مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور نفحات إيمانية على مذهب أهل السنة والجماعة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-12-2004, 07:26 AM   #1


 رقم العضوية :  4
 تاريخ التسجيل :  22-07-2004
 المشاركات :  6,182
 العمر :  40
 عدد النقاط :  32
 قوة التقييم :  أمـ جود ـ is on a distinguished road
 اخر مواضيع » أمـ جود ـ
 تفاصيل مشاركات » أمـ جود ـ
 أوسمة و جوائز » أمـ جود ـ
 معلومات الاتصال بـ أمـ جود ـ

افتراضي حلقة الثقافة والفنون والإعلام


حلقة الثقافة والفنون والإعلام .. وصناعة الحياة



اعتدنا في كل حلقة أن نعرض مجالاً من مجالات النهضة ونتحدث عنه ، وقد أنهينا الآن عرض ست مجالات ، الزراعة ، والصناعة ، والبحث العلمي ، والتعليم، والمرأة.....

وسنتحدث اليوم عن مجال من المجالات المهمة والحساسة جداً ، ولكن قبل ذلك أحب أن أحدثكم قليلاُ عن بعض الأمور التي تتعلق بمحو أمية الكمبيوتر، هذا المشروع الذي بدأنا به منذ أسبوعين .
كنا قد أعلنا عن قيام دورة على موقعنا، لتعليم المتطوعين كيفية تدريب غيرهم على استعمال الكمبيوتر والانترنت، وقد انضم لدورتنا 12 ألف شاب وفتاة، وأثنوا على جودة هذه الدورات.
هذا وقد تبرع عدد كبير من أصحاب مقاهي الانترنت بساعات معينة أسبوعية أو يومية لتدريب من يشاء عندهم مجانا، وتجدون أسماء ومواقع هذه المقاهي على موقعنا.

من الأمور الجميلة أيضاً أن مركزاً في سوريا لخدمة أنظمة الإدارة ، قام بشراء مقر في العاصمة دمشق منذ ثلاثة أيام ، يتسع لـ 500 شخص، وقام بتجهيزه بأجهزة كمبيوتر لتوفير فرص التعليم لمن يريد أن يتعلم مجانا، رغم أن مقر الشركة الأصلي ليس في العاصمة، ولكنهم أرادوا المشاركة بالثواب والأجر.

كذلك فريق صناع الحياة في سوريا، وفي الأردن... ساهموا بجهود عظيمة، وعناوينهم موجودة على الموقع لمن أحب أن يتصل بهم....... وفي محافظات مصر تم إحضار 280 جهاز كمبيوتر، وتطوع 54 مدرب، وتم الاتفاق مع 32 مقهى انترنت لتعليم الشباب مجاناً.... وفي الجيزة ودمنهور وغيرها.. بل إن المساجد في كثير من بلادنا بدأت بعمل دورات تدريبية لتعليم الكمبيوتر...
بالإضافة إلى آلاف الشباب والفتيات الذين أخبرونا أنهم بدؤوا يعلِّمون آباءهم وأمهاتهم وإخوتهم الصغار... لذا فأملنا أنه بعد شهر واحد من الصبر والتعلم الجاد سنكون قد قطعنا أشواطا بعيدة في محو أمية الكمبيوتر والانترنت.

بعد أن استعرضنا النتائج في هذا المشروع ، دعونا نعود إلى المجال الذي نريد أن نتكلم فيه اليوم ..

الثقافة والفنون والإعلام
اعتدنا في المجالات السابقة أن نبدأ بعرض أحلام الناس واقتراحاتهم في المجال الذي نبحثه، ولكننا اليوم لن نستطيع فعل ذلك لأن الأحلام والمقترحات التي وصلتنا بخصوص موضوع اليوم كانت ضعيفة جداً، وأُرجح أن ذلك كان لسببين: إما أن يكون موضوع الثقافة والفنون غير مهم في رأي كثير من الناس، إذ ليست لديهم رؤية واضحة له ، و لا يُقدِّرون أبعاده الكبيرة والخطيرة جداً في المجتمع، أو أن اهتمامهم انحصر في الزراعة والصناعة والمجالات الأخرى.
ولكن هذا المجال في اعتقادي هو أخطر مجال من المجالات الـ 23 التي نتكلم عنها. ودعوني أوضح لكم لماذا؟

ما هو تعريف الثقافة ؟
هي جِماع ما يمتلكه شعب من الشعوب من معتقدات ومعارف وأفكار وقيم وفنون، وعادات وتقاليد ، وأساليب حياة ورموز (أي شخصيات اجتماعية مهمة) ، فكل هذه الأمور تستقر في وجدان الناس، وتحكم تصرفاتهم في كل مجال من مجالات الحياة .. في النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأسرية وغيرها...

وبمعنى آخر: الثقافة هي الملامح المميز للأمة.
فإذا كنت تريد أن تعرف من أنا فانظر إلى ملامحي .. من ملامح وجهي ستعرفني أليس كذلك ؟
وإذا أردت أن تتعرف إلى أمة من الأمم ، فعليك أن تتعرف إلى ملامحها، وذلك من خلال النظر إلى فنونها وثقافتها وإعلامها ..
أعتقد أن المعنى أصبح واضحاً الآن .

ما هي ملامح أمتنا اليوم ؟
أم أنها ليس لها ملامح ..
انظري يا أمتنا إلى المرآة لتتعرفي على ملامحك .. ومرآتنا هي ثقافتنا.

تخيل أنك نظرت في المرآة يوماً ولم ترَ ملامحك!.... فماذا سيحدث لك؟ سوف تفقد عقلك ... وتصرخ قائلاً : أين ملامحي؟؟!!....
وأنا أصرخ اليوم وأقول: الثقافة والفنون التي تعبر عن ملامح أمتنا ؟ أين هي ..
أين ملامحك يا أمتي؟

حلقة اليوم نوجهها للمثقفين والموجهين للثقافة والفنانين في العالم العربي، وبصورة خاصة للشباب الفنانين فهم جيل المستقبل ، وهم المسؤولون عن رسم ملامح الأمة في السنوات القادمة ، كذلك نوجهها للشباب الموهوبين فنياً ، والذين يخافون من الدخول في مجال الفن والثقافة لاعتقادهم أنه حرام ، فأنا أرجوهم أن يدخلوا ولكن على شرط أن يضعوا ملامحنا الأصلية من غير أن يغيروها أو يعرضوها لعمليات تجميل، فتفقد رونقها، وتتحول لملامح قوم آخرين غيرنا. وأتمنى من كل من يشاهد هذه الحلقة أن يوصل كلمتي هذه للمعنيين بها من فنانين وموهوبين.

ما هي مصادر الثقافة:
الكتاب ، المسرح ، السينما ، الشعر ، الأدب ، القصة ، الرواية ، المتاحف ، الآثار، المخطوطات القديمة ، والرسم ، والنحت ، والفنون التشكيلية ، والشعر ، والأدب ، والتمثيل ، والأغنية ، والمسرحية ..
وبالتالي فإن الفن جزء من الثقافة ، و الإعلام هو الوسيلة التي تنشر بها هذه الثقافة .

من أين نستمد ثقافتنا؟

نستمد ثقافتنا من أرضنا التي هي أرض الديانات السماوية . فالله تبارك وتعالى اختص هذه الأرض وميزها بأن كانت مهداً لكل الأنبياء الذي ذكرهم في القرآن ، كسيدنا هود وسيدنا صالح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام ، وختاماً سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . فثقافتنا مستمدة من ديننا وأرضنا وجذورنا. فهذه أرض الأديان ، ودين الله واحد ، لأن الله سبحانه قال للأنبياء كلهم "أن أسلموا لله"، فنحن لا نخجل أبداً أن ثقافتنا مستمدة من ديننا، بل نعتز بهذا ونباهي به.
و أمتنا أمة عريقة جداً ، وأرضنا كانت مهداً للحضارات منذ زمن بعيد جداً ، كالحضارة الفرعونية والآشورية والفينيقية .. ثم جاء الإسلام واستوعب كل الحضارات ، وأخذ المفيد منها، وهذبه ووجهه وصهره في بوتقة الإسلام .

فعمرو بن العاص عندما دخل مصر لم يقم بهدم الأهرامات أو أبي الهول ، لكن جاء القرآن يعلمنا كيف نستفيد من هذه الآثار ، وكيف نعتبر من قصص الأمم السابقة ، وجمع الإسلام كل هذه الثقافات.

أمـ جود ـ غير متواجد حالياً
رسالة لكل زوار منتديات العبير

عزيزي الزائر أتمنى انك استفدت من الموضوع و لكن من اجل منتدى ارقي و ارقي برجاء عدم نقل الموضوع و يمكنك التسجيل معنا و المشاركة معنا و النقاش في كافه المواضيع الجاده اذا رغبت في ذلك فانا لا ادعوك للتسجيل بل ادعوك للإبداع معنا . للتسجيل اضغظ هنا .

قديم 02-12-2004, 07:26 AM   #2


 رقم العضوية :  4
 تاريخ التسجيل :  22-07-2004
 المشاركات :  6,182
 العمر :  40
 عدد النقاط :  32
 قوة التقييم :  أمـ جود ـ is on a distinguished road
 اخر مواضيع » أمـ جود ـ
 تفاصيل مشاركات » أمـ جود ـ
 أوسمة و جوائز » أمـ جود ـ
 معلومات الاتصال بـ أمـ جود ـ

افتراضي



أهمية الثقافة:
لا يمكن أن تقوم نهضة من غير ثقافة وفنون تسبقها وتمهد لها. ولنضرب بعض الأمثلة لتوضيح أثر الثقافة في السلوك والحياة بمختلف مناحيها :

 الهدف من التعليم في أيامنا هو الحصول على الشهادات والدرجات، لا التحصيل العلمي والمعرفة، لذا لا تهم شبابنا الوسيلة التي يحققون بها هذا الهدف، سواء كانت عن طريق الغش في الامتحانات أو الدروس الخصوصية، فالمهم لديهم أن يحصلوا على الشهادة ويعلقوها في البيت .
فهذه ثقافة .. ولكنها ثقافة مدمرة للمجتمع.
 مسرحية علمت جيلاً من الشباب كيف يهين مدرسه ، فهذه ثقافة..
 آلاف الخريجين من الجامعات يعانون من البطالة، فلماذا يصرون على التعليم الجامعي حتى إن لم يوافق ميولهم، ولا يبحثون عن عمل آخر؟ لأن ثقافتهم علمتهم أن الشاب لن يكون مقبولا اجتماعيا، ولن يستطيع أن يتزوج إلا إذا كان معه شهادة ، وأول سؤال يوجهه له والد العروس هو: هل معك شهادة جامعية؟ أما إن كان حرفياّ وصاحب مهنة ، يرتزق منها ويتقنها ويتفوق فيها.... فهذا عيب . هذه ثقافة مجتمع..
وبالتالي فلكي نصلح التعليم في بلادنا ، فلا بد أن تكون نقطة البداية هي الثقافة .

 ولنأخذ مجال الصحة ونرى أثر الثقافة فيه. نرى الشباب يأكلون في المطاعم الأجنبية ، فيصابون بالأمراض، وبعضهم يصاب بالعقم، ومع ذلك يستمرون في ارتياد هذه المطاعم فرحين، بسبب تأثرهم بثقافة أخرى...... هذه ثقافة..
 ترى شباباً ما ئعاً فاقداً للرجولة ، ليس له قيمة في الحياة ، فهذه ثقافة شعب ..! وعلى الجانب الآخر ترى شباباً جاداً ملتزماً ، فهذه ثقافة أخرى.
فالثقافة هي التي توجه المجتمع وتؤثر في كل المجالات، في الصحة والبطالة ، وحتى في التدين ..
فأن تفهم أن التدين فقط هو صلاة وصوم ، ولا علاقة له بصناعة الحياة والنجاح ، فهذا نوع من الثقافة .... سترى كثيراً من المتدينين يحجون كل عام ، فإن سألت أحدهم لماذا لا يدفع هذه المبالغ في البحث العلمي.. سيعترض ويستنكر، حتى لو أخبرته بأن البحث العلمي سيفيد المسلمين .. هذه أيضاً ثقافة..

ولذلك فهناك فرق بين الثقافة والتعليم ، فقد يكون المرء متعلماً أحسن تعليم، ولكنه غير مثقف حتى وإن كان أستاذ جامعة، لأن تعليمه ينحصر فقط في كتبه، ولكنه لا يعلم شيئا عن أمور الدنيا ، وعن كيفية الاستفادة من علمه في التغيير والتطوير ، وعن احتياج بلده له ، أو عن احتياج المسلمين ، فهو إذن غير مثقف .
وهناك كذلك من المتدينين من هو غير مثقف .. فإن تكلمت معه خارج نطاق العلوم الدينية ستجده غير عالم بأمور الدنيا من حوله ، ولا بأحوال المسلمين ، ولا لديه خطة نهضة ، ولا مشروع للنهوض بأحوال بلده وأحوال المسلمين... فهو غير مثقف.

فالمتعلم عكسه أمي أو جاهل ، والمثقف عكسه أيضاً أمي ، ولكنها أمية من نوع ثانٍ، تحدث عنها القرآن الكريم:{ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني...} (البقرة 78)، فهم يعرفون القراءة ولكن سمّاهم (أميون ) لأنهم لا يستفيدون من قراءاتهم لتطبيقها في أمور الحياة، وهذه هي الثقافة التي أتحدث عنها.

نظرة الإسلام للفنون والثقافة
ما هي نظرة الإسلام للفنون والثقافة؟ وهل اهتم بهذه القضية؟ أم حرَّمها ومنعها وعاب أصحابها؟


- النقطة الأولى: هي أن الإسلام غرس في النفوس المؤمنة الشعور بالجمال والذي هو أساس الفن. ولنرَ معاً أدلةً من القرآن الكريم تبين لنا كيف يربي القرآن فينا الإحساس بجمال الكون وبديع صنع الله فيه :

فانظر في القرآن عندما يتكلم عن الأنعام {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون} (النحل 5) وهذه هي المنفعة المادية، ثم: {ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون}(النحل 6 ) وهذه هي الناحية الجمالية.

مثال آخر: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة} (النحل 8)

{وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً وتستخرجوا منه حلية تلبسونها}.(النحل14 )

كذلك عن الثمر {كلوا من ثمره إذا أثمر} (الأنعام141 ) فهذه هي الناحية المادية، وفي آية أخرى {انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه} (الأنعام 99 ) فهذه هي الناحية الجمالية.

كذلك كيف يصف السماء: {أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج} (ق 6)، أي هل ترون جمال السماء ؟

انظروا كيف يتحدث القرآن عن الحدائق: {وأنزل لكم من السماء ماءً فأنبتنا به حدائق ذات بهجة}(النمل 60)، والبهجة تدخل الفرح في القلب . فالقرآن يربي الحس الجمالي في قلوبنا، وهو أصل الفن.

كذلك عندما يتكلم القرآن عن جمال الإنسان {وصوركم فأحسن صوركم}(غافر 64) .... {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم (6) الذي خلقك فسواك فعدلك(7)} ( الانفطار)، فهل تلاحظون كيف ينبهنا إلى الناحية الجمالية في الخلق ، ويلفت نظرنا إلى ذلك.

انظر أيضاً إلى القرآن وهو يصف لنا الكون كله {صنع الله الذي أتقن كل شيء} (النمل 60) {الذي أحسن كل شيء خلقه}(السجدة 7).... {بديع السموات والأرض}(البقرة 117).. فهل نرى كيف جمّل الله هذا الكون ، ألم يكن بالإمكان أن يجعل الله هذه الكون بلا ألوان، وبالأبيض والأسود فقط ؟ ولكنه زينه بالألوان وجمله، ومن هذا يتعلم الفنانون وينمو لدى الإنسان الحس الجمالي.


فكيف نقول بعد ذلك إن الفن ليس أداة أساسية من أدوات الإسلام .

أمـ جود ـ غير متواجد حالياً
قديم 02-12-2004, 09:26 AM   #3


 رقم العضوية :  4
 تاريخ التسجيل :  22-07-2004
 المشاركات :  6,182
 العمر :  40
 عدد النقاط :  32
 قوة التقييم :  أمـ جود ـ is on a distinguished road
 اخر مواضيع » أمـ جود ـ
 تفاصيل مشاركات » أمـ جود ـ
 أوسمة و جوائز » أمـ جود ـ
 معلومات الاتصال بـ أمـ جود ـ

افتراضي


النقطة الثانية: هي الشعر، وهو نوع من أنواع الفنون، فلنرَ منزلة الشعر في الإسلام:


كثير من الصحابة فسروا القرآن بالشعر.

كثير من الصحابة كانوا شعراء عظماء، انظر إلى علي بن أبي طالب، وكذلك من علماء المسلمين الإمام الشافعي وغيره.

كيف كان النبي يتعامل مع الشعراء، وهم الفنانون بالنسبة لذلك العصر؟
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءه وفد وفيهم شاعر احتفى بشاعرهم وأولاه اهتمامه.

كان للصحابي حسان بن ثابت منزلة رفيعة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شاعره، وكان النبي يقول له: " أجب عني، اللهم أيده بروح القدس"، كذلك كان يقول له: "أهجهم –أو هاجهم- وجبريل معك". ولم يقل النبي ذلك لصحابي آخر، بل قالها لصحابي يؤدي رسالة الثقافة والفن على وجهها الصحيح. قالها لشاعر يرسم ملامح الأمة ، ويؤدي رسالة هذه الأمة ، ولم يقلها لشاعر أو فنان يمسخ ملامح الأمة .

عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في طريقهم إلى غزوة خيبر ، أراد النبي أن يرفع من معنويات الصحابة، فقال لعامر بن الأكوع، وهو عم سلمة بن عمرو بن الأكوع: انزل يا ابن الأكوع فخذ لنا من هناتك (أي أراجيزك) ، وكان عامر رجلا شاعرا، فنزل يحدو بالقوم يقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا .................... ولا تصدقنا ولا صلينا
إنا إذا قومٌ بغوا علينا ............................. وإن أرادوا فتنة أبينا
فأنزلن سكينة علينا ............................ وثبت الأقدام إن لاقينا (سيرة ابن هشام)


في عمرة القضاء دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، وأصحابه محدقون به، قد توشحوا السيوف، يلبون، وهم يخافون عليه من أهل مكة أن يرميه أحد، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه آخذ بزمام راحلته صلى الله عليه وسلم، يرتجز ويقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله ................... خلوا فكل الخير في رسوله
يا رب إني مؤمن بقيله ........................ أعرف حق الله في قبوله
فقال له عمر رضي الله عنه: يا ابن رواحة! بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي حرم الله تقول الشعر؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: خلِّ عنه يا عمر، فلهي أسرع فيهم من نضح النبل. (الجامع في السيرة ج2/ 171)
إذن فقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الثقافة قد توجع العدو أكتر من السهام.



- النقطة الثالثة: هي الاهتمام بنواحٍ فنية أخرى، كجمال الصوت والتغني بالقرآن:


حديث: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن" (البخاري ج9)

اختيار النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا بلالا رضي الله عنه للأذان لجمال صوته فقال: مُــرْ بلالا فليؤذن فإنه أندى منك صوتا.

بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسير في شوارع المدينة ، سمع أبا موسى الأشعري وهو يقرأ القرآن ، وكان صوته جميلاً جداً ، فجلس النبي يستمع إليه، ثم في اليوم التالي التقى به فقال له : يا أبا موسى لو رأيتني البارحة وأنا أستمع إليك، لقد أوتيت مزماراً من مزامير داوود . فقال يا رسول الله : والله لو كنت أعلم أنك كنت تسمع لحبَّرتُهُ لك تحبيراً (أي لجوّدته لك أكثر وأكثر) فضحك النبي صلى الله عليه وسلم .

عندما دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة .. هل استقبلوه بالقرآن أم بالنشيد؟ لقد استقبلوه بنشيد "طلع البدر علينا" .

عند قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، خرجت جوارٍ (بنات صغيرات) من بني النجار يضربن بالدفوف وهن يقلن:
نحن جوار من بني النجار ......................... يا حبذا محمد من جار
فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أتحبوني؟ فقالوا: أي والله يا رسول الله، قال: أنا والله أحبكم، أنا والله أحبكم. (دلائل النبوة للبيهقي ج2/508 )

أمـ جود ـ غير متواجد حالياً
قديم 02-12-2004, 09:31 AM   #4


 رقم العضوية :  4
 تاريخ التسجيل :  22-07-2004
 المشاركات :  6,182
 العمر :  40
 عدد النقاط :  32
 قوة التقييم :  أمـ جود ـ is on a distinguished road
 اخر مواضيع » أمـ جود ـ
 تفاصيل مشاركات » أمـ جود ـ
 أوسمة و جوائز » أمـ جود ـ
 معلومات الاتصال بـ أمـ جود ـ

افتراضي




- النقطة الرابعة: الاهتمام بالصورة لإيصال الفكرة:

رسم رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة صورة تمثيلية يبين لهم فيها ملخصا لحياة الإنسان: "عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: خط النبي صلى الله عليه وسلم مربعا، وخط خطاً في الوسط خارجاً منه، وخط خُططاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال: هذا الإنسان، وهذا أجله محيطاً به، وهذا الذي هو خارجٌ: أمله، وهذه الخُطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا، نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا" (رواه البخاري).

وإليكم مثالاً أوضح على اهتمام الإسلام بالصورة لإيصال الأفكار الهامة وغرسها في عقول وقلوب المسلمين، تأملوا معي هذا الحديث الأساسي والمعروف، والذي يبين لنا تعريف الإيمان والإسلام والإحسان، وأركان كل منها، وكيف لعبت الصورة فيه دورا هاما:
يقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
"بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد ! أخبرني عن الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً. قال: صدقت . فعجبنا له يسأله ويصدقه !!..
قال: فأخبرني عن الإيمان . قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان . قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال:............. إلخ
ثم انطلق، فلبث ملياً (أي الرسول) ثم قال: يا عمر! أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم أمور دينكم. (رواه مسلم)
لقد كان في إمكان النبي صلى الله عليه وسلم أن يصعد المنبر ، ويخطب في الناس، ويُعرِّف لهم الإيمان والإسلام والإحسان، ولكن الله تعالى أراد أن يغرس هذه الصورة في أذهانهم بهذا المشهد العجيب الذي يثير دهشتهم وتساؤلهم عن هذا الرجل الغريب حسن الصورة والهيئة، فيشد انتباههم، فيثبت الدرس في نفوسهم.
لقد استخدم الإسلام الصورة والمشهد لترسيخ المعنى، ليدلنا على أن الصورة تؤثر أكثر من الكلام الخطابي.


حتى المنبر والذي هو ركن أساسي من أي جامع، ما هو إلا وسيلة إعلامية، فالمنبر صنع من أجل الخطيب كي تراه الناس وتنظر إليه وهي تسمعه ، فاستخدام الصورة أمر مهم في الإسلام .



- النقطة الخامسة: موقف النبي من الثقافات السابقة
ألم توجد ثقافة قبل عهد النبي؟
بلى ... كانت توجد المعلقات والشعر و الأسواق الأدبية كعكاظ وذي المجاز وغيرها.. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يرفض الثقافة ويرمِها وراء ظهره، وإنما وظفها لخدمة الفكرة ولخدمة المرحلة، وهذا ما نريده، لقد حولها من ثقافة لا تبني إلى ثقافة تبني النهضة وتبني المجتمع فصار دورها عظيما وثوابها كبيرا.

بل حتى فن الكوميديا نجد له أثرا وجذورا في الإسلام، فقد كان من الصحابة من اشتهر بخفة الظل، والحرص على افتعال المواقف التي تضحك النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، بغية الترويح عنهم، وقد ذكر ابن حجر هؤلاء الصحابة في كتابه "الإصابة"، فمنهم مثلاُ سيدنا نعيمان رضي الله عنه.
شاهد سيدنا نعيمان رجلاً أعرابياً جاء من البادية ليبيع العسل، فقال له سيدنا نعيمان : تعال، وأخذه إلى باب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أخذ منه جفنة من العسل ، ثم قال نعيمان للنبي : يارسول الله أحببت أن أهدي لك عسلاً ، فأنت تحب العسل . ففرح النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ منه العسل، ثم خرج نعيمان إلى الأعرابي وقال له : ثمن العسل عند الرجل الذي بالدار .. وذهب نعيمان وترك الأعرابي أمام باب النبي ، فلبث قليلاً ثم قرع باب النبي، ففتح النبي الباب ، فإذا بالأعرابي أمامه يقول : أريد ثمن العسل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما العسل؟.. فردد الأعرابي : أعطني ثمن العسل . فقال له النبي أنه هدية. فقال الأعرابي : ستماطلونني ؟؟.. فقال النبي : فعلها نعيمان .. وأعطى النبي الأعرابي ثمن العسل .. ثم ذهب إلى نعيمان ، وسأله : لم فعلت ذلك ؟ قال : يارسول الله أعلم أنك تحب العسل ، و ليس معك ثمنه ، فقلت إذا أعطيتك العسل فسيأتيك الله بالمال .. فهذا نعيمان رضي الله عنه وأرضاه.


نخلص من كل ما عرضناه سابقاً ، أن الفن والثقافة قد لعبا دوراً مهما في الإسلام، وأن الحضارة الإسلامية التي تأسست بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قامت على الثقافة والفنون .
لذا فإننا ننادي شباب الفنانين ، و الشباب الموهوبين ، ونقول لهم: نريدكم أن تشاركوا معنا في مشروع صناع الحياة ، ومشروع النهضة ، فليس هناك نهضة من غير أن يكون لكم دور فيها .. ولن نستطيع أن نحقق نهضتنا إلا بمشاركتكم ومساعدتكم لنا ، فنحن نحتاج لكم .
وأريد أن أسأل: لماذا تنحصر تخصصات الشباب في نوادي صناع الحياة في كل العالم العربي فقط في الهندسة والطب والتجارة والآداب ؟ أين دور الفنانين؟، أين المعاهد الفنية؟ أين شباب صناع الحياة من المعاهد الفنية ؟ والموهوبين فنياً في الثقافة والفنون؟ لماذا لم يشارك معنا أحد من هذا المجال؟ لماذا لا نجد عنصر الفنانين الذين سيحملون الرسالة على أكتافهم ليشاركوا في تحقيق النهضة؟

أمـ جود ـ غير متواجد حالياً
قديم 02-12-2004, 09:32 AM   #5


 رقم العضوية :  4
 تاريخ التسجيل :  22-07-2004
 المشاركات :  6,182
 العمر :  40
 عدد النقاط :  32
 قوة التقييم :  أمـ جود ـ is on a distinguished road
 اخر مواضيع » أمـ جود ـ
 تفاصيل مشاركات » أمـ جود ـ
 أوسمة و جوائز » أمـ جود ـ
 معلومات الاتصال بـ أمـ جود ـ

افتراضي


الشكل الحالي للفنون والثقافة في بلادنا:
1- التقليد الأعمى : فالفيديو كليب عبارة عن صورة وكلمات للأغنية .. وما يفعلونه في أيامنا هذه أنهم يأخذون الصورة من الغرب كما هي، ثم يضيفون إليها كلمات عربية. فمشكلة الفيديو كليب ليست فقط في الكلمات الخليعة ، والحركات الخليعة ، ولكن المشكلة الأكبر تتمثل في أنه استيراد لشيء لا يخصنا ولا يعبر عنا، فكيف تكون النتيجة؟ عمل ليس له أي قيمة... فيعجز الفن عندها عن الرقي بالروح ، فيتجه نحو الغريزة والشهوة ..
2- المشكلة الثانية هي الاستيراد: .. وهذه كارثة ، فنحن لم نكتف باستيراد القمح والغذاء والمصنوعات، بل صرنا نستورد الثقافة والفنون أيضاً، وهذا معناه أننا نطمس ملامحنا، ونركب على وجوهنا قناعاً غريباً لا يمثلنا ولا يعبر عنا، وهذا أسوأ من استيراد القمح ، أن تستورد فناً غير فنك ، وتركبه على وجهي، فأكون مثل الببغاء.. يردد كلام غيره. فهل ندرك خطورة هذا الأمر ..

أيها الفنان ستُسأل يوم القيامة أمام الله عما تفعله بشعبك!... فأنت تطمس ملامحي... أنت تطمس ملامح أمة .... أنت تركب على جسمي وجه رجل آخر... أنت تدمرني تماماً. هذه ليست عولمة..... بل هي تضييع ملامح وطمس هوية .

3- انعدام الإبداع: والأصل في الفن أن تبدع ، والإبداع أن تأتي بالشيء على غير سابق مثال . ولو نظرنا للإنتاج الفني الحالي لوجدنا أن 70% من الإعلانات اليوم والتي نشاهدها على شاشاتنا، مسروقة من تلفزيونات إيطاليا وإسبانيا ، والموسيقى التي نسمعها في بلادنا أيضاً 90% منها مسروق من الموسيقى التركية والغربية ، فنحن لا نبدع، لأنه ليس هناك من يريد أن يبدع ، فالجميع متهاون في الأمر، وليس عنده أي طموح يدفعه للتفكير ليأتي بأشياء جميلة ، وبالتالي فكل الكلام يأتي كلاماً فارغاً وتافهاً، وصارت الأغاني كلها في إطار (حبيبي ، وحبيتها ومش قادر استغني عنها وحاموت من غيرها ومش قادر اسيبها ، وهي ليه سابتني ، واجيبها ازاي ، وحد يقوللي ، ومين يجيبلي حبيبي) .... (ومين يجيبلي حبيبي !!...) حتى في هذه أنت سلبي ؟!!.... وتريد أن يأتي لك الناس بحيبك؟؟!!...
واكتب –إن شئت- كلام أي أغنية تحبها ، ثم اقرأ هذا الكلام، وسترى كيف ستضحك منه ومن تفاهته وعدم ترابطه، ثم يؤدي هذه الكلمات مغنٍ خليع، بصوت رديء، ويصاحبه راقصة ترقص بجانبه من أجل أن تغطي على صوته الرديء...... فأين الإبداع؟ وأين جمال الكلمات؟؟ ..
أليس هذا وضع الفن الآن؟؟

أين المتاحف ؟ وأين المعارض التي تقام وتُعرض فيها الفنون الجميلة ؟ لو أنك ذهبت إلى لندن ومشيت قرب الهايد بارك يوم الأحد، فستجد على طول سور هذا المنتزه والذي يبلغ تقريبا 1 كلم، لوحات لفنانين في غاية الروعة . أما نحن فللأسف لا يوجد لدينا إبداع، ولا نأتي بأشياء جديدة .

أيها الفنانون!!... سوف تُسألون يوم القيامة عن تضييعكم لملامح الأمة... ومن أجل ماذا؟ من أجل الرزق .
ويا من تسمعونني!!... إن أنتم رضيتم بهذا الوضع ولم تقوموا بتبليغ هؤلاء -وبكل أدب وذوق وبالحكمة والموعظة الحسنة كما علمنا ديننا- بأنه لا يليق بهم أن يفعلوا ما يفعلونه، فسيعرض هذا الفن على أولادكم ، وهذه الثقافة سيتغذى بها أبناؤكم ، وسترون بأعينكم كيف تمسخ عقولهم، فهل ترضون بهذا؟ ألا تقومون بعمل إيجابي لتغيير هذا الأمر؟

من المسؤول عن هذا؟؟..... وهل هذا الذي يحدث صدفة؟؟.....
إن كان ضياع الهوية صدفة ، فهذه مصيبة ، وإن كان مخططاً له..... فهذه جريمة ..

الفن والثقافة ومواكبتهما لمرحلة النهضة:
كل أمة من الأمم تمر بمراحل متعددة ، مرحلة ما قبل النهضة ، ثم مرحلة بداية النهضة ، ثم مرحلة قوة النهضة ، وأخيراً مرحلة قمة النهضة ، إلى أن تبدأ هذه الأمة بالسقوط .. ومهمة الفن الصحيح أن يواكب هذه المراحل، ويعبئ الأمة في كل مرحلة للمرحلة التي تليها. ففي مرحلة بداية النهضة، على الفن أن يكون دافعا للأمة إلى الأمام، أما في مرحلة قمة النهضة مثلا، فتكون مهمة الفن الترفيه وتهدئة المشاعر..
ولكن الواقع يقول أن هناك أمماً لم تنهض ولا تريد أن تنهض، وراضية بالحضيض ، و نحن بالتأكيد لسنا من بين هذه الأمم ، ورسالة صناع الحياة هي أننا إذا كنا لا نملك إمكانية تحقيق النهضة فنحن على الأقل لدينا رغبة صادقة لتحقيق هذه النهضة. فهل الفن والثقافة في بلادنا يساعدان على هذا الأمر؟؟.. بكل أسف... لا...
إنه لأمر في منتهى الخطورة، أن تأتي بفن وثقافة أمة في أعلى منحنى النهضة ، وبدأت تلجأ إلى الترف والمجون، وتضعه في طريق أمة في مرحلة البداية ، أن تأتي بفن أمة نهضت ثم بدأت في السقوط، وتركِّب هذا الكلام على أمة هي في بداية مرحلة الصعود، فيتسبب هذا في وقوع هذه الأمة وترديها أكثر وأكثر في مهاوي الانحدار والانحطاط. فهل أدركتم أهمية الثقافة والفنون في عمل النهضة، ومدى تأثيرهما إما بالنجاح أو بالسقوط ؟..

انظروا لأوروبا أيام النهضة، وكيف كان فنها وأدباؤها ومثقفوها يواكبون هذه المرحلة، ويدفعون بالأمة إلى الأمام، واقرؤوا لفولتير وجان جاك روسو.... وغيرهما.

بل انظروا إلى بلادنا في مرحلة ما بعد الاستعمار، في فترة الخمسينات ، كيف كان الفن والثقافة يدفعان للنهضة .. أليس هذا صحيحاً ؟ (في بعض الأعمال الفنية على الأقل؟)
كيف كانت الأغاني في ذلك الوقت : "أخي لقد جاوز الظالمون المدى، فحق الجهاد وحق الفدى" ، أو أغنية أخرى : "خلي السلاح صاحي ، صاحي،... إن نامت الدنيا صحيت مع سلاحي" .
كيف كانت الأغاني وقت حرب 6 أكتوبر ؟ كان الفن والثقافة عنصران أساسيان لتشجيع الجنود في أرض المعركة، فالأغاني كانت خاصة بالجيش المصري ، وكاتب هذه الأغاني كان منهم، مدركا لرسالتهم، ومنتميا لثقافتهم، ومعبرا عنها، كان يعرف أن الجندي على الجبهة هو رجل صعيدي ، ودمه حار، ولو سمع بأن النساء يتعرضن لأي أذى فسيغلي الدم في عروقه، فيكتب الشاعر الذي يفهم ثقافة بلده، ولم يأتِ بثقافة مستوردة: "البنت قالت فستاني... منشور على البر التاني" وهي كلمات عامية مصرية، تعني: استروني يا إخوتي على الجبهة، وأعيدوا لي ثيابي لتستروني، وذلك بعبوركم و بتحريركم للبر الثاني.

فهل يعبر الفن الآن عن المرحلة التي نحن فيها؟ أو التي نستعد لها؟

إن كنتم ترضون بالاستمرار في الحضيض.. فدعوا الفنانين يفعلون ما يريدون ، أما إن كنتم جادين في رغبتكم بتحقيق النهضة، فأنا أناديكم من هنا.. وأرجو من كل من يسمع كلمتي أن يقوم بإيصالها للفنانين: أرجوكم نحن في بداية صناعة نهضة، وهذه المرحلة تحتاج أن تضعوا أيديكم في أيدينا ، وتساعدونا، وتفكروا معنا لدفع هذه النهضة إلى الأمام ، وحرام أن يكون هناك من يبني وغيره يهدم ..

هل الفن حلال أم حرام؟
في ختام هذه الحلقة لا بد لنا من الإجابة على أسئلة تدور دائما في أذهاننا:
الفن حلال أم حرام ؟ الأغنية حلال أم حرام ، التمثيل ، السينما ، المسرح، وهل يجوز للنساء أن يمثلن أم لا .. وهل يجوز أن نسمع أغانٍ أم لا ....إلخ

في الحقيقة ... الموضوع أكبر من هذا بكثير ، فكيف تريدون منا أن نحكم بالجواز أو الحرمانية على أمر غريب عنا، لم ينشأ في أرضنا، بل جاءنا مستوردا دخيلا ؟؟...
كل الفنون الآن مستوردة من الخارج وبالتالي فهي غير ملائمة لقيمنا ولا لمناخنا ، فهذه جاءت لقوم آخرين، ولفكر آخر ، في مرحلة أخرى ومعتقدات أخرى، وبقيم غير قيمنا، ثم تسألني إن كانت حلالاً أو حراماً ؟
إنما الفن بأنواعه أداةٌ نستخدمها ، وبحسب استخدامنا لها يكون حكمنا عليها، فهي مثل السكين،قد تذبح بها طيراً لتأكله ، أو تذبح بها إنساناً لتقتله وأنت له ظالم ، فإذا جاءت هذه الثقافة بناءً على معتقداتنا وقيمنا ، ونحن في مرحلة بداية النهضة ، وموجَّهةً لفائدتنا، عندها لن تكون حلالاً فقط، بل تكون أداة لتحريك نهضتنا.

رسالتان موجهتان للفنانين:
الرسالة الأولى : نرجو منكم أن تكون أعمالكم الفنية مناسبة للمرحلة التي نحن فيها، وهي مرحلة بداية النهضة ، فادفعوا الناس إلى الأمام، وارتقوا بأرواحهم، وأججوا حماسهم، ولا تكونوا سبباً في التهميش والضياع.
الرسالة الثانية: لا نريد أن نستورد الفن من الخارج ، نريده أن يكون من إنتاجنا، ولا تنسوا أننا كنا روادا في مجالات فنية كثيرة على مدى التاريخ، لذا نريد إبداعاً لا استيراداً.

هل هناك ضوابط لحرية الفن؟
بمعنى آخر : هل نشجع الرقابة أم لا؟
لو تكلمنا بصراحة لقلنا إن موضوع الرقابة هو فكرة جديدة ، نشأت لظروف أمنية وسياسية ، ولم تكن موجودة من قبل . والذي أراه أن يُترك لكل أحد أن يعبر عن ثقافته وفنه بالطريقة التي يريدها ، وتترك له كافة الوسائل للتعبير عن رأيه من غير أي مصادرة ، ولكن يُترك للرأي الآخر في نفس الوقت حرية التعبير والحجة. فالقرآن نقل لنا كلام إبليس وردّ عليه ، وعقيدتنا الإسلامية تعلمنا أن الحجة الأقوى هي التي تسود، وحجتنا قوية جداً جداً . وفي النهاية {فأما الزبد فيذهب جُفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال} (الرعد17)

نداء للفنانين التائبين المعتزلين:
ختاما نتوجه بالنداء للفنانين المعتزلين التائبين، وأنا في الحقيقة أعترض على هذه التسمية، فأما التوبة فهي أمر بينهم وبين الله عز وجل، وأما الاعتزال فلماذا؟ إننا نتوق للعثور على من يفهم رسالة الفن على وجهها الحقيقي، ويستطيع استخدام هذه الوسيلة الفعالة في النهضة، فلم يدعونها ويتركونها؟ أنا أعلم بأنهم يتعرضون لضغوط شديدة، ولكن صبرهم هو جهادهم .

هناك كثير من الشباب الفنانين يقابلونني ويسألونني ، ودائماً أقول لهم كلمة واحدة : يجب أن تكون دائماً صاحب رسالة ، واحذر أن تبيع رسالتك من أجل لقمة العيش، فأنت ستقف أمام الله يوم القيامة وستُسأل عن هذه الموهبة التي أنعم بها عليك، ماذا فعلت بها؟ فبم ستجيب؟ أنك بعت رسالتك، وضيعت أمتك، وطمست ملامحها من أجل لقمة العيش؟ ألم تسمع قوله تعالى: { وفي السماء رزقكم وما توعدون(22) فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون(23) }(الذاريات)

أدعو الله أن تصل رسالتي هذه للشباب الفنانين ، وأتمنى ممن يسمعني أن يقوم بإيصالها لكل فنان يعرفه، وبالذات في المعاهد الفنية ، وكليات الفنون التشكيلية ، والتطبيقية ، والفنون الجميلة ، وشباب العمارة ، وشباب النحاتين ، وكتّاب الأغاني ، والملحنين ، والمغنيين ، والرسامين ، والمخرجين ، والكتاب ، والمسرحيين ، إلى كل من يعمل بالثقافة والفن والإعلام .

الواجب العملي للحلقة:

إعادة صياغة الأحلام في مجال الثقافة والفنون

مراسلة الفنانين لنطلب منهم أن يرسلوا لنا رؤىً جديدة لنضيفها للمشروع.

تنفيذ مشروع محو أمية الكمبيوتر بكل قوة، وأن نبذل فيه كل الجهد.

مطلوب من كل من يسمعني: أرجوكم أن لا تقبلوا أن تطمس ملامح الأمة ، وحافظوا على ثقافتنا وعلى فنوننا.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

كتبتها : ندى دبليز

أمـ جود ـ غير متواجد حالياً
قديم 13-12-2004, 04:30 PM   #6


 رقم العضوية :  14
 تاريخ التسجيل :  25-07-2004
 المشاركات :  715
 عدد النقاط :  10
 قوة التقييم :  اميرة الساهر is on a distinguished road
 اخر مواضيع » اميرة الساهر
 تفاصيل مشاركات » اميرة الساهر
 أوسمة و جوائز » اميرة الساهر
 معلومات الاتصال بـ اميرة الساهر

افتراضي


واللة الموضوع هذا جدا ممتع


تستحق الوقوف شكرا ....علي جمال التقديم....


اشكرا كثير

اميرة الساهر غير متواجد حالياً
قديم 15-12-2004, 04:09 PM   #7


 رقم العضوية :  4
 تاريخ التسجيل :  22-07-2004
 المشاركات :  6,182
 العمر :  40
 عدد النقاط :  32
 قوة التقييم :  أمـ جود ـ is on a distinguished road
 اخر مواضيع » أمـ جود ـ
 تفاصيل مشاركات » أمـ جود ـ
 أوسمة و جوائز » أمـ جود ـ
 معلومات الاتصال بـ أمـ جود ـ

افتراضي


شكرا لكلماتك اميرة الساهر

وبإذن الله نستطيع ان نقدم كل مايهم الفرد المسلم

وجزى الله كل من يقدم الفائدة للناس

عن طريق الكلمة وانا اتمنى من الكل التواصل للبحث عن الأجر

أمـ جود ـ غير متواجد حالياً
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأفكار السلبية تخلق حلقة مفرغة بدماغك Juliowm مجلس تطوير الذات 4 29-07-2023 04:12 PM
حلقة من توم وجيري ابكتني دما وليس دمعا طيب وحبوب مجلس أوراق ملونة 4 12-08-2009 09:29 AM
حلقة ثمار صناع الحياة1 أمـ جود ـ مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور 10 15-12-2004 04:12 PM


الساعة الآن 02:58 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لـ : منتديات العبير
المحتوى المنشور فى موقع العبير لايعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبها