وأفطر يومًا فسوف يصادف الجمعة والسبت، وبذلك يتبيَّن أن صومهما ليس بحرام، وإلاَّ لقال النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: صُمْ يومًا، وأفطر يومًا، ما لم تصادف الجمعة والسبت.

وَيُكْرَهُ إِفرَادُ رَجَبٍ، والجُمُعَةِ، وَالسَّبْتِ، والشَّكِ............
قوله: "ويكره إفراد رجب"؛ يعني بالصوم.
علَّلُوا هذا بأنه من شعائر الجاهلية، وأن أهل الجاهلية هم الذين يُعَظِّمُون هذا الشهر، أما السنة فلم يرد في تعظيمه شيء، ولهذا قالوا: إن كل ما يروى في فضل صومه، أو الصلاة فيه من الأحاديث، فكَذِب باتفاق أهل العلم بالحديث، وقد ألَّف ابن حجر - رحمه الله - رسالة صغيرة في هذا، وهي "تبيين العجب فيما ورد في فضل رَجَب".
ويؤخذ من قوله: "إفراد رجب" أنه لو صامه مع غيره، فلا يُكْرَه؛ لأنه إذا صام معه غيره لم يكن الصيام من أجل تخصيص رجب، فلو صام شعبان ورجبًا فلا بأس، ولو صام جمادى الآخرة ورجبًا فلا بأس.

قوله: "والجمعة" أي يكره إفراد الجمعة، والدليل أن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال: ((لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يومًا قبله، أو يومًا بعده))[37]، وقال: ((لا تخصوا يوم الجمعة بصيام، ولا ليلتها بقيام))[38]، وقال لإحدى أمهات المؤمنين، وقد وجدها صائمة يوم الجمعة: ((أَصُمْت أمس؟)) قالت: "لا"، قال: ((أتصومين غدًا؟)) قالت: "لا"، قال: ((فأفطري))[39]، فإن صامها مع غيرها فلا يكره، فلو صام الخميس والجمعة فلا بأس، أو الجمعة والسبت فلا بأس.

وإن صامها وحدها لا للتخصيص، لكن لأنه وقت فراغه؛ كرجل عامل يعمل كل أيام الأسبوع، وليس له فراغ إلا يوم الجمعة، فهل يُكْرَه؟
الجواب: عندي فيه تردد، فإن نظرنا إلى ما رواه مسلم: ((لا تَخُصُّوا يوم الجمعة بصيام)) قلنا: لا بأس؛ لأنَّ هذا لم يخصه، وإن نظرنا إلى حديث ((أصمت أمس؟)) قالت: "لا"، قال: ((أتصومين غدًا؟)) قالت: "لا"، قال: ((فأفطري))، فإن هذا قد يُؤْخذ منه أنه يكره إفرادها، وإن كان في الأيام الأخرى لا يستطيع، وقد لا يؤخذ منه، فيقال: إن قول الرسول - صلّى الله عليه وسلّم -: ((أَصُمْتِ أمس؟ أو أتصومين غدًا؟))، يدل على أنها قادرة على الصوم.
فالحاصل أنه إذا أفرد يوم الجمعة بصوم لا لقصد الجمعة، ولكن لأنه اليوم الذي يحصل فيه الفراغ، فالظاهر - إن شاء الله - أنه لا يكره، وأنه لا بأس بذلك.

قوله: "والسبت"؛ أي: يُكْره إفراده؛ لحديث: ((لا تصوموا يوم السبت، إلا فيما افترض عليكم))[40]، فيُحْمَل - إن صح - على النهي عن إفراده، وأمَّا جمعه، مع الجمعة، فلا بأس؛ لقول النبي - صلّى الله عليه وسلّم - لجويرية: ((أتصومين غدًا؟))، فَدَلّ هذا على أن صومه مع الجمعة لا بأس به، وهذه المسألة قد يلغز بها فيقال: يومان إن أفرد أحدهما بالصوم كره، وإن اجتمعا فلا كراهة؟ مع أن الذي يتبادر أن المكروه إذا ضم إلى مكروه ازدادت الكراهة، لكن هذا إذا ضم المكروه إلى مكروه زالت الكراهة، فيجاب أن الكراهة هي الإفراد، فإذا صام الجميع فلا كراهة، فإن قيل حديث النهي عن صوم السبت عام ليس فيه تفصيل، فالجواب أنه إذا ورد ما يخصص العام وجب العمل به، وقد ورد ما يدل على جواز صومه مع الجمعة، وهذا تخصيص.

قوله: "والشك"؛ أي: يُكْرَه صوم يَوْم الشك، ويوم الشك هو ليلة الثلاثين من شعبان، إذا كان في السماء ما يمنع رؤية الهلال؛ كغيم؛ وقتر.
وقيل: هو يوم الثلاثين من شعبان، إذا كانت السماء صَحْوًا.
والأول أرجح؛ لأنَّه إذا كانت السماء صحوًا، وتراءى الناس الهلال، ولم يروه، لم يبق عندهم شك أنه لم يَهِلّ، والشك يكون إذا كان هناك ما يمنع رؤية الهلال، ولكن لما كان فقهاؤنا - رحمهم الله - يرون أنه إذا كان ليلة الثلاثين، وحال ما يمنع رؤيته من غيم أو قتر يجب صومه، حملوا الشك على ما إذا كانت السماء صحوًا، وهذه آفة يلجأ إليها بعض العلماء، وسبب هذه الآفة أن الإنسان يعتقد قبل أن يستدل، وهذا خطأ، والواجب أن تجعل اعتقادك تابعًا للدليل، فتستدل أولاً، ثُمَّ تَحْكُمُ ثانيًا.
فالأرجح: أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان، إذا كان في السماء ما يمنع رؤية الهلال، وأما إذا كانت السماء صحوًا فلا شكَّ.

وهل صومه مكروه؛ كما قال المؤلف أو محرم؟
الجواب: في هذا خلاف بين العلماء:
القول الأول: أنه مُحَرَّم.
القول الثاني: أنه مكروه.

والصحيح أن صومه مُحَرَّم إذا قصد به الاحتياط لرمضان، ودليل ذلك:
1 - قول عمار بن ياسر - رضي الله عنهما -: ((من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم - صلّى الله عليه وسلّم -))[41].
2 - قوله - صلّى الله عليه وسلّم -: ((لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صومًا فليصمه))[42].
3 - ولأنه نوع من التعدي لحدود الله، فإن الله يقول في كتابه: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، ورسوله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: ((إذا رأيتموه فصوموا، فإن غَمَّ عليكم فأكملوا العِدَّة ثلاثين))[43].

وَيَحْرُمُ صَوْمُ العِيدَيْنِ وَلَوْ فِي فَرْضٍ، وَصِيَامُ أيَّامِ التَّشْرِيقِ، إلاَّ عَنْ دَمِ مُتْعَةٍ وَقِرَانٍ.
قوله: "ويحرم صوم العيدين" هما يوم عيد الفطر، ويوم عيد الأضحى، والدليل على ذلك:
1 - أن النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: "نهى عن صوم يومي العيدين، عيد الفطر، وعيد الأضحى" [44]، وخطب عمر - رضي الله عنه - في ذلك على المنبر، وقال: "هذان يومان نهى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - عن صومهما يوم النحر، ويوم الفطر" [45]، والحكمة في ذلك، أما يوم الفطر: فلأنه يوم الفطر من رمضان ولا يتميز تحديد رمضان إلا بفطر يوم العيد، وأما الأضحى فلأنه يوم النحر، ولو صام الناس فيه لعدلوا فيه عما يحبه الله - عزّ وجل - مما أمر به في قوله: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28] وكيف يأكل منها من كان صائمًا؟!

2 - أن العلماء - رَحِمَهم الله - أجمعوا على أن صومهما محرم، فلا يجوز لإنسان أن يصوم يوم العيدين.

ولكن لو أن العيد كان عندنا هنا، وكان في شرق آسيا مثلًا ليس يوم العيد، فهل يحرم عليهم الصوم؟
الجواب: نقول على مذهب من يَرَى أنه إذا ثبتت الرؤية في مكان من الأرض بطريق شرعي، فهي للجميع يكون صوم الذين في شرق آسيا حرامًا؛ لأن هذا اليوم يوم عيد لهم، وإذا قلنا إن كل قوم لهم رؤيتهم وهم لم يروه ونحن رأيناه، فإنه لا يحرم عليهم، ويحرم علينا نحن.

قوله: "ولو في فرض"؛ أي: ولو كان في فرض، فإنه يحرم أن يصوم يومي العيدين، فلو كان على الإنسان قضاء من رمضان، وقال: أحب أن أبدأ بالقضاء من أول يوم من شوال، قلنا: هذا حَرَام، ولو أنه نذر أن يصوم يوم الاثنين فصادف يوم العيد، فإنه حرام عليه.

قوله: "وصيام أيام التشريق إلا عن دم متعة وقران"؛ أي: يحرم؛ لأن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال فيها: ((أيام التشريق أيام أكل؛ وشرب؛ وذكر لله - عزّ وجل -)) [46]، وهذا يدل على أن هذه الأيام لا تصلح أن تكون أيام إمساك، إنما هي أيام أكل وشرب وذكر لله، وأيام التشريق ثلاثة بعد يوم النحر هي الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، وهذه الأيام تسمى أيام التشريق؛ لأن الناس كانوا يشرقون فيها اللحم، أي: يقددونه، ثم ينشرونه في الشمس من أجل أن ييبس حتى لا يتعفَّن، ويَفْسد.

وقوله: ((إلا عن دم متعة وقران"؛ أي: فيجوز صيامها فإذا حج الإنسان وكان متمتعًا، والمتمتع هو الذي يأتي بالعمرة أولاً في أشهر الحج، ثم يحل، ويأتي بالحج في عامِه بعد ذلك، فعليه الهَدْي، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رَجَع، والقارن؛ كالمتمتع، وهو الذي يحرم بالعمرة والحج جميعًا، فيقول: لبيك عمرة وحجًا، أو يحرم بالعمرة أولاً، ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها، فعليه الهدي، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع من الحج.
ودم المتعة والقران إذا لم يجدهما الحاج، فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رَجَع، وتبتدئ هذه الأيام الثلاثة في حين الإحرام بالعمرة، ولو كان قبل شهر ذي الحجة، فإذا كان مُتَمَتِّعًا، وأحرم بالعمرة في آخر ذي القعدة، وهو يعلم أنه لن يجد الهدي، لأنه ليس معه دراهم، فله أن يصوم.

فإن قيل: كيف يصوم في العمرة والآية الكريمة يقول الله فيها: {ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196]؟
فالجواب، قول النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((دخلت العمرة في الحج))[47].
وينتهي صوم الثلاثة بآخر يوم من أيام التشريق، وعلى هذا فإذا لم يصم قبل ذلك، فإنه يصوم الأيام الثلاثة الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر.
ودليل ذلك حديث عائشة، وابن عمر - رضي الله عنهم - أنهما قالا: "لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي)) [48]،وقول الصحابي لم يرخص، أو رخص لنا، أو ما أشبه ذلك يعتبر مرفوعًا حكمًا.
مسألة: اختلف الفقهاء في حكم صوم أعياد الكفار.

فقيل: بالكراهة؛ لأن ذلك يعطي الكفار قوة؛ حيث يقولون: هؤلاء المسلمون يعظمون أعيادنا!

وقيل: بعدم الكراهة؛ لأن الصوم ضد الفطر، وفي الفطر فرح وسرور، فكأنه يقول للكفار: أنتم تبتهجون بهذا اليوم، ونحن نقابلكم بالصوم والإمساك.
والأولى أن يقال بالكراهة، وألا نهتم بأعياد الكفار، إلا على سبيل التحذير منها.

قوله: "ومن دخل في فرض موسع حرم قطعه".
الواجبات ثلاثة أقسام: مُوَسَّعَة، ومُضَيَّقَة من أصل المشروعية، ومضيقة تضييقًا طارئًا، مثال التضييق الطارئ" لو لم يبق على طُلُوع الشمس إلا مقدار ما يصلي صلاة الفجر، فيكون الوقت مضيقًا فإذا شرع في صلاة الفجر، فلا يجوز قطعها.
كذلك قضاء رمضان موسع فإذا لم يبق بينه وبين رمضان إلا مقدار الأيام التي عليه صار مضيقًا.

وَمَنْ دَخَلَ فِي فَرْضٍ مُوَسَّعٍ حَرُمَ قَطْعُهُ. وَلاَ يَلْزَمُ فِي النَّفلِ، وَلاَ قَضَاءُ فَاسِدِهِ.......
وقوله: "ومن دخل في فرض موسع حرم قطعه"؛ أي: من شرع في فرض موسع، فإنه يحرم عليه قطعه، ويلزمه إتمامه إلا لِعُذْر شرعي.
مثال ذلك: لما أُذِّنَ لصلاة الظهر قام يصلي الظهر، ثم أراد أن يقطع الصلاة، ويصلي فيما بعد؛ فإنه لا يحل له ذلك، مع أن الوقت موسع إلى العصر؛ لأنه واجب شرع فيه، وشروعه فيه يشبه النذر، فيلزمه أن يتم.
ومن دخل في فرض مضيق حرم قطعه من باب أولى، فلو دخل في الصلاة، ولم يبق في الوقت إلا مقدار ركعات الصلاة، حرم عليه القطع من باب أولى؛ لأنه إذا حرم القطع في الموسع ففي المضيق من باب أولى.
لكن يستثنى ما إذا كان لضرورة، مثل أن يشرع الإنسان في الصلاة، ثم يضطر إلى قطعها لإطفاء حريق، أو إنقاذ غريق، أو ما أشبه ذلك ففي هذه الحال له أن يقطع الصلاة.

وهل يجوز أن يقطع الفرض ليأتي بما هو أكمل، مثل: أن يشرع في الفريضة منفردًا، ثم يحس بجماعة دخلوا؛ ليصلوا جماعة فيقطعها من أجل أن يدخل في الجماعة؟
الجواب: نعم، له ذلك؛ لأن هذا الرجل لم يعمد إلى معصية الله ورسوله - صلّى الله عليه وسلّم - بقطع الفريضة، ولكنه قطعها؛ ليأتي بها على وجه أكمل، فهو لمصلحة الصلاة في الواقع، فلهذا قال العلماء في مثل هذه الحال له أن يقطعها لما هو أفضل.

وربما يستدل لذلك بقصة الرجل الذي أتى النبي - صلّى الله عليه وسلّم - في مكة وقال: "يا رسول الله، إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي ركعتين في بيت المقدس، قال: ((صلِّ هاهنا))، فأعاد عليه مَرَّتَيْنِ أو ثلاثًا، فقال: شأنك"[49]، فأذن له بالصلاة في مكة؛ لأنها أفضل، وإن كان ذهابه لبيت المقدس فيه نوع من المشقة والتعب، ولكن تَقَصُّد التعبِ في العبادة ليس بمشروع لقوله تعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} [النساء: 147]، لكن إذا كانت العبادة لا تأتي إلا بالتعب كانت أفضل، وهذه مسألة ينبغي للإنسان أن ينتبه لها، وهي هل تقصد التعب في العبادة أفضل أم الراحة؟
الجواب الراحة أفضل، لكن لو كانت العبادة لا تأتي إلا بالتعب والمشقة، كان القيام بها مع التعب والمشقة أعظم أجرًا؛ ولهذا قال النبي - صلّى الله عليه وسلّم - فيما يرفع الله به الدرجات ويكفر به الخطايا: ((إسباغ الوضوء على المكاره))[50]، ولكن لا نقول للإنسان إذا كان يمكنك أن تسخن الماء، فالأفضل أن تذهب إلى الماء البارد ولا تسخنه لا نقول هذا، ما دام الله يَسَّرَ عليك، فيَسِّرْ على نفسك.

قوله: "ولا يلزم في النفل" أي: لا يلزم الإتمام في النفل؛ ودليل ذلك: أن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - دخل على أهله ذات يوم فقال: ((هل عندكم شيء؟)) قالوا: "نعم، عندنا حيس"، قال: ((أرينيه - يقوله لعائشة - فلقد أصبحت صائمًا))، فأرته إياه فأكل"[51]، وقال: ((إنما مثل الصوم، أو قال صوم النفل؛ كمثل الصدقة يخرجها الرجل من ماله، فإن شاء أمضاها، وإن شاء ردها))[52]، وهذا الصوم نفل، فقطعه النبي - صلّى الله عليه وسلّم - وأكل، فدَلّ هذا على أن النفل أمره واسع للإنسان أن يقطعه، ولكن العلماء يقولون: "لا ينبغي أن يقطعه إلا لغرض صحيح".
ومنه إذا دعيت إلى وليمة وأنت صائم، فإنك تدعو ولا تأكل لكن إن جبرت قلب صاحبك فإنك تأكل، ومعنى ذلك أنك ألغيت الصوم؛ لكن خروجك من الصوم هنا لغرض صحيح، وهو جبر قلب أخيك المسلم.
ولو أن رجُلاً واعد جماعة في مسجد، ثم حضر إلى المسجد فإذا هم لم يحضروا فقام يُصَلِّي نفلاً، فحضروا فله أن يقطع النفل، ومثله رجل عيَّن دراهم معينة لفلان الفقير، يريد أن يتصدق بها عليه، فيجوز أن يعدل عن ذلك ما دام أنه لم يقبضها الفقير فهي ملكه، إن شاء أمضاها، وإن شاء لم يمضها.
وبهذا نعرف خطأ ما يفعله بعض العامة، يكون قد اعتاد أن يؤدي فطرته لشخص معين، فيحجزها له حتى إنه في بعض الأحيان يفوت وقت الدفع وهو حاجزها له، فنقول: حتى لو نويتها لفلان فإذا جاء وقت الدفع فعليك أن تدفعها إلى غيره.

واستدلوا لقولهم بالآتي:
1 - بعموم قوله تعالى: {وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33].
2 - أن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال لعبد الله بن عمرو - رَضِيَ الله عنهما -: ((لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل))[53]، فإذا كان النبي - صلّى الله عليه وسلّم - انتقده لترك قيام الليل، فكيف بمن تلبس بالنافلة، فإنّ انتقاده إذا تركها من باب أولى؟ ولهذا نقول للإنسان إذا شرع في النافلة: لا تقطعها إلا لغرض صحيح.

وهل من الغرض الصحيح إذا دخل في صلاة النافلة، فنادته أمه أن يرد عليها، فيقطع الصلاة؟
الجواب: فيه تفصيل: إذا كانت الأم إذا علمت أنه في صلاة فلا ترضى أن يقطعها، بل تحب أن يمضي في صلاته، فهنا لا يقطعها؛ لأنه لو قطع الصلاة، وقال لأمه: أنا قطعت الصلاة من أجلك، قالت: لِمَ قطعتها؟
أما إذا كانت ممن لا يعذر في مثل هذه الحال؛ لأن بعض النساء، لا يعذرن في مثل هذه الحال، ففي هذه الحال نقول: اقطعها.
أما لو ناداه الرسول - صلّى الله عليه وسلّم - وهذه المسألة لا تَرِد الآن، لكن فرضها نظريًّا وعلميًّا، فيجب عليه أن يقطع الصلاة؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24].

ولكن لو قال قائل: إن الآية فيها: {إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، فلا بد أن نعلم أنه دعانا لشيء ينفعنا؟
فالجواب: أن هذا القيد ليس قيد احتراز، ولكنه قيد لبيان الواقع، فإن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - لا يدعونا إلا لما فيه حياتنا، ومثل هذا القيد - أعني القيد الذي لبيان الواقع – يكون؛ كالتعليل للحكم؛ فكأنه قال هنا؛ لأنه لا يدعوكم إلا لما يحييكم.
قوله: "ولا قضاء فاسده"؛ أي: لو فَسَدَ النَّفْل فإنه لا يلزمه القضاء، مثال ذلك: رجل صام تَطَوُّعًا ثم أفسد الصوم بأكل، أو بشرب، أو جماع، أو غير ذلك، فإنه لا يلزمه القضاء؛ لأنه لو وجب القضاء لوجب الإتمام، فإذا كان لا يجب الإتمام؛ فإنه لا يجب القضاء من باب أولى.

وإن شرع في صوم منذور، فهل يجوز قطعه؟
الجواب: لا؛ لأنه واجب، فإن قطعه لزمه القضاء.
إِلاَّ الحَجَّ وَتُرْجَى لَيْلَةُ القَدْرِ فِي العَشْرِ الأواخِرِ مِنْ رَمَضان وأوتاره آكد. وَلَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ أبلَغُ ويَدْعُوا فِيها بِمَا وَرَدْ.

قوله: "إلا الحج"؛ أي: إلا الحج فإنه يلزمه إتمامه، ولو كان نَفْلاً، ويجب قضاء فاسده، ولو كان نفلاً لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالَعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]، وهذه الآية نزلت قبل فرض الحج؛ لأنها نزلت في السنة السادسة في الحديبية، والحج إنما فرض في السنة التاسعة أو العاشرة، ومع هذا أمر الله بإتمامهما مع أنهما نفل لم يُفْرَضَا بعد، ودلَّتِ السنة على وجوب قضائه.
والحِكْمَة من ذلك أن الحج والعمرة لا يحصلان إلا بمَشَقَّة، ولاسيَّما فيما سَبَقَ من الزَّمَنِ، ولا ينبغي للإنسان بعد هذه المشقة أن يفسدهما؛ لأن في ذلك خسارة كبيرة، بخلاف الصلاة، أو الصوم، أو ما أشبه ذلك.

وقوله: "إلا الحج" لم يذكر المؤلف العُمْرَة، فهل هذا من باب الاكْتِفَاء، أو هناك قول آخر بأنّ العُمْرَة لا يلزم إتمامها.
الجواب: الظاهر أنه من باب الاكتفاء، والعمرة تسمى حَجًّا أَصْغَر؛ كما في حديث عمرو بن حزم المشهور المرسل الذي تلقته الأمة بالقبول وفيه: ((العمرة الحج الأصغر))[54]، وعليه فالعمرة مثل الحج إذا شرع في نفلها لزمه الإتمام، وإن أفسده لزمه القضاء.

مسألة إذا فسد الحج وهو نفل، فهل يلزمه أن يقضيه؟
الجواب: نعم؛ لأن قوله: "إلا الحج" مُسْتَثْنًى من قوله: "ولا يلزم في النفل، ولا قضاء فاسده إلا الحج" وعلى هذا فلو أن الرجل أحرم بالعمرة، وفي أثناء العمرة جامع زوجته، فإنه يلزمه المضي في هذه العمرة، ثم القَضَاء؛ لأنه أفسدها بالجِمَاع، فإن فعل مَحْظورًا فهل تفسد العمرة؟
الجواب: لا؛ لأنه لا يفسد العمرة ولا الحج من المحظورات، إلا الجماع قبل التحلل الأوّل، وهذا والذي قبله مما يخالف فيه الحج والعمرة بقية العبادات.

قوله: "وترجى ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان" البحث في ليلة القدر ليس هذا محله فيما يبدو لنا، ومحله إمَّا الاعْتِكَاف، وإما صلاة التَّطَوُّع.
أما الاعتكاف: فلأن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - لم يعتكف إلا رجاء؛ إصابة ليلة القدر.
وأما صلاة التطوع: فلأن ليلة القدر يشرع إحياؤها، ولا مناسبة بين ليلة القدر وبين صوم التطوع فيما نرى، ولكنهم - رحمهم الله - لما أتَمّوا ذكر الصيام، وما يتعلق به، ذكروا ليلة القدر.
وليلة القدر اختلف العلماء في تعيينها على أكثر من أربعين قولاً، ذكرها الحافظ ابن حجر في شرح البُخَارِيّ.

وفي ليلة القدر مباحث:
المبحث الأول: هل هي باقية أو رفعت؟
الجواب: الصحيح بلا شك أنها باقية، وما ورد في الحديث أنها رفعت، فالمراد رفع علم عينها في تلك السنة؛ لأن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - رآها ثم خرج؛ ليخبر بها أصحابه فتلاحى رجلان فرفعت[55]، هكذا جاء الحديث.

المبحث الثاني: هل هي في رمضان، أو غيره؟
الجواب: لا شك أنها في رمضان وذلك لأدلة منها:
أولا: قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]، فالقرآن أنزل في شهر رمضان، وقد قال الله - تعالى -: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1]، فإذا ضممت هذه الآية إلى تلك تعين أن تكون ليلة القدر في رمضان؛ لأنها لو كانت في غير رمضان ما صَحَّ أن يُقَالَ: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}.
وهذا دليل مُرَكَّب، والدليل المركب لا يتم الاستدلال به إلا بضم كل دليل إلى الآخر، والأدلة المركبة لها أمثلة منها هذا المثال.
ومنها أقل مدة الحمل الذي إذا ولد عاش حيًّا، هي ستة أشهر، علمنا ذلك من قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15]، وقال في آية أخرى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14] فإذا أسقطنا العامين من ثلاثين شهرًا، بقي ستة أشهر فتكون مدة الحمل.

المبحث الثالث: في أي ليلة من رمضان تكون ليلة القدر؟.
الجواب: القرآن لا بَيَان فيه؛ في تعيينها، لكن ثبتت الأحاديث أنها في العشر الأواخر من رمضان، فإن الرسول - صلّى الله عليه وسلّم –: "اعتكف العشر الأولى من رمضان، يريد ليلة القدر، ثم اعتكف العشر الأوسط، ثم قيل: إنها في العشر الأواخر، وأريها - صلّى الله عليه وسلّم -، وأنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين، وفي ليلة إحدى وعشرين من رمضان، وكان معتكفًا - صلّى الله عليه وسلّم - فأمطرت السماء فوكف المسجد - أي: سال الماء من سقفه - وكان سقف مسجد النبي - صلّى الله عليه وسلّم - من جريد النخل، فصلى الفجر - صلّى الله عليه وسلّم بأصحابه -، ثم سجد على الأرض، قال أبو سعيد: فسجد في ماء وطين، حتى رأيت أثر الماء والطين على جبهته"[56]، فتبيَّن بهذا أنها كانت في ذلك العام ليلة إحدى وعشرين.
وأُرِيَ جماعة من أصحابه ليلة القدر في السبع الأواخر، فقال - صلّى الله عليه وسلّم -: ((أرى رُؤياكم قد تَوَاطَأَتْ في السّبْعِ الأَوَاخِر))؛ أي اتَّفَقَتْ: ((فمن كان مُتَحَرِّيها فليتحرها في السبع الأواخر))، وعلى هذا فالسبع الأواخر أرجى العشر الأواخر، إن لم يكن المراد بقوله - صلّى الله عليه وسلّم -: ((أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر))[57]؛ أي في تلك السنة، فهذا محتمل؛ لأن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - كان يعتكف العشر الأواخر كلها إلى أن مات، فيحتمل أن يكون معنى قوله: ((أرى رؤياكم قد تواطأت))؛ أي: في تلك السنة بعينها، لم تكن ليلة القدر إلا في السبع الأواخر، وليس المعنى في كل رمضان مستقبل تكون في السبع الأواخر، بل تبقى في العشر الأواخر كلها.

المبحث الرابع: هل ليلة القدر في ليلة واحدة كل عام أو تنتقل؟
في هذا خلاف بين العلماء.
والصحيح أنها تتنقّل فتكون عامًا ليلة إحدى وعشرين، وعامًا ليلة تسع وعشرين، وعامًا ليلة خمس وعشرين، وعامًا ليلة أربع وعشرين، وهكذا؛ لأنه لا يمكن جمع الأحاديث الواردة إلا على هذا القول، لكن أرجى الليالي ليلة سبع وعشرين، ولا تتعين فيها كما يظنه بعض الناس، فيبني على ظنه هذا، أن يجتهد فيها كثيرًا ويفتر فيما سواها من الليالي.
والحكمة من كونها تتنقل أنها لو كانت في ليلة معينة، لكان الكسول لا يقوم إلا تلك الليلة، لكن إذا كانت متنقلة، وصار كل ليلة يحتمل أن تكون هي ليلة القدر صار الإنسان يقوم كل العشر، ومن الحكمة في ذلك أن فيه اختبارًا للنشيط في طلبها من الكسلان.

المبحث الخامس: في سبب تسميتها ليلة القدر.
فقيل: لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله - عزّ وجل - وبيان إتقان صنعه، وخلقه فهناك:
كتابة أولى وهذه قبل خلق السموات والأرض، بخمسين ألف سنة في اللوح المحفوظ، وهذه كتابة لا تتغير، ولا تتبدل؛ لقول الله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } [الرعد:39]؛ أي: أصله الذي هو مرجع كل ما يكتب.
الكتابة الثانية عُمُرية، فيكتب على الجنين عمله، ومآله، ورزقه، وهو في بطن أمه، كما ثبت هذا في الحديث الصحيح حديث ابن مسعود المتفق عليه[58].
الكتابة الثالثة، الكتابة السنوية، وهي التي تكون ليلة القدر، ودليل هذا قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] يفرق، أي: يفصل ويبين كل أمر حكيم، وأمر الله كله حكيم.

وقيل: سميت ليلة القدر، من القدر وهو الشرف، كما تقول: فلان ذو قدر عظيم، أي: ذو شرف؛ لقوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } [القدر:1-2].

وقيل: لأن للقيام فيها قدرًا عظيمًا، لقول النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))[59]، وهذا لا يحصل في قيام ليلة سوى ليلة القدر، فلو أن الإنسان قام ليلة الاثنين والخميس أو غيرهما، في أي شهر لم يحصل له هذا الأجر.

المبحث السادس: ورد أن من قام ليلة القدر غُفِرَ له ما تَقَدَّم من ذنبه وما تأخر، لكن قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رَحِمَه الله -: كل حديث ورد فيه ((وما تأخر)) غير صحيح؛ لأن هذا من خصائص النبي - صلّى الله عليه وسلّم - حتى أهل بدرٍ ما قيل لهم ذلك؛ بل قيل: ((اعْمَلُوا ما شئتم فقد غفرت لكم))[60]؛ لأنهم فعلوا هذه الحسنة العظيمة في هذه الغزوة، فصارت هذه الحسنة العظيمة كفارة لما بعدها، وما قاله - رحمه الله - صحيح.
قوله: "وأوتاره آكد"؛ أي: أوتار العشر آكد؛ لقول النبي - صلّى الله عليه وسلّم – ((التمسوها في كل وتر))[61] فما هي أوتاره؟
الجواب: إحدى وعشرون، ثلاث وعشرون، خمس وعشرون، سبع وعشرون، تسع وعشرون، هذه خمس ليال هي أرجاها، وليس معناه أنها لا تكون إلا في الأوتار، بل تكون في الأوتار وغير الأوتار.

تنبيه: هنا مسألة يفعلها كثير من الناس، يظنون أن للعمرة في ليلة القدر مزية، فيعتمرون في تلك الليلة، ونحن نقول: تخصيص تلك الليلة بالعمرة بدعة؛ لأنه تخصيص لعبادة في زمن لم يخصصه الشارع بها، والذي حث عليه النبي - صلّى الله عليه وسلّم - ليلة القدر، هو القيام الذي قال الرسول - صلّى الله عليه وسلّم - فيه: ((من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))[62]، ولم يرغب في العُمْرة تلك الليلة، بل رَغَّبَ فيها في الشهر فقال: ((عُمْرة في رمضان تَعْدِل حجًّا))[63]، فتخصيص العمرة بليلة القَدْر، أو تخصيص ليلة القدر بعُمْرَة، هذا مِنَ البِدَع.
ولما كانت بدعة صار يلحق المعتمرين فيها من المشقة الشيء العظيم، حتى إن بعضهم إذا رأى المشقة في الطواف، أو في السعي انصرف إلى أهله، وكثيرًا ما نُسْأَلُ عن هذا، شخص جاء يعتمر ليلة السابع والعشرين، فلما رأى الزحام تَحَلَّلَ، فانظر كيف يؤدي الجهل بصاحبه إلى هذا العمل المحرم، وهو التحلل من العمرة بغير سبب شَرْعِيّ.
إذًا ينبغي لطلبة العلم، بل يجب عليهم أن يُبَيِّنُوا هذه المسألة للناس.
أما إكمال هذه العمرة فواجِبٌ؛ لأنَّه لما شرع فيها صارت واجِبَة؛ كالنذر أصله مكروه ويجب الوفاء به إذا التزمه، ولا يحل له أن يحل منها، وإنما البدعة هي تخصيص العمرة بتلك الليلة.
قوله: "وليلة سبع وعشرين أبلغ" أي: أبلغ الأوتار وأرجاها أن تكون ليلة القدر، لكنها لا تتعين في ليلة السابع والعشرين.

فإن قال قائل: هل ينال الإنسان أجرها، وإن لم يعلم بها؟
فالجواب: نعم، ولا شك، وأما قول بعض العلماء: إنه لا ينال أجرها إلا من شعر بها، فقول ضعيف جدًّا؛ لأنَّ النبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال: ((مَنْ قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا))[64]، ولم يقل عالمًا بها، ولو كان العلم بها شرطًا في حصول هذا الثواب لبينه الرسول - صلّى الله عليه وسلّم -.

المبحث السابع: في علامات ليلة القدر.
ليلة القدر لها علامات مقارنة وعلامات لاحقة.

أما علاماتها المقارنة فهي:
1 - قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيدًا عن الأنوار.
2 - الطُّمأنينة، أي: طُمَأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن، فإنه يجد راحة وطمأنينة، وانشراح صدر في تلك الليلة، أكثر مما يجده في بقيَّة الليالي.
3 - قال بعض أهل العلم: إن الرياح تكون فيها ساكنة، أي: لا يأتي فيها عواصف أو قواصف، بل يكون الجو مناسبًا[65].
4 - أن الله يُري الإنسانَ الليلةَ في المنام، كما حصل ذلك لبعض الصحابة.
5 - أن الإنسان يجد في القيام لَذَّة ونَشاطًا، أكثر مما في غيرها من الليالي.

أمَّا العلامات اللاحقة:
فمنها: أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع صافية، ليست كعادتها في بقية الأيام[66].
وأما ما يذكر أنه يَقِلّ فيها نباح الكلاب، أو يعدم بالكلية، فهذا لا يستقيم، ففي بعض الأحيان ينتبه الإنسان لجميع الليالي العشر، فيجد أن الكلاب تنبح ولا تَسْكُتْ، فإن قال قائل ما الفائدة من العلامات اللاحقة؟ فالجواب: استبشار المجتهد في تلك الليلة، وقوة إيمانه وتصديقه، وأنه يعظم رجاؤه فيما فعل في تلك الليلة.
قوله: "ويدعو فيها بما ورد"؛ أي: يستحب أن يدعو فيها بما ورد عن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - ومنه: ((اللهم إنك عَفُوّ تحبُّ العفو فَاعْفُ عَنِّي))، لحديث عائشة أنها قالت: "أرأيت يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر، فما أقول فيها؟ قال: ((قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)) [67]، فهذا من الدعاء المأثور، وكذلك الأدعية الكثيرة الواردة عن النبي - صلّى الله عليه وسلّم -، ولا يمنع من الزيادة على ما ورد فالله - عَزَّ وَجَلَّ - قال: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[68] وأطلق، والنبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال: ((ليسأل أحدكم ربه حاجته حتى شِرَاك نعله))[69]، والناس لهم طلبات مختلفة متنوعة، فهذا مثلاً يريد عافية من سَقَم، وهذا يريد غِنًى من فَقْر، وهذا يريد النكاح من إعدام، وهذا يريد الولد، وهذا يريد عِلْمًا، وهذا يريد مالاً، فالناس يَخْتَلِفون.

وليعلم أن الأدعية الواردة خير وأكمل وأفضل من الأدعية المَسْجُوعة، التي يسجعها بعض الناس، وتجده يطيل، ويذكر سطرًا أو سطرين في دعاء بشيء واحد؛ ليستقيم السجع، لكن الدعاء الذي جاء في القرآن أو في السنة، خير بكثير مما صُنِع مَسْجوعًا؛ كما يوجد في بعض المنشورات.
ـــــــــــــــــــــــــ
[1] أخرجه الإمام أحمد (2/425)، وأبو داود في الصلاة؛ باب قول النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوعه)) (864)، والترمذي في الصلاة؛ باب "ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة" (413)، والنسائي في الصلاة؛ باب المحاسبة على الصلاة (1/232)، وابن ماجه في الصلاة؛ باب ما جاء في أول ما يحاسب به العبد الصلاة (1425)، والحاكم (1/262) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
[2] أخرجه البخاري في الصوم؛ باب فضل الصوم (1894)، ومسلم في الصيام؛ باب حفظ اللسان للصائم (1151) (164) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[3] أخرجه البخاري في الرقاق؛ باب التواضع (6502) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[4] أخرجه أحمد (5/152)، والترمذي في الصوم؛ باب ما جاء في صوم ثلاثة أيام من كل شهر (761)، والنسائي في الصيام؛ باب ذكر الاختلاف على موسى بن طلحة... (4/222)، وابن حبان (3655) عن أبي ذر - رضي الله عنه - وحسنه الترمذي، وصححه ابن حِبَّان.
[5] أخرجه البخاري في الصوم؛ باب صوم داود - عليه السلام - (1979)، ومسلم في الصيام؛ باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به (1159) عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -.
[6] أخرجه مسلم في الصيام؛ باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر (1160).
[7] أما حديث أبي هريرة فقد أخرجه البخاري في التهجد؛ باب صلاة الضحى في الحضر (1178)، ومسلم في الصلاة؛ باب استحباب صلاة الضحى (721)، وحديث أبي ذر أخرجه الإمام أحمد (5/173)، والنسائي في الصيام؛ باب صوم ثلاثة أيام من الشهر (4/217)، وصححه ابن خزيمة (2128)، وحديث أبي الدرداء فقد أخرجه مسلم في الصلاة؛ باب استحباب صلاة الضحى (722).
[8] أخرجه أحمد (5/200، 204، 208)، وأبو داود في الصيام؛ باب في صوم يوم الاثنين (2436)، والترمذي في الصوم؛ باب ما جاء في صوم يوم الاثنين والخميس (747)، والنسائي في الصيام؛ باب صوم النبي – صلى الله عليه وسلم - (4/201) عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما -، وحسنه الترمذي، والمنذري في "مختصر السنن" (3/320)، وصححه في "الإرواء" (4/103).
[9] أخرجه مسلم في الصيام؛ باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر (1162) (198) عن أبي قتادة - رضي الله عنه-.
[10] أخرجه البخاري في الصوم؛ باب صوم يوم الجمعة (1985)، ومسلم في الصيام؛ باب كراهة إفراد يوم الجمعة بصوم لا يوافق عادته (1144) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[11] أخرجه البخاري في الصوم؛ باب صوم يوم الجمعة (1986) عن جويرية بنت الحارث - رضي الله عنها -.
[12] أخرجه مسلم في الصيام؛ باب كراهة إفراد يوم الجمعة بصوم لا يوافق عادته (1144) (148) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[13] أخرجه أحمد (6/368)، وأبو داود في الصيام؛ باب النهي أن يخص يوم السبت بصوم (2421)، والترمذي في الصوم؛ باب ما جاء في صوم يوم السبت (744)، والنسائي في "الكبرى" (2773)، وابن ماجه في الصيام؛ باب ما جاء في صيام يوم السبت (1726) عن الصماء - رضي الله عنها -.
[14] انظر: "سنن أبي داود"، و"شرح معاني الآثار" (2/80)، و"التلخيص الحبير" (938)، و"الإرواء" (4/118).
[15] سبق تخريجه ص (444).
[16] أخرجه مسلم في الصيام؛ باب صوم المحرم (1163)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[17] أخرجه مسلم في الصيام؛ باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر (1162) عن أبي قتادة - رضي الله عنه -
[18] أخرجه مسلم من الصيام؛ باب أي يوم يصام في عاشوراء (1134) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
[19] أخرجه أحمد في "المسند" (1/241)، وابن خزيمة (2095)، والبزار (1052) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
قال الهيثمي في "المجمع" (3/188) "فيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام"، وضعفه الألباني في "التعليق على ابن خزيمة".
وأخرجه عبد الرزاق (7839)، والبيهقي (4/287) موقوفًا على ابن عباس بلفظ: "صوموا اليوم التاسع والعاشر، وخالفوا اليهود" وسنده صحيح؛ كما قال الألباني في "التعليق على ابن خزيمة".
[20] أخرجه البخاري في الصوم؛ باب صوم يوم عاشوراء (2004)، ومسلم في الصيام؛ باب صوم يوم عاشوراء (1130) (128).
[21] أخرجه البخاري في العيدين؛ باب فضل العمل في أيام التشريق (969) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
[22] أخرجه مسلم في الصيام؛ باب صوم عشر ذي الحجة (1176) عن عائشة - رضي الله عنها -.
[23] أخرجه أبو داود في الصيام؛ باب في صوم العشر (2437)، والنسائي في الصيام؛ باب "كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر (4/220)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (2129).
[24] سبق تخريجه ص (469).
[25] سبق تخريجه من حديث قتادة ص (468).
[26] أخرجه أحمد (2/304، 446)، وأبو داود في الصيام؛ باب في صوم يوم عرفة (2440)، والنسائي في "الكبرى" (2843)، وابن ماجه في الصيام؛ باب صوم يوم عرفة (1732)، وابن خزيمة (2101) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وفي إسناده مَهْدِي بن حرب الهجري، وهو ضعيف، انظر: "التلخيص" (929).
[27] أخرجه البخاري من الصوم؛ باب صوم يوم عرفة (1988)، ومسلم في الصيام؛ باب استحباب الفطر للحاج بعرفات يوم عرفة (1123) عن أم الفضل بنت الحارث - رضي الله عنها -.
[28] أخرجه مسلم في الصلاة؛ باب فضل الأذان، وهرب الشيطان عند سماعه (387) عن مُعاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما -.
[29] أخرجه الإمام أحمد (3/64)، وأبو داود في الصلاة؛ باب في الجمع في المسجد (574)، والترمذي في الصلاة؛ باب ما جاء في الجماعة في مسجد قد صلي فيه مرّة (2220) عن أبي سعيد الخُدْرِيّ - رضي الله عنه -، وحسنه الترمذي، وصححه الألباني في "الإرواء" (2/316).
[30] سبق تخريجه من حديث أبي قتادة - رضي الله عنه – ص (468).
[31] أخرجه البخاري في الجمعة؛ باب إذا كُلم وهو يصلي... (1233)، ومسلم في الصلاة؛ باب معرفة الركعتين اللتين كان يصليهما النبي - صلّى الله عليه وسلّم - بعد العصر (834).
[32] سبق تخريجه ص (459).
[33] أخرجه البُخَارِيّ في الصوم، باب التنكيل لمن أكثر الوصال (1966) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[34] أخرجه البخاري في الإيمان؛ باب الدين يسر (39) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[35] أخرجه البزار (74) "كشف الأستار" قال الهيثمي في "المجمع" (2/62): "فيه يحيى بن المتوكل أبو عقيل وهو كذاب"، وأخرجه البيهقي من طريق أخرى (3/19) عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -، وإسناده ضعيف؛ كما في الضعيفة (1/64)، وأخرجه ابن المبارك في الزُّهْد (334) عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما – موقوفاً.
[36] أخرجه البخاري في الرقاق؛ باب القصد والمداومة على العمل (6464)، ومسلم في الصلاة؛ باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره (782) عن عائشة - رضي الله عنها -.
[37] سبق تخريجه ص(462).
[38] سبق تخريجه ص(463).
[39] سبق تخريجه ص(462).
[40] سبق تخريجه ص(463).
[41] سبق تخريجه ص(305).
[42] سبق تخريجه ص (305).
[43] سبق تخريجه ص (303).
[44] أخرجه البخاري في الصوم؛ باب صوم يوم النحر (1993)، ومسلم في الصيام؛ باب تحريم صوم يومي العيدين (1138) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[45] أخرجه البخاري في الصوم؛ باب صوم يوم الفطر (1990)، ومسلم في الصيام؛ باب تحريم صوم يومي العيدين (1137).
[46] أخرجه مسلم في الصيام؛ باب تحريم صوم أيام التشريق (1141) عن نبيشة الهذلي - رضي الله عنه -.
[47] أخرجه مسلم في الحج؛ باب حجة النبي – صلى الله عليه وسلم - (1218) عن جابر - رضي الله عنه -.
[48] أخرجه البخاري في الصوم؛ باب صيام أيام التشريق (1997)، (1998).
[49] أخرجه الإمام أحمد (3/263)، وأبو داود في الأيمان والنذور؛ باب من نذر أن يصلي في بيت المقدس (3305)، والحاكم (4/304) عن جابر - رضي الله عنه -، وصححه الحاكم، وابن دقيق العيد، انظر: "التلخيص" (2067).
[50] وتمامه: ((وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط))؛ أخرجه مسلم في الطهارة؛ باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره (251) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[51] أخرجه مسلم في الصيام؛ باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال... (1154) (170) عن عائشة - رضي الله عنها -.
[52] أخرجه النسائي عن عائشة - رضي الله عنها - في الصيام؛ باب النية في الصيام (4/194)، وصححه الألباني في "الإرواء" (4/135).
[53] أخرجه البخاري في التهجد؛ باب ما يكره من ترك قيام الليل (1152)، ومسلم في الصيام؛ باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به (1159) (185).
[54] أخرجه الدَّارقُطْني (2/285)، وابن حبان (6559)، والبيهقي (4/89).
[55] أخرجه البخاري في فضل ليلة القدر؛ باب "رفع معرفة ليلة القدر لتلاحي الناس" (2023) عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -.
[56] أخرجه البخاري في الأذان؛ باب هل يصلي الإمام بمن حضر (669)، ومسلم في الصيام؛ باب فضل ليلة القدر، والحث على طلبها (1167) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
[57] أخرجه البخاري في فضل ليلة القدر؛ باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر (2015)، ومسلم في الصيام؛ باب فضل ليلة القدر، والحث على طلبها (1165) عن ابن عمر - رضي الله عنهما -.
[58] أخرجه البخاري في بدء الخلق؛ باب ذكر الملائكة - صلوات الله عليهم - (3208)، ومسلم في القدر؛ باب كيفية خلق الآدمي... (2643).
[59] أخرجه البخاري في الإيمان؛ باب قيام ليلة القدر من الإيمان (35)، ومسلم في الصلاة؛ باب الترغيب في قيام رمضان، وهو التراويح (760) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[60] أخرجه البخاري في الجهاد والسير؛ باب إذا اضطر الرجل إلى النظر إلى شعور أهل الذمة، والمؤمنات إذا عصين الله وتجريدهن (3081)، ومسلم في الفضائل؛ باب من فضائل حاطب بن أبي بلتعة وأهل بدر - رضي الله عنهم - (2494) عن علي - رضي الله عنه -.
[61] سبق تخريجه ص (491).
[62] سبق تخريجه ص(493).
[63] أخرجه البخاري في العمرة؛ باب عمرة في رمضان (1782)، ومسلم في الحج؛ باب فضل العمرة في رمضان (1256) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
[64] سبق تخريجه ص(493).
[65] ويدل لذلك حديث جابر أن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال: ((إني كنت أريت ليلة القدر ثم نُسيتها، وهي في العشر الأواخر، وهي طَلْقَةٌ بَلْجَةٌ، لا حارة ولا بادرة؛ كأن فيها قمرًا، يفضح كوكبها لا يخرج شيطانها حتى يخرج فجرها)). صححه ابن خزيمة (2190)، وابن حبان (3688) إحسان.
وحديث عبادة بن الصامت، وفيه أن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال: ((إن أمارة ليلة القدر أنها صافية، بلجة كأن فيها قمرًا ساطعًا ساكنة ساجية، لا برد فيها ولا حر، ولا يحل لكوكب أن يرمى به فيها حتى تصبح، وإن أمارتها أن الشمس صبيحتها تخرج مُسْتوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر، ولا يحل لشيطان أن يخرج معها يومئذٍ)). أخرجه أحمد (5/324)، وقال الهيثمي في "المجمع" (3/175): "ورجاله ثقات". وقوله ((طلقة بلجة)): أي: مشرقة لا برد فيها ولا حر، ولا مطر ولا قُرَّ.
[66] ويدل له حديث أُبيِّ بن كعب - رَضِي الله عنه - مرفوعًا ((وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها لا شعاع لها))؛ أخرجه مسلم في الصلاة؛ باب الندب الأكيد إلى قيام ليلة القدر (762). وحديث عُبَادة السَّابِق.
[67] أخرجه أحمد (6/171، 182، 183)؛ والترمذي في الدعوات/ باب في فضل سؤال العافية والمعافاة (3513)؛ وابن ماجه في الدعاء/ باب الدعاء بالعفو والعافية (3850)؛ والحاكم (1/530)، وقال الترمذي: "حسن صحيح"، وصححه الحاكم على شرطهما، وأَقَرَّهُ الذَّهَبِيّ.
[68] [المائدة:3].
[69] أخرجه الترمذي في المناقب؛ باب "ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها" (3604)، وابن حبان (894)، (895) عن أنس - رضي الله عنه -، قال الترمذي: غريب.



سكوتي كلآآم غير متواجد حالياً
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شرح كتاب الصيام من الشرح الممتع على "زاد المستنقع" (5) سكوتي كلآآم مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور 10 25-08-2008 02:47 PM
شرح كتاب الصيام من الشرح الممتع على "زاد المستقنع" (3) سكوتي كلآآم مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور 10 21-08-2008 11:58 AM
شرح كتاب الصيام من الشرح الممتع على "زاد المستقنع" (2) سكوتي كلآآم مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور 10 21-08-2008 11:51 AM
شرح كتاب الصيام من الشرح الممتع على "زاد المستنقع" (1) سكوتي كلآآم مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور 15 21-08-2008 11:21 AM
سبعون مسألة في الصيام عبد الله الساهر مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور 11 12-05-2007 05:54 PM


الساعة الآن 08:10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لـ : منتديات العبير
المحتوى المنشور فى موقع العبير لايعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبها