العودة   منتديات العبير > ₪۩ ۞.۞ ۩المنتديات الإسلامية۩ ۞.۞ ۩₪ > مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور

مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور نفحات إيمانية على مذهب أهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-07-2007, 02:40 AM   #1


 رقم العضوية :  10
 تاريخ التسجيل :  20-02-2007
 المشاركات :  19,959
 الجـنـس :  ذكر
 عدد النقاط :  91
 قوة التقييم :  سكوتي كلآآم will become famous soon enough
 اخر مواضيع » سكوتي كلآآم
 تفاصيل مشاركات » سكوتي كلآآم
 أوسمة و جوائز » سكوتي كلآآم
 معلومات الاتصال بـ سكوتي كلآآم

شرح كتاب الصيام من الشرح الممتع على "زاد المستقنع" (3)


شرح كتاب الصيام من الشرح الممتع على "زاد المستقنع" (3)
سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

المصدر: موقع الشيخ ابن عثيمين

بَابُ مَا يُكْرَهُ، وَيُسْتَحَبُّ، وَحُكْم القَضَاءِ

قوله: "باب ما يكره ويستحب وحكم القضاء" هذه ثلاثة عناوين جمعها المؤلف في باب واحد.

فقوله: "ما يكره" أي: في الصيام، "ويستحب" أي: في الصيام، "وحكم القضاء" أي: قضاء رمضان.
والمكروه عند الفقهاء: هو الذي نهى عنه الشرع لا على وجه الإلزام بالترك؛ لأنه إن نهى عنه على وجه الإلزام بالترك صار حرامًا، وأمثلته كثيرة، ففي الصلاة مكروهات، وفي الوضوء مكروهات، وفي الصيام مكروهات، وفي الحج وفي البيع وغيرها.
أما حكمه فإنه يثاب تاركه امتثالاً، ولا يعاقب فاعله، وبهذا ظهر الفرق بينه وبين الحرام، فالحرام إذا فعله الإنسان استحق العقوبة، أما هذا فلا.
وأما في لسان الشرع فإنَّ المكروه يطلق على المحرم، بل قد يكون من أعظم المحرمات، قال الله - تبارك وتعالى - في سورة الإسراء حين نهى عن منهيات عظيمة قال: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء:28]، وفي الحديث عن النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((إن الله كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال))[1]

وقوله: "ويستحب"، المستحب: هو المسنون، وهو ما أمر به لا على وجه الإلزام بالفعل، فإن أمر به على وجه الإلزام كان واجبًا.
وحكم المستحب أن يثاب فاعله امتثالاً ولا يعاقب تاركه، ولكنَّ ثوابَ المستحب أو المسنون، أقل من ثواب الواجب، بالدليل الأثرى والنظري.

أما الدليل الأثري: فقوله تعالى في الحديث القدسي: "ما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه" [2]، فصلاة ركعتين فريضة، أحب إلى الله من صلاة ركعتين نافلة.
وأما الدليل النظري: فإن إيجاب الله للواجب يدل على أنه أوكد، وأنَّ المكلف محتاج إليه أكثر من احتياجه إلى النوافل.

وهل يفرَّق بين المستحب والمسنون؟
الجواب: فرق بعض العلماء بينهما: بأن المستحب ما ثبت بقياس، والمسنون ما ثبت بسنة، أي بدليل.
ولكن الصحيح أنه لا فرق والمسألة اصطلاحية، فعند الحنابلة لا فرق بينهما، فلا فرق بين أن نقول: يستحب أن يتوضأ ثلاثًا، وأن نقول: يسن أن يتوضأ ثلاثًا، وهذا مجرد اصطلاح؛ أي: لو أن أحدًا قال في مؤلف له: أنا إن عبَّرت بيسن فإنما أعبِّر عن ثابت بسنة، وإن عبرت بيستحب فإنما عبرت عن ثابت بقياس، ثم مشى على هذا الاصطلاح لم ينكر عليه.

وقوله: "وحكم القضاء" سيأتي إن شاء الله حكمه، وأنه يجب القضاء، ولكن ليس على الفور؛ وإنما يكون على التَّراخي، فلك أن تؤخر قضاء رمضان، ولو بلا عُذْر إلى أن يبقى بينك، وبين رمضان الثاني مقدار ما عليك، فحينئذ يجب عليك أن تقضي.
يُكْرَهُ جَمْعُ رِيقِهِ فَيَبْتَلِعَهُ، وَيَحْرُمُ بَلْعُ النُّخَامَةِ، وَيُفْطِرُ بِهَا فَقَطْ إِنْ وَصَلَتْ إِلَى فَمِهِ.

قوله: "يكره جمع ريقه فيبتلعه"، "يبتلع": فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازًا؛ لأنه عطف على اسم خالص صريح، وابن مالك يقول:
وإِنْ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ فِعْلٌ عُطِفْ = تَنْصِبُهُ أَنْ ثَابتًا أو مُنْحَذِفْ.
وهنا "يبتلع": معطوفة على "جمع"، وجمع اسم خالص أي أنه مصدر، ومنه قول الشاعر:
ولُبْسُ عَبَاءَةٍ وتَقَرَّ عَيْنِي أَحَبُّ إليَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفُوفِ.
"وتقر": بالنصب معطوف على "لُبْس"، وهنا "يبتلع": بالنصب معطوفة على "جمع"، يعني يكره أن يجمع ريقه فيبتلعه، سواء فعل ذلك عبثًا، أو فعله لدفع العطش، أو لأي سبب آخر.
قال في "الروض" معللاً ذلك: للخروج من الخلاف، أي: خلاف من قال: إنه إذا فعل ذلك أفطر، فإن من العلماء من يقول: "إن الصائم إذا جمع ريقه، فابتلعه أفطر".

ولكن التعليل بالخلاف ليس تعليلا صحيحًا تثبت به الأحكام الشرعية، ولهذا كلما رأيت حكمًا علل بالخروج من الخلاف، فإنه لا يكون تعليلاً صحيحًا، بل نقول: الخلاف إن كان له حظ من النظر بأن كانت النصوص تحتمله، فإنه يراعى جانب الخلاف هنا، لا من أجل أن فلانًا خالف، ولكن من أجل أن النصوص تحتمله، فيكون تجنبه من باب الاحتياط، وإلا لزم القول بالكراهية في كل مسألة فيها خلاف، خروجًا من الخلاف، ولكانت المكروهات كثيرة جدًا؛ لأنك لا تكاد تجد مسألة إلا وفيها خلاف، وهنا ليس فيه دليل يدل على أن جمع الريق يفطر إذا جمعه إنسان وابتلعه، وإذا لم يكن هناك دليل، فإنه لا يصح التعليل بالخلاف.

وعلى هذا فنقول: لو جمع ريقه فابتلعه فليس بمكروه، ولا يقال إن الصوم نقص بذلك؛ لأننا إذا قلنا: إنه مكروه، لزم من ذلك أن يكون الصوم ناقصًا لفعل المكروه فيه.
وعلم من كلام المؤلف أنه لو بلع ريقه بلا جمع، فإنه لا كَرَاهَة في ذلك وهُوَ ظاهِر، وعليه فلا يجب التفل بعد المضمضة، ولا بعد شرب الماء عند أذان الفجر، ولا عند تجمع الريق بسبب القراءة، فإنه لم يعهد عن الصحابة - رضي الله عنهم - فيما نعلم - أن الإنسان إذا شرب عند طلوع الفجر، يتفل حتى يذهب طعم الماء، بل هذا مما يسامح فيه، لكن لو بقي طعم طعام؛ كحلاوة تمر، أو ما أشبه ذلك فهذا لا بد أن يتفله ولا يبتلعه.

قوله: "ويحرم بلع النخامة" بلع النخامة حرام على الصائم وغير الصائم؛ وذلك لأنها مستقذرة، وربما تحمل أمراضًا خرجت من البدن، فإذا رددتها إلى المعدة، قد يكون في ذلك ضرر عليك، لكنها تتأكد على الصائم؛ لأنها تفسد صومه، ولهذا قال:
"ويفطر بها فقط إن وصلت إلى فمه" وقوله: "فقط": التفقيط هنا لإخراج الريق، فالريق ولو كثر لا يفطر به الإنسان.

وقوله: "إن وصلت إلى فمه" هو ما يتبين فيه ذوق الطعام، فإن لم تصل النخامة إليه بأن أحس بها نزلت من دماغه، وذهبت إلى جوفه فإنها لا تفطر، وذلك لأنها لم تصل إلى ظاهر البدن، والفم في حكم الظاهر، فإذا وصلت إليه ثم ابتلعها بعد ذلك أفطر، وأما إذا لم تصل إليه فإنها ما زالت في حكم الباطن، فلا تفطر.
وفي المسألة قول آخر في المذهب، أنها لا تفطر أيضًا ولو وصلت إلى الفم وابتلعها، وهذا القول أرجح؛ لأنها لم تخرج من الفم، ولا يعد بلعها أكلاً ولا شربًا، فلو ابتلعها بعد أن وصلت إلى فمه، فإنه لا يفطر بها، لكن نقول قبل أن يفعل هذا: لا تفعل، وتجنب هذا الأمر، ما دام أن المسألة بهذا الشكل، وليست النخامة؛ كبلع الريق، بل هي جرم غير معتاد وجوده في الفم، بخلاف الريق، فالخلاف بالتفطير بها أقوى من الخلاف بالتفطير بجميع الريق والأمر واضح، ولكن كما قلنا أولاً إن ابتلاع النخامة محرَّم؛ لما فيها من الاستقذار والضرر.

مسألة: إذا ظهر دم من لسانه أو لثته، أو أسنانه، فهل يجوز بلعه؟
الجواب: لا يجوز لا للصائم ولا لغيره؛ لعموم قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: 3] وإذا وقع من الصائم فإنه يفطر، ولهذا يجب على الإنسان أن يلاحظ الدم الذي يخرج من ضرسه إذا قلعه في أثناء الصوم، أو قلعه في الليل، واستمر يخرج منه الدم ألا يبتلع هذا الدم؛ لأنه يفطره وهو أيضًا حرام.

وَيُكْرَهُ ذَوْقُ طَعَامٍ بِلاَ حَاجِةٍ، وَمَضْغُ عِلْكٍ قَوِيٍّ، وإنْ وَجَدَ طَعْمَهَما فِي حَلقِهِ أَفْطَرَ،....
قوله: "ويكره ذوق طعام بلا حاجة" أي: يكره أن يذوق الصائم طعامًا؛ كالتمر؛ والخبز والمَرَق، إلا إذا كان لحاجة فلا بأس؛ ووجه هذا أنه ربما ينزل شيء من هذا الطعام إلى جوفه من غير أن يشعر به، فيكون في ذوقه لهذا الطعام تعريض لفساد الصوم، وأيضًا ربما يكون مشتهيًا الطعام كثيرًا، ثم يتذوقه لأجل أن يتلذذ به، وربما يمتصه بقوة، ثم ينزل إلى جوفه.
والحاجة مثل أن يكون طباخًا يحتاج أن يذوق الطعام؛ لينظر ملحه، أو حلاوته؛ أو يشتري شيئًا من السوق يحتاج إلى ذوقه، أو امرأة تمضغ لطفلها تمرة، وما أشبه ذلك.

قوله: "ومضغ علك قوي" أي: يكره للصائم أن يمضغ علكًا قويًا، والقوي هو الشديد الذي لا يتفتت؛ لأنه ربما يتسرب إلى بطنه شيء من طعمه، إن كان له طعم.
فإن لم يكن له طعم فلا وَجْه للكراهة، ولكن مع ذلك لا ينبغي أن يمضغه أمام الناس؛ لأنه يساء به الظن إذا مضغه أمام الناس فما الذي يدريهم أنه عَلَك قوي أو غير قوي، أو أنه ليس فيه طعم أو فيه طعم؛ وربما يقتدي به بعض الناس، فيمضغ العلك دون اعتبار الطعم، وعلل ذلك في "الروض" بأنه يجلب البَلْغَم، ويجمع الريق، ويورث العطش[3]، فهذه ثلاث علل.

قوله: "وإن وجد طعمهما في حلقه أفطر" أي: وجد طعم الطعام الذي ذاقه ولو لحاجة، وطعم العلك القوي في حلقه أفطر، أي: فسد صومه، وهذا يعم صيام الفرض والنفل.
وعُلِمَ من قول المؤلف في حلقه أن مَنَاط الحكم، وصول الشيء إلى الحلق لا إلى المَعِدَة.
وخالف في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وقال: ليس هناك دليل يدل على أن مناط الحكم وصول الطعم إلى الحلق[4]، وهو واضح؛ لأنه أحيانًا يصل الطعم إلى الحلق، ولكن لا يبتلعه ولا ينزل، ويكون منتهاه الحلق فمثل هذا لا يمكن أن نتجاسر، ونقول: إن الإنسان يفطر بذلك، ثم إنه أحيانًا عندما يتجشأ الإنسان، يجد الطعم في حلقه؛ لكن لا يصل إلى فمه، ومع ذلك يبتلع الذي تجشأ به ولا نقول إنه أفطر؛ لأنَّه ربما يتجشأ، ويخرج بعض الشيء لكن لا يصل إلى الفم؛ بل ينزل وهو يحس بالطعم.

ويَحْرُمُ العِلْكُ المُتَحَلِّلُ إِنْ بَلَعَ رِيقَهُ، وَتُكْرَهُ القُبْلَةُ لِمَنْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ
قوله: "ويحرم العلك المتحلل إن بلع ريقه"، العلك المتحلل: هو الذي ليس بصلب بل إذا علكته تحلل، وصار مثل التراب، فهذا حرام على الصائم؛ لأنه إذا علكه لابُدَّ أن ينزل منه شيء؛ لأنه متحلل يجري مع الريق، وما كان وسيلة لفساد الصوم، فإنه يكون حرامًا إذا كان الصوم واجبًا، ويفسد الصوم إذا بلع منه شيئًا.

وقوله: "إن بلع ريقه"، فإن لم يبلع ريقه فإنه لا يحرم، فإذا كان الإنسان يعلك العلك فلما تحلل لَفَظَه فإنه ليس بحرام، أو كان يعلكه ويجمعه ثم يلفظه ولا ينزل، فإنه على كلام المؤلف لا يحرم؛ لأن المحظور من مضغ العلك المتحلل أن ينزل إلى الجوف وهذا لا ينزل.

فإن قال قائل: هل يقاس ما يكون في الفرشة من تدليك الأسنان بالمعجون على العلك المتحلل، أو على العلك الصلب القوي؟
فالجواب: قياس على المتحلل أقرب، ولهذا نقول: لا ينبغي للصائم أن يستعمل المعجون في حال الصوم، لأنه ينفذ إلى الحلق بغير اختيار الإنسان، لأن نفوذه قوي، واندراجه تحت الريق قوي أيضًا، فنقول: إن كنت تريد تنظيف أسنانك، فانتظر إلى أن تغرب الشمس ونظفها، لكن مع هذا لا يفسد الصوم باستعمال المعجون.

قوله: "وتكره القبلة لمن تحرك شهوته" القبلة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ألا يصحبها شهوة إطلاقًا، مثل تقبيل الإنسان أولاده الصغار، أو تقبيل القادم من السفر، أو ما أشبه ذلك، فهذه لا تؤثر ولا حكم لها؛ باعتبار الصوم.
القسم الثاني: أن تحرك الشهوة، ولكنه يأمن من إفساد الصوم بالإنزال، أو بالإمذاء، - إذا قلنا: بأن الإمذاء يفسد الصوم -، فالمذهب أن القبلة تُكْرَه في حقه.
القسم الثالث: أن يخشى من فساد الصوم إما بإنزال وإما بإمذاء - إن قلنا بأنه يفطر بالإمذاء، وسبق أن الصحيح أنه لا يفطر - فهذه تحرم إذا ظن الإنزال، بأن يكون شابًا قوي الشهوة، شديد المحبة لأهله، فهذا لا شك أنه على خطر، إذا قبل زوجته في هذه الحال، فمثل هذا يُقال في حقه يحرم عليه أن يقبل؛ لأنه يعرض صومه للفساد.

أما القسم الأول: فلا شك في جوازها؛ لأن الأصل الحل حتى يقوم دليل على المنع، وأما القسم الثالث فلا شك في تحريمها.
وأما القسم الثاني: وهو الذي إذا قبَّل تحركت شهوته لكن يأمن على نفسه، فالصحيح أن القبلة لا تُكْره له وأنه لا بأس بها؛ لأن النبي - صلّى الله عليه وسلّم – "كان يقبل وهو صائم"[5]، وسأله عمر بن أبي سلمة - رضي الله عنهما - عن قبلة الصائم، وكانت عنده أم سلمة فقال له: سل هذه، فأخبرته أن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - يُقَبل وهو صائم، فقال السائل: "أنت رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر"، قال: ((إني لأخشاكم لله، وأعلمكم به)) [6]، وهذا يدل على أنها جائزة سواء حركت الشهوة؛ أم لم تحرك، ويروى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: "ما أبالي قبلت امرأتي أو شممت ريحانًا" [7]، وشم الريحان لا يفطر الصائم لكنه ينعش النَّفَس ويسرها، وتقبيل الزوجة كذلك يسر، وينعش الإنسان؛ لكن ليس جماعًا ولا إنزالاً، فبأي شيء تكون الكَرَاهة.

وأما ما يُروى من أن النبي - صلّى الله عليه وسلّم – "سأله رجل عن القبلة فأذِن له، وسأله آخر فلم يأذَنْ له، فإذا الذي أذن له شيخ؛ والذي لم يأذن له شاب"[8]، فحديث ضعيف لا تقوم به الحجة، ضَعَّفَه ابن القيم - رحمه الله - وقال: لا يثبت عن النبي - صلّى الله عليه وسلّم -[9].

إذًا القبلة في حق الصائم تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم جائز؛ وقسم مكروه؛ وقسم مُحَرَّم؛ والصحيح أنهما قسمان فقط:
قسم جائز، وقسم مُحَرَّم، فالقسم المحرم: إذا كان لا يأمن فساد صومه، والقسم الجائز له صورتان:
الصورة الأولى: ألاَّ تُحَرِّك القبلةُ شهوته إطلاقًا.
الصورة الثانية: أن تحرك شهوته، ولكن يأمن على نفسه من فساد صومه.
أما غير القبلة من دواعي الوطء؛ كالضم ونحوه، فحكمها حكم القبلة ولا فَرْق.

وَيَجِبُ اجْتِنَابُ كَذِبٍ، وَغِيبَةٍ، وشَتْمٍ.........
قوله: "ويجب اجتناب كذب"، قوله "اجتناب"؛ أي البعد، والكذب هو الإخبار بخلاف الواقع سواء كان عن جهل أم عَمْد، مثاله عن الجهل: قول النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: كذب أبو السنابل، وكان أبو السنابل قد قال لسبيعة الأسلمية - التي وضعت حملها بعد موت زوجها بليال، فمر بها وقد تجملت للخطاب -، فقال لها: لن تحلي للأزواج حتى يأتي عليك أربعة أشهر وعشرًا، فلما ذكرت قوله لرسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -قال: كذب أبو السنابل[10]، ومثاله عن العمد: قول المنافقين إذا أتوا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: "نشهد إنك لرسول الله".

قوله: "غِيبة" بكسر الغين، وهي ذِكْرك أخاك بما يكره من عيب خِلقي؛ أو خُلقي؛ أو عملي؛ أو أدبي.

قوله: "شتم" هو القدح بالغير حال حضوره.
وهذه الأشياء حرام على الصائم وغيره، ولكنهم ذكروا هذا من باب التوكيد؛ لأنه يتأكد على الصائم من فعل الواجبات، وترك المُحَرَّمات، ما لا يتأكد على غيره. ودليل ذلك قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183]. هذه هي الحكمة من فرض الصيام أن يكون وسيلة لتقوى الله - عزّ وجل - بفعل الواجبات، وترك المحرمات.

ودليله من السنة: قول النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((من لم يَدَعْ قول الزور، والعمل به، والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))[11]؛ أي لم يرد الله منا بالصوم أن نترك الطعام أو الشراب؛ لأنه لو كان هذا مراد الله لكان يقتضي أن الله يريد أن يعذبنا، والله تعالى يقول: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ}[النساء:147] وإنما يريد منا - عزّ وجل - أن نتقي الله لقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وقوله - صلّى الله عليه وسلّم - في الحديث: ((من لم يدع قول الزور))؛ أي: الكذب، وإن شئت فقل الزور: كل قول مُحَرَّم؛ لأنه ازْوَرَّ عن الطريق المستقيم.

وقوله: ((والعمل به))؛ أي: بالزور، وهو كل فعل مُحَرَّم.

وقوله: ((والجهل))؛ أي: السَّفَاهة، وعدم الحلم، مثل الصخب في الأسواق، والسب مع الناس، وما أشبه ذلك، ولهذا قال النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يصخب - يعني لا يرفع صوته؛ بل يكون مؤدَّبًا - ولا يرفث، وإن أحد سابه أو قاتله، فليقل إني صائم))[12]، فينبغي أن يكون مؤدبًا، وبهذا نعرف الحكمة البالغة من مشروعية الصوم، فلو أننا تربينا بهذه التربية العظيمة لخرج رمضان، والإنسان على خلق كريم من الالتزام، والأخلاق، والآداب؛ لأنه تربية في الواقع.

مسألة: ذهب بعض السلف إلى أن القول المحرم والفعل المحرم في الصوم يبطله؛ كالغيبة، ولكن الإمام أحمد - رحمه الله - لما سُئِل عن ذلك، وقيل له: إن فلانًا يقول: إن الغيبة تفطر؟ قال: لو كانت تفطر ما بَقِيَ لنا صيام.

والقاعدة في ذلك أن المحرم إذا كان محرمًا في ذات العبادة أفسدها، وإن كان تحريمه عامًّا لم يفسدها، فالأكل والشرب يفسدان الصوم، بخلاف الغيبة، ولهذا كان الصحيح أن الصلاة في الثوب المغصوب، وبالماء المغصوب صحيحة؛ لأن التحريم ليس عائدًا للصلاة؛ فلم يقل الرسول - صلّى الله عليه وسلّم -: "لا تصلوا في الثوب المغصوب أو بالماء المغصوب"، فالنَّهْي عام.

وسُنَّ لِمَنْ شُتِمَ قَوْلُهُ: إِنِّي صَائِمٌ،.............
قوله: "وسن لمن شتم قوله: إني صائم" أي: إن شتَمَهُ أحد، أي: ذكره بعيب أو قَدْح فيه أمامه، وهو بمعنى السَّبِّ، وكذلك لو فعل معه ما هو أكبر من المُشَاتمة، بأن يقاتله أي: يتماسك معه؛ يسن له أن يقول: إني صائم، لقول النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((إن امرؤ شاتمه أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم)).

وهل يقولها سرًّا، أو جهرًا؟
قال بعض العلماء: يقولها سرًا. وقال بعض العلماء: جَهْرًا.
وفصل بعض العلماء بين الفرض والنفل، فقال: في الفرض يقولها جهرًا لبعده عن الرياء، وفي النفل يقولها سرًّا خوفًا من الرياء.

والصحيح أنه يقولها جهرًا في صوم النافلة والفريضة؛ وذلك لأن فيه فائدتين:
الفائدة الأولى: بيان أن المشتوم لم يترك مقابلة الشاتم إلا لكونه صائمًا، لا لعجزه عن المقابلة؛ لأنه لو تركه عجزًا عن المقابلة لاستهان به الآخر، وصار في ذلك ذل له، فإذا قال: إني صائم؛ كأنه يقول أنا لا أعجز عن مقابلتك، وأن أبين من عيوبك أكثر مما بينت من عيوبي، لكني امرؤ صائم.
الفائدة الثانية: تذكير هذا الرجل بأن الصائم لا يشاتم أحدًا، وربما يكون هذا الشاتم صائمًا؛ كما لو كان ذلك في رمضان، وكلاهما في الحضر، سواء حتى يكون قوله هذا متضمنًا لنهيه عن الشتم، وتوبيخه عليه.

وينبغي للإنسان أن يبعد عن نفسه مسألة الرياء في العبادات؛ لأن مسألة الرياء إذا انفتحت للإنسان لعب به الشيطان؛ حتى إنه يقول له لا تطمئن في الصلاة، وأنت تصلي أمام الناس؛ لئلا تكون مرائيًا، وحتى يقول له لا تتقدم للمسجد؛ لأنهم يقولون إنك مراءٍ، ويقول لا تنفق؛ لأنهم يقولون مراءٍ، وأيضًا أنه إذا اتبع السنة قد يكون قدوة لغيره، فمثلا: لو دعاك أحد لغداء في أيام البيض، وقلت: إني صائم حصل بذلك تمام العذر لأخيك فعذرك، وربما يقوده ذلك إلى أن يصوم فيقتدى بك، فالمهم أن باب الرياء ينبغي للإنسان ألا يكون على باله إطلاقًا، والله - سبحانه - مدح الذين ينفقون أموالهم سرًّا وعلانية، حسب الحال؛ قد يكون السر أفضل، وقد تكون العلانية أفضل.

وَتَأخِيرُ سُحُورٍ، وَتَعْجِيلُ فِطْرٍ............
قوله: "وتأخير سحور" أي سن تأخير سحور.
السُّحور: بالضم، لأن سَحورًا بالفتح اسم لما يتسحر به، وسُحور بالضم اسم للفعل، ولهذا نقول: وَضوءًا بفتح الواو اسم للماء، ووُضُوء بضم الواو اسم للفعل، ونقول: طَهور اسم لما يتطهر به، وطُهور بضم الطاء اسم لفعل الطهارة، وهذه قاعدة مفيدة تعصم الإنسان من الخطأ في مثل هذه الكلمات.

إذًا يسن تأخير السُّحور - بالضم -، أي: أن الإنسان إذا تسحر - والسحور سنة أيضًا - ينبغي له أن يؤخره؛ اقتداءً برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -؛ واحتسابًا للخيرية التي قال فيها الرسول - صلّى الله عليه وسلّم -: ((لا يزال الناس بخير، ما عجلوا الفطر، وأخروا السحور)) [13]، ففيه سنة قولية؛ وسنة فعلية، ورفقًا بالنفس؛ لأنه إذا أخر السحور، قَلَّتِ المدة التي يمسك فيها، وإذا عَجَّلَ فإنها تطول بحسب تعجيل السحور.
ولكن يؤخره ما لم يَخْشَ طلوع الفجر، فإن خَشِيَ طلوع الفجر فليبادر، فمثلاً إذا كان يكفيه ربع ساعة في السحور فيتسحر إذا بقي ربع ساعة، وإذا كان يكفيه خمس دقائق فيتسحر إذا بقي خمس دقائق؛ أي: يكون ما بين ابتدائه إلى انتهائه؛ كما بينه وبين وقت الفجر.

والدليل على هذا أن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - كان يُؤَخر السحور؛ حتى إنه لم يكن بين سحوره، وبين إقامة الصلاة إلا نحو خمسين آية[14]، ويقدرون بالآيات؛ لأنه لم تكن ساعات في ذلك الوقت، ولهذا ذكر العلماء - رحمهم الله - في بيان البناء على غلبة الظن في دخول وقت الصلاة علامات، منها إذا كان من عادته أن يقرأ حزبًا من القرآن، فإذا قرأ هذا الحزب، وكان من عادته أنه إذا أتمه دخل الوقت، فإنه يحكم بدخول الوقت، ويقدرون الأعمال بقدر ما تنحر الناقة، وما أشبه ذلك.
وتعتبر الآيات التي يقدر بها، والتلاوة بالوسط؛ لأننا لو اعتبرنا أطول آية مع الترتيل لطال الوقت.

قوله: "وتعجيل فطر" أي وسن تعجيل فطر.
أي: المبادرة به إذا غربت الشمس، فالمعتبر غروب الشمس، لا الأذان، لا سيما في الوقت الحاضر حيث يعتمد الناس على التقويم، ثم يعتبرون التقويم بساعاتهم، وساعاتهم قد تتغير بتقديم أو تأخير، فلو غربت الشمس، وأنت تشاهدها، والناس لم يؤذنوا بعد، فلك أن تفطر. ولو أذنوا وأنت تشاهدها لم تغرب، فليس لك أن تفطر؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: ((إذا أقبل الليل من هاهنا - وأشار إلى المشرق -، وأدبر النهار من هاهنا - وأشار إلى المغرب -، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم))[15].
ولا يضر بقاء النور القوي، فبعض الناس يقول: نبقى حتى يغيب القرص، ويبدأ الظلام بعض الشيء فلا عِبْرَة بهذا، بل انظر إلى هذا القرص متى غاب أعلاه فقد غربت الشمس، وسن الفطر.

ودليل سنية المبادرة:
1 - قوله - صلّى الله عليه وسلّم -: ((لا يزال الناس بخير ما عَجَّلُوا الفطر)) [16]، وبهذا نعرف أن الذين يؤخرون الفطر إلى أن تشتبك النجوم؛ كالرافضة أنهم ليسوا بخير.
2 - ويُرْوَى أن الله - سبحانه وتعالى - قال: ((أحب عبادي إلي أعجلهم فطرًا)) [17] وذلك لما فيه من المبادرة إلى تناول ما أحله الله - عزّ وجل - والله - سبحانه وتعالى - كريم، والكريم يحب أن يتمتع الناس بكرمه، فيحب من عباده أن يبادروا بما أحل الله لهم، من حين أن تغرب الشمس.

فإن قال قائل: هل لي أن أفطر بغلبة الظن، بمعنى أنه إذا غلب على ظني أن الشمس غربت، فهل لي أن أفطر؟
فالجواب: نعم، ودليل ذلك ما ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: "أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي - صلّى الله عليه وسلّم -، ثم طلعت الشمس"[18]، ومعلوم أنهم لم يفطروا عن علم؛ لأنهم لو أفطروا عن علم ما طلعت الشمس، لكن أفطروا بناءً على غلبة الظن أنها غابت، ثم انجلى الغيم فطلعت الشمس.
عَلَى رُطَبٍ، فَإِنْ عُدِمَ فَتَمْرٌ، فَإِنْ عُدِمَ فَمَاءٌ.

قوله: "على رطب" أي سن كون الفطور على رطب، والرطب هو التمر اللين الذي لم يَيْبَس، وكان هذا في زمن مضى لا يتسنى إلا في وقت معين من السنة، أما الآن ففي كل وقت يمكن أن تفطر على رطب، والحمد لله.

قوله: ((فإن عُدِمَ فتمر"؛ أي إن عدم الرطب فليفطر على تمر وهو اليابس، أو المجبن، والمُجَبَّن: هو المكنوز الذي صار؛ كالجبن مرتبطًا بعضه ببعض.

قوله: "فإن عُدِمَ فماء"؛ أي: إن عدم التمر فليفطر على ماء؛ لأن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال: ((إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور)) [19]، وثبت عنه - صلّى الله عليه وسلّم - من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يفطر قبل أن يُصَلِّي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حَسَا حسوات من ماء))[20].

مسألة: إذا كان عند الإنسان عَسَل وماء، فأيهما يُقَدِّم الماء أو العسل؟
فالجواب: يقدم الماء؛ لأن الرسول - صلّى الله عليه وسلّم - قال: ((فإن لم يجد فعلى ماء فإنه طهور))، فإن لم يجد ماء؛ ولا شرابًا آخر؛ ولا طعامًا؛ نوى الفطر بقلبه، ويكفي.

وقال بعض العوام: إذا لم تجد شيئًا فمص إصبعك، وهذا لا أصل له.

وقال آخرون: بُلَّ الغترة ثم مصها؛ لأنك إذا بللتها انفصل الريق عن الفم، فإذا رجعت ومصصتها أدخلت شيئًا خارجًا عن الفم إلى الفم، وهذا لا أصل له أيضًا.

بل نقول: إذا غابت الشمس وليس عندك ما تفطر به تنوي الفطر بقلبك، حتى إن بعض العلماء قال: إن قوله - صلّى الله عليه وسلّم -: ((إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغابت الشمس فقد أفطر الصائم)) [21]، أن المعنى أفطر حُكمًا، وإن لم يفطر حِسًّا، لكنه يسن له أن يبادر، وليس هذا ببعيد، إلا أنه يضعفه أن الرسول - صلّى الله عليه وسلّم -: "أذن لهم بالوِصال إلى السحر"[22].
ولم يتكلم المؤلف هنا عن الوِصال، لكن ربما نأخذ حكمه من قوله: "سن تعجيل فطر"؛ لأن الوصال لا يكون فيه تعجيل للفطر، فيكون خِلافًا للمسنون.

والوصال: أن يقرن الإنسان بين يومين في صوم يوم واحد، بمعنى ألا يفطر بين اليومين.

وحكمه قيل: إنه حرام، وقيل: إنه مكروه، وقيل: إنه مباح لمن قدر عليه، فالأقوال فيه ثلاثة.
والذي يظهر فيه التحريم؛ لأن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - نهاهم عن الوصال، فأبوا أن ينتهوا فتركهم، وواصل بهم يومًا ويومًا حتى دخل الشهر، أي: شهر شوال، فقال - صلّى الله عليه وسلّم -: ((لو تأخر الهلال لزدتكم؛ كالمنكل لهم)) [23]، وهذا يدل على أنه على سبيل التحريم، فالقول بالتحريم أقواها، ولكن مع ذلك ليس عندي فيه جزم؛ لأنه لو كان حرامًا؛ كما تحرم الميتة؛ ولحم الخنزير لمنعهم الرسول - صلّى الله عليه وسلّم - من فعله منعًا باتًّا، لكنه نهاهم عن ذلك رِفقًا بهم، ولهذا ذهب بعض الصحابة - رضي الله عنهم - إلى جواز الوِصال لمن قدر عليه؛ معلِّلاً ذلك بأنه إنما نُهِيَ عن الوِصال من أجل الرفق بالناس؛ لأنه يشق عليهم، فكان عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - يواصل إلى خمسة عشر يومًا[24]؛ لكنه - رضي الله عنه - تأول.
والصواب خلاف تأويله، وأن أدنى أحواله الكراهة، وأن الناس لا يزالون بخير ما عَجَّلُوا الفِطْر، لكن قال النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((فأيكم أراد أن يواصل، فليواصل إلى السحر))[25].

وَقَوْلُ مَا وَرَدَ............
قوله: "وقول ما ورد"؛ أي: سن قول ما ورد يعني عن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - عند الفطر، ومعلوم أنه ورد عند الفطر، وعند غيره التسمية عند الأكل أو الشرب، وهي - على القول الراجح - واجبة، أي يجب على الإنسان إذا أراد أن يأكل أو يشرب أن يسمي، والدليل على ذلك:
1 - أمر النبي - صلّى الله عليه وسلّم - بذلك[26].
2 - إخباره أن الشيطان يأكل مع الإنسان، إذا لم يُسَمِّ[27].
3 - إمساكه بيد الجارية والأعرابي حين جاءا؛ ليأكلا قبل أن يسميا، وأخبر أن الشيطان دفعهما، وأن يد الشيطان مع يديهما بيد النبي - صلّى الله عليه وسلّم -؛ ليأكل من الطعام[28].
ولكنه لو نَسِيَ فإنه يسمي إذا ذكر، ويقول: "بسم الله أوله وآخره"[29].
كذلك أيضًا مما ورد عند الفطر وغيره الحمد عند الانتهاء، فإن الله يرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها[30].

وأما ما ورد قوله عند الفطور، فمنه قول: ((اللهم لك صُمْت، وعلى رزقك أفطرت، اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم)) [31]، ووردت آثار أخرى والجميع في أسانيدها ما فيها، لكن إذا قالها الإنسان فلا بأس.

ومنها إذا كان اليوم حارًّا وشرب بعد الفطور، فإنه يقول: "ذهب الظمأ، وابتَلَّتِ العروق، وثبت الأجر إن شاء الله" [32]، وذهاب الظمأ بالشرب واضح، وابتلال العروق بذلك واضح، فالإنسان إذا شرب وهو عطشان يحس بأن الماء من حين وصوله إلى المعدة، يتفرق في البدن، ويحس به إحساسًا ظاهرًا، فيقول بقلبه: سبحان الله الحكيم العليم الذي فرقه بهذه السرعة، وظاهر الحديث أن هذا الذكر فيما إذا كان الصائم ظمآن، والعروق يابسة.

وَيُسْتَحَبُّ القَضَاءُ مُتَتَابِعًا، وَلاَ يَجُوزُ إِلَى رَمَضانٍ آخَرَ مِن غَيْرِ عُذْرٍ
قوله: "ويستحب القضاء متتابعًا" الاستحباب منصب على قوله: "متتابعًا" وليس على قوله: "القضاء"؛ لأن القَضَاء واجب، والمستحب كونه متتابعًا، ولو قال المؤلف: ويستحب التتابع في القضاء، لكان أحسن، أي: لا يفطر بين أيام الصيام، وذلك لثلاثة أوجه:
أولاً: أن هذا أقرب إلى مشابهة الأداء؛ لأن الأداء متتابع.
ثانيًا: أنه أسرع في إبراء الذمة، فإنك إذا صمت يومًا، وأفطرت يومًا تأخر القضاء، فإذا تابعت صار ذلك أسرع في إبراء الذمة.
ثالثًا: أنه أحوط؛ لأن الإنسان لا يدري ما يحدث له، قد يكون اليوم صحيحًا وغدًا مريضًا، وقد يكون اليوم حيًّا وغدًا ميتًا، فلهذا كان الأفضل أن يكون القضاء متتابعًا.
وينبغي أيضًا أن يبادر به بعد يوم العيد، فيشرع فيه أي: في اليوم الثاني من شوَّال؛ لأن هذا أسرع في إبراء الذمة، وأحوط.

قوله: "ولا يجوز إلى رمضان آخر من غير عذر" أي: لا يجوز تأخير القضاء إلى رمضانٍ آخر - ويجب التنوين هنا؛ لأن رمضان نكرة لا يراد به رمضان معين، بدليل قوله "آخر"، وزيادة الألف والنون لا تمنع من الصرف إلا إذا انضاف إلى ذلك علمية أو وصفية، وهنا ليس علمًا ولا وصفًا.
والضابط أن ما شرطه العلمية إذا كان نكرة فإنه ينْصَرِف. وقوله: "آخر" ممنوع من الصرف للوصفيَّة والعَدْل.
وعُلم من كلام المؤلف؛ أنه يجوز أن يؤخر القضاء إلى أن يبقى عليه عدد أيامه من شعبان، لقوله: "ولا يجوز إلى رمضان آخر" فيجوز أن يقضيَه في أي شهر متتابعًا ومتفرقًا، بشرط ألاَّ يكون الباقي من شعبان بقدر ما عليه، فإذا بقي من شعبان بقدر ما عليه فحينئذٍ يلزمه أن يقضي متتابعًا.

وقوله: "من غير عذر" عُلِم منه أنه لو أخره إلى رمضان آخر لعذر فإنه جائز، مثل أن يكون مسافرًا فيستمر به السفر، أو مريضًا فيستمر به المرض، أو تكون امرأة حاملاً ويستمر بها الحمل، أو مرضعًا تحتاج إلى الإفطار كل السنة؛ لأنه إذا جاز أن يفطر بهذه الأعذار في رمضان وهو أداء، فجواز الإفطار في أيام القضاء من باب أولى.

وقوله: "ولا يجوز إلى رمضانٍ آخرَ مِنْ غير عُذر" لم يتكلم المؤلف عن الصيام قبل القضاء، فهل يجوز أن يصوم قبل القضاء، وهل يصح لو صام؟
والجواب إن كان الصوم واجبًا؛ كالفدية؛ والكفارة فلا بأس، وإن كان تطوعًا، فالمذهب لا يصح التطوع قبل القضاء، ويأثم. وعللوا أن النافلة لا تُؤَدَّى قبل الفريضة.
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك ما لم يضق الوقت، وقال: ما دام الوقت موسعًا فإنه يجوز أن يتنفل، كما لو تنفل قبل أن يصلي الفريضة مع سعة الوقت، فمثلاً الظهر يدخل وقتها من الزوال، وينتهي إذا صار كل ظل شيء مثله، فله أن يؤخرها إلى آخر الوقت، وفي هذه المدة يجوز له أن يتنفل؛ لأن الوقت موسع.
وهذا القول أظهر وأقرب إلى الصواب، يعني أن صومه صحيح، ولا يأثم؛ لأن القياس فيه ظاهر.

ولكن هل هذا أَوْلى أو الأَوْلى أن يبدأ بالقَضَاء؟
الجواب: الأَوْلى أن يبدأ بالقضاء، حتى لو مَرَّ عليه عشر ذي الحجة، أو يوم عرفة، فإننا نقول: صُم القضاء في هذه الأيام، وربما تدرك أجر القضاء، وأجر صيام هذه الأيام، وعلى فرض أنه لا يحصل أجر صيام هذه الأيام مع القضاء، فإن القضاء أفضل من تقديم النفل.
والجواب عن التعليل الذي ذكره الأصحاب أن نقول: الفريضة وقتها في هذه الحال موسع، فلم يُفْرَض عليَّ أن أفعلها الآن؛ حتى أقول إنني تركت الفرض، بل هذا فرض في الذمة وسع الله - تعالى - فيه، فإذا صمت النفل فلا حَرَج.

وهنا مسألة ينبغي التنبه لها:
وهي أن الأيام الستة من شوال لا تقدم على قضاء رمضان، فلو قدمت صارت نفلاً مطلقًا، ولم يحصل على ثوابها الذي قال عنه الرسول - صلّى الله عليه وسلّم -: ((من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان؛ كصيام الدهر)) [33]؛ وذلك لأن لفظ الحديث ((من صام رمضان)) ومن كان عليه قضاء، فإنه لا يصدق عليه أنه صام رمضان، وهذا واضح، وقد ظن بعض طلبة العلم أن الخلاف في صحة صوم التطوع قبل القضاء، ينطبق على هذا، وليس كذلك، بل هذا لا ينطبق عليه؛ لأن الحديث فيه واضح؛ لأنه لا ستة إلا بعد قضاء رمضان.
والدليل على جواز تأخير القضاء قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185].

وأما الدليل على أنه لا يؤخر إلى ما بعد رمضان الثاني، فما يلي:
1 - حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان يكون عليَّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان" [34]، فقولها: "ما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان" دليل على أنه لا يؤخر إلى ما بعد رمضان، والاستطاعة هنا الاستطاعة الشرعية، أي: لا أستطيع شرعًا.
2 - أنه إذا أخره إلى بعد رمضان صار؛ كمن أخر صلاة الفريضة إلى وقت الثانية من غير عذر، ولا يجوز أن تؤخر صلاة الفريضة إلى وقت الثانية إلا لعذر.
فإن قال قائل: قول عائشة - رضي الله عنها - "فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان" دليل على وجوب الفورية في القضاء لمن استطاع، فنقول: لو كان ذلك واجبًا شرعًا لما مكَّنَها الرسول - صلّى الله عليه وسلّم - من تركه. والاستطاعة هنا استطاعة شرعية؛ وذلك مراعاة للرسول - صلّى الله عليه وسلّم -، وحسن عشرته، وليست استطاعة بدنية.

فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ مَعَ القَضَاءِ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يومٍ............
قوله: "فإن فعل فعليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم"؛ أي: لو أخر القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني بلا عذر كان آثمًا، وعليه مع القضاء إطعامُ مسكين لكل يوم.
أما وجوب القضاء؛ فلأنه دين في ذمته لم يقضه فلزمه قضاؤه.
وأما الإطعام فجبرًا لما أخل به من تفويت الوقت المحدد، فيطعم مع كل يوم يقضيه مسكينًا، فإذا قدرنا أن عليه ستة أيام، فإنه يصومها، ويطعم معها ستة مساكين، وقد روي في هذا حديثٌ مرفوعٌ عن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - أنه أمر بالإطعام مع القضاء فيمن أخر إلى ما بعد رمضان[35]، لكنه حديث ضعيف جدًّا لا تقوم به حجة، ولا تشغل به ذِمَّة.

وروي أيضًا عن ابن عباس، وأبي هريرة - رضي الله عنهم - أنه يلزمه الإطعام[36]، وما ذكر عنهما فإنه محمول على أن ذلك من باب التشديد عليه؛ لئلا يعود لمثل هذا الفعل، فيكون حكمًا اجتهاديًّا، لكن ظاهر القرآن يدل على أنه لا يلزمه الإطعام مع القضاء؛ لأن الله لم يوجب إلا عِدَّة من أيام أخر، ولم يوجب أكثر من ذلك، وقول الصحابي حجة ما لم يخالف النص، وهنا خالف ظاهر النص فلا يُعْتَدّ به، وعليه فلا نلزم عِبَاد الله بما لم يلزمهم الله به، إلا بدليل تَبْرَأُ به الذمة، على أن ما روي عن ابن عباس وأبي هريرة - رضي الله عنهم - يمكن أن يُحْمَل على سبيل الاستحباب لا على سبيل الوجوب.
فالصحيح في هذه المسألة، أنه لا يلزمه أكثر من الصيام، الذي فاته إلا أنه يأثم بالتأخير.

وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا أَخَّره إلى ما بعد رمضان الثاني، بلا عذر وجب عليه الإطعام فقط، ولا يَصِحّ منه الصيام[37]، بناءً على أنه عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله - صلّى الله عليه وسلّم - فيكون عمله باطلاً مردودًا؛ لقول النبي - صلّى الله عليه وسلّم – ((مَنْ عَمِلَ عملاً ليس عليه أمرنا، فهو رد)) [38]، كما لو صلى الصلاة بغير وقتها، فإنها لا تُقْبَل منه إذا لم يكن هناك عذر يبيح تأخيرها، فتكون الأقوال ثلاثة وجوب القضاء فقط، ووجوب الإطعام فقط، والجمع، والراجح الأول.

وَإِنْ مَاتَ وَلَوْ بَعْدَ رَمَضَانٍ آخَرَ. وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ أوْ حَجُّ، أو اعْتِكَافُ، أوْ صَلاَةُ نَذْرٍ اسْتُحِبَّ لِوَلِيِّهِ قَضَاؤُهُ.
قوله: "وإن مات، ولو بعد رمضان آخر"؛ أي: إن مات من عليه القضاء بعد أن أخره، فإنه ليس عليه إلا إطعام مسكين لكل يوم؛ لأن القضاء في حقه تعذر.
مثاله: رجل أَخَّرَ القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني ثم مات فعليه الإطعام، والقضاء هنا متعذر؛ لأنه مات قبل أن يتمكن منه بعد رمضان الثاني، ولا يمكن أن يُصَام عنه على المذهب، لأنه صيام واجب بأصل الشرع فلا تدخله النِّيَابة.

وقيل: يلزمه إطعامان، إطعامٌ عن القضاء، وإطعامٌ عن التأخير، وهذا لا شك أنه أقيس، إذا قلنا بأنه يجب الإطعام إذا أَخَّرَ القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني بلا عذر، لكن الغريب أن المذهب في هذه المسألة، يقولون: ليس عليه إلا إطعام واحد فَقَط.
وكيفية الإطعام على المذهب لها وَجْه واحِد، وهو أن يطعم مُدًَّا من البُرِّ، أو نصف صَاع، من غيره، والذي غيره على المذهب هو التمر، والشعير، والزبيب، والأَقِط؛ لأنهم يرون أن الفِدْية وصدقة الفطر لا تجزئ إلا من خمسة أصناف وهي البر؛ والتمر؛ والشعير؛ والزبيب؛ والأَقِط، فإذا قالوا مُدًّا من البُرِّ أونصف صاع من غيره، فإنهم يرون الغير هذه الأشياء الأربعة، ويريدون أيضًا غير هذه الأشياء الأربعة إذا عُدِمَت، ويدخل في كلامهم الأُرز إذا عدمت الأصناف الخمسة، والصواب في هذه المسألة، أن الأرز؛ كالبر، فإذا أجزأ المد من البر أجزأ المد من الأرز؛ لأن الصحابة الذين عدلوا عن الصاع إلى نصف الصاع في البُرِّ، إنما عَدَلوا؛ لأنَّ البُرَّ أطيب من الشَّعِير، وأنفع ونحن لا نشك أن الأرز أنفع من الشعير، وأنه بمنزلة البر؛ بل هو في الوقت الحاضر عند الناس أفضل من البر، فيجزئ مُدّ من الأرز وتكون الثلاثون يومًا فيها ستة أصواع بالصاع الحاضر؛ لأنه خمسة أمداد وزيادة يسيرة بمد النبي - صلّى الله عليه وسلّم - فيكون الصاع لخمسة فقراء هذا وجه من أوجه الطعام، والوجه الثاني: أن تصنع طعامًا أنت بنفسك، وتدعو إليه المساكين بقدر الأيام التي عليك.

مسألة: إذا مَرَّ رمضان على إنسان مريض ففيه تفصيل:
أولاً: إن كان يُرْجَى زوال مرضه، انتظر حتى يشفى لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184]، فلو استمر به المرض حتى مات، فهذا لا شيء عليه؛ لأن الواجب عليه القضاء ولم يدركه.
مثاله: إنسان أصيب في رمضان بزكام في العشر الأواخر من رمضان مثلاً، والزكام مما يُرْجَى زواله، وتضاعف به المرض حتى مات، فهذا ليس عليه قضاء؛ لأن الواجب عليه عِدَّة من أيام أخر، ولم يتمكن من ذلك فصار؛ كالذي مات قبل أن يدركه رمضان، فليس عليه شيء.
الثاني: أن يرجى زوال مرضه، ثم عُوفِيَ بعد هذا، ثم مات قبل أن يَقْضِيَ، فهذا يُطْعَم عنه كل يوم مسكين بعد موته من تَرِكَتِهِ، أو من متبرع.
الثالث: أن يكون المرض الذي أصابه لا يُرْجى زواله، فهذا عليه الإطعام ابتداءً، لا بدلاً؛ لأن من أفطر لعُذْر لا يُرْجى زواله، فالواجب عليه إطعام مسكين عن كل يوم؛ كالكبر؛ ومرض السرطان؛ وغيره من الأمراض التي لا يرجى زوالها.
ولو فرض أن الله عافاه، والله على كل شيء قدير، فلا يلزمه أن يصوم؛ لأنه يجب عليه الإطعام وقد أطعم، فبرئت ذمته وسقط عنه الصيام.

وقوله: "ولو بعد رمضان آخر" هذا إشارة للخلاف الذي سبق ذكره.

قوله: "وإن مات وعليه صوم"؛ "إنْ" شرطية، وفعل الشرط: "مات"، وجوابه: "استحب لوليه قضاؤه".

وقوله: "وعليه صومُ" تقرأ بدون تنوين على نيَّة المضاف إليه، أي: وإن مات، وعليه صوم نذر، استحب لولِيِّه قضاؤه، ولا يجب، وإنما يستحب أن يقضيه لما يلي:
1 - قول النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((مَنْ مات وعليه صيام، صام عنه وليه))[39]، وهذا خبر بمعنى الأمر.
2 - أن امرأة أتت إلى النبي - صلّى الله عليه وسلّم - وسألته: "أن أمها ماتت، وعليها صوم نذر فهل تصوم عنها؟ فقال لها النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((نعم)) - يعني صومي عنها - وشَبَّه ذلك بالدين تقضيه عن أمها، فإنه تبرأ ذمتها به فكذلك الصوم"[40].

فلو قال قائل: إن قوله - صلّى الله عليه وسلّم – ((صام عنه وليه)) أمر فما الذي صرفه عن الوجوب؟
فالجواب: صرفه عن الوجوب قوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] ولو قلنا: بوجوب قضاء الصوم عن الميت لَزِمَ من عدم قضائه أن تحمل وَازِرَة وِزْر أُخْرَى، وهذا خلاف ما جاء به القرآن.
إذًا يستحب لوليه أن يقضيه فإن لم يفعل، قلنا: أطعم عن كل يوم مسكينًا قياسًا على صوم الفريضة.

مسألة: إذا مات وعليه صوم فرض بأصل الشرع، فهل يُقضى عنه؟
الجواب: لا يُقْضَى عنه؛ لأنَّ المؤلف خَصَّصَ هذا بصوم النَّذْر، والعبادات لا قياس فيها، ثم لا يصح القياس هنا أيضًا؛ لأنَّ الواجب بالنذر أخف من الواجب بأصل الشرع، فلا يقاس الأثقل على الأخف، فصار ما وجب بالنذر تدخله النيابة؛ لخفته بخلاف الواجب بأصل الشرع[41]، فإن الإنسان مطالب به من قِبَلِ الله - عَزَّ وَجَلَّ - وهذا مطالب به من قِبَلِ نفسه، فهو الذي ألزم نفسه به، فكان أهون ودخلته النيابة.
إذًا من مات وعليه صوم رمضان، أو كفارة، أو غيرها فلا يُقْضَى عنه.

والقول الراجح: أن من مات وعليه صيام فرض بأصل الشرع، فإن وليه يقضيه عنه، لا قياسًا ولكن بالنص، وهو حديث عائشة - رضي الله عنها - "من مات وعليه صوم، صام عنه وليه" [42]، "وصوم" نكرة غير مقيدة بصوم معين، وأيضًا كيف يقال: إن المراد به صوم النذر، وصوم النذر بالنسبة لصوم الفرض قليل؟؛ يعني ربما يموت الإنسان وما نذر صوم يوم واحد قط، لكن كونه يموت وعليه صيام رمضان هذا كثير، فكيف نرفع دلالة الحديث على ما هو غالب ونحملها على ما هو نادر؟! هذا تصرف غير صحيح في الأدلة، والأدلة إنما تحمل على الغالب الأكثر، والغالب الأكثر في الذين يموتون وعليهم صيام، أن يكون صيام رمضان أو كفارة أو ما أشبه ذلك، وهم يقولون حديث المرأة خصص حديث عائشة فيقال: إن ذكر فرد من أفراد العام بحكم يوافق العام، لا يكون تخصيصًا، بل يكون تطبيقًا مبينًا للعموم، وأن العموم في حديث عائشة: "من مات وعليه صوم" شامل لكل صور الواجب، وهذا هو القول الصحيح، وهو مذهب الشافعي، وأهل الظاهر.

لكن من هو الذي إذا مات كان القضاء واجبًا عليه؟
الجواب: هو الذي تمكن من القضاء فلم يفعل، فإذا مات قلنا لوليه: صم عنه؛ لقول النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((من مات وعليه صوم، صام عنه وليه)).
والولي هو الوارث، والدليل قول النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: ((أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ)) [43]، فذكر الأولوية في الميراث، إذًا الولي هو الوارث. وقيل: الولي هو القريب مطلقًا، والأقرب أنه الوارث.
وحتى على القول بأنه القريب، فيقال: أقرب الناس وأحق الناس به هم ورثته، وعلى هذا فيصوم الوارث.

مسألة: هل يلزم إذا قلنا: بالقول الراجح إِنّ الصومَ يشمل الواجب بأصل الشرع، والواجب بالنذر - أَنْ يقتصر ذلك على واحد من الورثة؛ لأن الصوم واجب على واحد.
الجواب: لا يلزم؛ لأن قوله - صلّى الله عليه وسلّم -: ((صام عنه وليه))، مفرد مضاف فيعم كل ولي وارث، فلو قُدِّرَ أن الرجل له خمسة عشر ابنًا، وأراد كل واحد منهم أن يصوم يومين عن ثلاثين يومًا فيجزئ، ولو كانوا ثلاثين وارثًا، وصاموا كلهم يومًا واحدًا، فيجزئ؛ لأنهم صاموا ثلاثين يومًا، ولا فرق بين أن يصوموها في يوم واحد، أو إذا صام واحد صام الثاني اليوم الذي بعده، حتى يتموا ثلاثين يومًا.
أما في كفارة الظهار ونحوها، فلا يمكن أن يقتسم الورثة الصوم لاشتراط التتابع؛ ولأن كل واحد منهم لم يصم شهرين متتابعين.

وقد يقول قائل: يمكن بأن يصوم واحد ثلاثة أيام، وإذا أفطر صام الثاني ثلاثة أيام، وهلم جرًّا؛ حتى تتم؟
فيجاب بأنه لا يصدق على واحد منهم أنه صام شهرين متتابعين، وعليه فنقول: إذا وجب على الميت صيام شهرين متتابعين، فإما أن ينتدب له واحد من الورثة ويصومها، وإما أن يطعموا عن كل يوم مسكينًا.

قوله: "أو حجُّ" تقرأ بدون تنوين لما سبق.
أي: مَنْ مات وعليه حج نذر، فإن وليه يحج عنه.
والدليل على ذلك: أن امرأة سألت النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: "أن أمها نذرت أن تحجَّ، فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: نعم" [44]وكذلك أيضًا حج الفريضة بأصل الإسلام، والدليل على ذلك:
1 - حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - سمع رجلاً يقول لبيك عن شبرمة قال: ((من شبرمة؟)) قال: "أخ لي أو قريب لي"، قال: ((أحججت عن نفسك؟))، قال: "لا"، قال: ((حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة))[45].
2 - حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - "أنَّ امرأة قالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده بالحج، أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: ((نعم))[46]، فإذا جازت النيابة عن الحَيّ لعدم قدرته على الحج، فعن الميت من باب أولى

قوله: "أو اعتكافُ" تقرأ بدون تنوين لما سبق أي: اعتكاف نذر.
مثاله: رجل نذر أن يعتكف ثلاثة أيام من أول شهر جمادى الآخرة، ولم يعتكف ومات، فيعتكف عنه وليه؛ لأن هذا الاعتكاف صار دَيْنًا عليه، وإذا كان دَيْنًا فإنه يُقْضَى؛ كما يقضى دين الآدمي.

وقوله: "اعتكاف نذر" قد يفهم منه أن هناك اعتكافًا واجبًا بأصل الشرع وليس كذلك؛ لأن الاعتكاف لا يكون واجبًا إلا بالنذر.

قوله: "أو صلاة نذر استحب لوليه قضاؤه"؛ أي: وإن مات وعليه صلاة نذر، مثاله: رجل نذر أن يصلي لله ركعتين، فمضى الوقت ولم يصلِّ، ثم مات فيستحب لوليه أن يصلي عنه؛ لأن هذا النذر صار دينًا في ذمته، والدين يقضى؛ كدين الآمدي، وإن كانت فريضة بأصل الشرع لا تُقْضَى؛ لأن ذلك لم يرد.

لو قال قائل: الأصل في العبادات: أنه لا قياس فيها، فكيف قلتم: إن الاعتكاف والصلاة المنذورين يفعلان عن الناذر؟
فنقول: إن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - قاس العبادات على الأمور العاديات، فقال: ((أرأيت لو كان على أمك دين...))، وهذا الاعتكاف المنذور - مثلاً - صار دَيْنًا على الناذر، فهو إلى الحج المنذور أقرب من الدَّيْن.

وعلى هذا:
- فالحج يُقْضَى عنِ الميت فرضًا كان، أو نذرًا قولاً واحدًا.
- والصوم يُقْضَى إن كان نذرًا، وإن كان فرضًا بأصل الشرع؛ ففيه خلاف. والراجح قضاؤه، فإن لم يقضِ الولي فإن خلف الميت تَرِكَة، وجب أن يطعم عنه في الصيام، لكل يوم مسكينًا.
- والصلاة لا تقضى قولاً واحدًا، إذا كانت واجبة بأصل الشرع، وإن كانت واجبة بالنذر فإنها تقضى على المذهب.
والاعتكاف لا يمكن أن يكون واجبًا بأصل الشرع، وإنما يجب بالنذر فيعتكف عنه وليه.

وقد استدل من قال بقضاء الصلاة، والاعتكاف المنذورين: بقوله - صلّى الله عليه وسلّم -: ((أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟)) قالت: "نعم"، فقال: ((اقضوا الله))[47] ؛ فجعل النبي - صلّى الله عليه وسلّم - النذر دَيْنًا؛ وإذا كان النذر دَيْنًا وقد قاس النبي - صلّى الله عليه وسلّم - دَيْن الله على دَيْن الآدمي، فنقول: لا فرق بين دَيْن الصلاة، ودَيْن الصيام.
وقال بعض العلماء: إنَّ الصلاة والاعتكاف المنذورين لا يقضيان؛ لأنهما عبادتان بدنيتان لا يجبان بأصل الشرع.

مسائل:
الأولى: هل يصح استئجار من يصوم عنه؟
الجواب: لا يصح ذلك؛ لأن مسائل القرب لا يصح الاستئجار عليها.
الثانية: لو نذر صيام شهر محرم فمات في ذي الحجة؛ فلا يُقْضَى عنه؛ لأنه لم يدرك زمن الوجوب؛ كمن مات قبل أن يدرك رمضان.
الثالثة: إذا قال الولي: أنا لن أعتكف أو قال: لن أصلي، أو قال: لن أحج؟ فله ذلك، ولا بديل عن هذه الثلاثة.

أما إذا قال: لن أصوم فإنه يطعم عن الصوم لكل يوم مسكينًا، إن خَلَّف تَرِكَة، وقياس المذهب في الاعتكاف أن يقام من يعتكف عنه، وأن يقام من يصلي عنه؛ لأنَّ هذا عمل يجب قضاؤه وخلف تَرِكَة، فعلى مُقْتَضَى قواعد المذهب، أنه يُدفع للمعتكف عنه، أو يصلي عنه؛ لكن ما رأيتهم صرحوا به.
ـــــــــــــــــــــــــ
[1] أخرجه البخاري في الزكاة، باب قول الله - عز وجل -: {لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} (1477)؛ ومسلم في الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة (593) عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -.
[2] أخرجه البخاري في الرقاق، باب التواضع (6502).
[3] "الروض مع حاشية ابن قاسم" (3/424).
[4] انظر: "حقيقة الصيام"ص(52، 54).
[5] أخرجه البخاري في الصوم، باب المباشرة للصائم (1927)، ومسلم في الصيام، باب "بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته" (1106) (65) عن عائشة - رضي الله عنها -.
[6] أخرجه مسلم في الباب السابق (1108) عن عمر بن أبي سلمة - رضي الله عنه -.
[7] أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (505).
[8] أخرجه أبو داود في الصيام، باب كراهيته للشاب (2387) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[9] زاد المعاد (2/58).
[10] أخرجه الإمام أحمد (1/447)، وأصله في الصحيحين.
[11] أخرجه البخاري في الصيام، باب"من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم"(1903) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -
[12] أخرجه البخاري في الصوم، باب هل يقول إني صائم إذا شتم؟ (1904)؛ ومسلم في الصيام، باب فضل الصيام (1151) (163) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[13] أخرجه البخاري في الصوم، باب تعجيل الإفطار (1957)؛ ومسلم في الصيام، باب فضل السحور (1098) عن سهل بن سعد - رضي الله عنه -.
[14] أخرجه البخاري في الصوم، باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر (1921)؛ ومسلم في الصيام، باب فضل السحور (1097) عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه -.
[15] أخرجه البخاري في الصوم، باب متى يحل فطر الصائم؟ (1954) ومسلم في الصيام، باب بيان وقت انقضاء الصوم... (1100) عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
[16] سبق تخريجه ص(433).
[17] أخرجه أحمد (2/329)، والترمذي في الصوم؛ باب "ما جاء في تعجيل الإفطار" (700)، وابن خزيمة (2062)، وابن حبان (3507) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.، وقال الترمذي: "حديث حسن غريب"، وضعفه الألباني في التعليق على ابن خزيمة.
[18] سبق تخريجه ص(333).
[19] أخرجه أحمد (4/17، 18)، وأبو داود في الصيام، باب ما يفطر عليه (2355)، والترمذي في الصوم؛ باب ما جاء ما مستحب عليه الإفطار (695) وصححه، والنسائي في الكبرى (3300) ط/الرسالة، وابن ماجه في الصيام ؛ باب ما جاء على ما يستحب الفطر (1699)، وصححه ابن خزيمة (2067)، وابن حبان (3514)، والحاكم (1/430) عن سلمان بن عامر - رضي الله عنه -.
[20] أخرجه الإمام أحمد (3/164)، وأبو داود في الصيام؛ باب ما يفطر عليه (2356)، والترمذي في الصوم؛ باب ما جاء ما يستحب عليه الإفطار (699)، والدارقطني (2/185)، والحاكم (1/432) عن أنس - رضي الله عنه -، قال الترمذي: "حسن غريب"، وقال الدارقطني: "إسناده صحيح"، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
[21] سبق تخريجه ص(435).
[22] أخرجه البخاري في الصوم؛ باب الوصال إلى السحر (1967)؛ عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
[23] أخرجه البخاري في الصوم؛ باب التنكيل لمن أكثر الوصال (1965)، ومسلم في الصيام؛ باب النهي عن الوصال (1103) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[24] أخرجه ابن أبي شيبة (3/84).
[25] سبق تخريجه ص(438).
[26] لحديث عمر بن أبي سلمة - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال له: ((سَمِّ الله، وكُل بيمينك، وكل مما يليك)) أخرجه البخاري في الأطعمة؛ باب التسمية على الطعام، والأكل باليمين (5376)، ومسلم في الأشربة؛ باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما (2022).
[27] أخرجه مسلم في الأشربة؛ باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما (2017)، عن حذيفة - رضي الله عنه -.
[28] سبق تخريجه حاشية (4) ص(439).
[29] أخرجه الإمام أحمد (6/246)، وأبو داود في الأطعمة؛ باب التسمية على الطعام (3767)، والترمذي في الأطعمة؛ باب ما جاء في التسمية على الطعام (1858)، وابن ماجه في الأطعمة؛ باب التسمية عند الطعام (3264) عن عائشة – رضي الله عنها -، وقال الترمذي: "حسن صحيح"، وصححه الألباني في الإرواء (7/24).
[30] أخرجه مسلم في الذكر والدعاء؛ باب استحاب حمد الله - تعالى - بعد الأكل والشرب (2734)، عن أنس - رضي الله عنه -.
[31] أخرجه الدارقطني (2/185)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (481) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وضعفه ابن القيم في "الزاد" (2/51)، والهيثمي في "المجمع" (3/156).
[32] أخرجه أبو داود في الصيام؛ باب القول عند الإفطار (2357)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (472)، والدارقطني (2/185)، والحاكم (1/422)؛ عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، قال الدارقطني: "إسناده حسن"، وصححه الحاكم على شرطهما، ووافقه الذهبي.
[33] أخرجه مسلم في الصيام؛ باب استحباب صوم ستة أيام من شوال اتباعًا لرمضان (1164)؛ عن أبي أيوب الأنصاري - - رضي الله عنه -.
[34] أخرجه البخاري في الصوم؛ باب متى يقضى قضاء رمضان (1950)، ومسلم في الصيام؛ باب جواز تأخير قضاء رمضان، ما لم يجئ رمضان آخر (1146).
[35] أخرجه الدارقطني (2/197)، والبيهقي (4/253) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وضعفاه.
[36] أما أثر ابن عباس فأخرجه الدارقطني (2/197)، والبيهقي (4/253). وقال النووي في "المجموع" (6/364)، "إسناده صحيح". وأما أثر أبي هريرة فأخرجه الدارقطني (2/197)؛ والبيهقي (4/253)، وضعفه الدراقطني.
[37] انظر: "الفروع" (3/93).
[38] سبق تخريجه ص (172).
[39] أخرجه البخاري في الصوم، باب من مات وعليه صوم (1952)، ومسلم في الصيام؛ باب قضاء الصوم عن الميت (1147) عن عائشة - رضي الله عنها -.
[40] أخرجه البخاري في الصوم؛ باب من مات وعليه صوم (1953)، ومسلم في الصيام؛ باب قضاء الصوم عن الميت، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (1148) (155).
[41] وهذا هو المذهب "الإنصاف" (3/336).
[42] سبق تخريجه ص(449).
[43] أخرجه البخاري في الفرائض؛ باب ميراث الولد من أبيه وأمه (6732)، ومسلم في الفرائض؛ باب ألحقوا الفرائض بأهلها (1615) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
[44] سبق تخريجه ص(46).
[45] أخرجه أبو داود في المُحْصَر؛ باب النحر قبل الحلق في الحصر (1811)، وابن ماجه في المناسك؛ باب الحج عن الميت (2903)، وابن خزيمة (3039)، وابن حبان (3988)، والدارقطني (2/267)، والبيهقي (4/336)، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان. وانظر: "نصب الراية" (3/155)، و"التلخيص" (958)، و"الإرواء" (4/171).
[46] أخرجه البخاري في الحج؛ باب وجوب الحج وفضله... (1513)، ومسلم في الحج؛ باب الحج عن العاجز لزمانة وهرمٍ ونحوهما، أو للموت (1334).
[47] سبق تخريجه (46)



سكوتي كلآآم غير متواجد حالياً
رد مع اقتباس
رسالة لكل زوار منتديات العبير

عزيزي الزائر أتمنى انك استفدت من الموضوع و لكن من اجل منتدى ارقي و ارقي برجاء عدم نقل الموضوع و يمكنك التسجيل معنا و المشاركة معنا و النقاش في كافه المواضيع الجاده اذا رغبت في ذلك فانا لا ادعوك للتسجيل بل ادعوك للإبداع معنا . للتسجيل اضغظ هنا .

قديم 16-12-2007, 10:27 PM   #2
عضو متألق


 رقم العضوية :  2241
 تاريخ التسجيل :  04-02-2007
 المشاركات :  4,368
 الدولة :  ☜яiчάĐĦ☞
 الجـنـس :  ذكر
 عدد النقاط :  19
 قوة التقييم :  DaViNCi is on a distinguished road
 اخر مواضيع » DaViNCi
 تفاصيل مشاركات » DaViNCi
 أوسمة و جوائز » DaViNCi
 معلومات الاتصال بـ DaViNCi

افتراضي


مشكور خفي

DaViNCi غير متواجد حالياً
رد مع اقتباس
قديم 07-06-2008, 02:17 PM   #3


 رقم العضوية :  12507
 تاريخ التسجيل :  30-05-2008
 المشاركات :  170
 الجـنـس :  ذكر
 عدد النقاط :  10
 قوة التقييم :  اكتفيت بدنيتي is on a distinguished road
 اخر مواضيع » اكتفيت بدنيتي
 تفاصيل مشاركات » اكتفيت بدنيتي
 أوسمة و جوائز » اكتفيت بدنيتي
 معلومات الاتصال بـ اكتفيت بدنيتي

افتراضي


جزيت خير

اكتفيت بدنيتي غير متواجد حالياً
رد مع اقتباس
قديم 16-06-2008, 07:11 AM   #4


 رقم العضوية :  12588
 تاريخ التسجيل :  31-05-2008
 المشاركات :  855
 الدولة :  بين المشاعـر والـورق
 العمر :  39
 عدد النقاط :  10
 قوة التقييم :  الأمبرآآآطور is on a distinguished road
 اخر مواضيع » الأمبرآآآطور
 تفاصيل مشاركات » الأمبرآآآطور
 أوسمة و جوائز » الأمبرآآآطور
 معلومات الاتصال بـ الأمبرآآآطور

افتراضي


جــزآك الله خيــر .. وكتبهـــآ فــي موآزين أعمآلــكـ ,,

الأمبرآآآطور غير متواجد حالياً
رد مع اقتباس
قديم 16-06-2008, 11:12 AM   #5


 رقم العضوية :  1926
 تاريخ التسجيل :  11-12-2006
 المشاركات :  6,658
 الجـنـس :  أنثى
 عدد النقاط :  13
 قوة التقييم :  عبير is on a distinguished road
 اخر مواضيع » عبير
 تفاصيل مشاركات » عبير
 أوسمة و جوائز » عبير
 معلومات الاتصال بـ عبير

افتراضي


لااله الا اللـــــــــه

عبير غير متواجد حالياً
رد مع اقتباس
قديم 16-06-2008, 04:08 PM   #6


 رقم العضوية :  10685
 تاريخ التسجيل :  07-04-2008
 المشاركات :  178
 الدولة :  الرياض
 الجـنـس :  أنثى
 العمر :  41
 عدد النقاط :  10
 قوة التقييم :  غرودة is on a distinguished road
 اخر مواضيع » غرودة
 تفاصيل مشاركات » غرودة
 أوسمة و جوائز » غرودة
 معلومات الاتصال بـ غرودة

افتراضي





شكرالك


مشكورة واسعدني وجودي

غرودة غير متواجد حالياً
رد مع اقتباس
قديم 19-06-2008, 12:23 AM   #7
*moon al3beer*


 رقم العضوية :  2
 تاريخ التسجيل :  11-02-2007
 المشاركات :  6,227
 الجـنـس :  أنثى
 عدد النقاط :  10017
 قوة التقييم :  *moon* is on a distinguished road*moon* is on a distinguished road*moon* is on a distinguished road*moon* is on a distinguished road*moon* is on a distinguished road*moon* is on a distinguished road*moon* is on a distinguished road*moon* is on a distinguished road*moon* is on a distinguished road*moon* is on a distinguished road*moon* is on a distinguished road
 اخر مواضيع » *moon*
 تفاصيل مشاركات » *moon*
 أوسمة و جوائز » *moon*
 معلومات الاتصال بـ *moon*

افتراضي


بارك الله فيك ماجد

*moon* غير متواجد حالياً
رد مع اقتباس
قديم 06-08-2008, 07:21 PM   #8
عضوة مميزة


 رقم العضوية :  11214
 تاريخ التسجيل :  01-05-2008
 المشاركات :  1,263
 الجـنـس :  أنثى
 عدد النقاط :  10
 قوة التقييم :  امورة is on a distinguished road
 اخر مواضيع » امورة
 تفاصيل مشاركات » امورة
 أوسمة و جوائز » امورة
 معلومات الاتصال بـ امورة

افتراضي


جزيت خير

امورة غير متواجد حالياً
رد مع اقتباس
قديم 08-08-2008, 07:18 AM   #9
عضوة مميزة


 رقم العضوية :  12157
 تاريخ التسجيل :  25-05-2008
 المشاركات :  2,743
 الجـنـس :  أنثى
 عدد النقاط :  21
 قوة التقييم :  سائر الليل is on a distinguished road
 اخر مواضيع » سائر الليل
 تفاصيل مشاركات » سائر الليل
 أوسمة و جوائز » سائر الليل
 معلومات الاتصال بـ سائر الليل

افتراضي


بارك الله فيك

سائر الليل غير متواجد حالياً
رد مع اقتباس
قديم 21-08-2008, 11:24 AM   #10
عضو تم طرده


 رقم العضوية :  10184
 تاريخ التسجيل :  18-03-2008
 المشاركات :  5,120
 الجـنـس :  ذكر
 عدد النقاط :  -136
 قوة التقييم :  خالد الخالد is infamous around these partsخالد الخالد is infamous around these parts
 اخر مواضيع » خالد الخالد
 تفاصيل مشاركات » خالد الخالد
 أوسمة و جوائز » خالد الخالد
 معلومات الاتصال بـ خالد الخالد

افتراضي


مشكور

خالد الخالد غير متواجد حالياً
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شرح كتاب الصيام من الشرح الممتع على "زاد المستنقع" (5) سكوتي كلآآم مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور 10 25-08-2008 02:47 PM
شرح كتاب الصيام من الشرح الممتع على "زاد المستقنع" (4) سكوتي كلآآم مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور 10 21-08-2008 11:53 AM
شرح كتاب الصيام من الشرح الممتع على "زاد المستقنع" (2) سكوتي كلآآم مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور 10 21-08-2008 11:51 AM
شرح كتاب الصيام من الشرح الممتع على "زاد المستنقع" (1) سكوتي كلآآم مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور 15 21-08-2008 11:21 AM
سبعون مسألة في الصيام عبد الله الساهر مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور 11 12-05-2007 05:54 PM


الساعة الآن 11:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لـ : منتديات العبير
المحتوى المنشور فى موقع العبير لايعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبها