|
مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور نفحات إيمانية على مذهب أهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
13-02-2007, 06:55 AM | #1 | |||||||||||||
|
رمضان شهر التوبة و المغفرة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات . مقدمات هامة : 1 – رمضان دورة مكثفة للصائم على السنة : أيها الإخوة الكرام ، دروس رمضان متعلقة برمضان ، ورمضان شهر الصيام وهو ثاني أكبر عبادة في الإسلام ، إنه دورة مكثفة لثلاثين يوماً لعل الله سبحانه وتعالى يغفر لنا ما كان قبل رمضان . ولكن لا بد من التنويه إلى أن الذي يصوم رمضان كما قال عليه الصلاة والسلام : يُغفر له ما تقدم من ذنبه ، فقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : (( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )) . [ متفق عليه ] 2 – مغفرة الذنوب في رمضان ما كان بين الله والعبد حصرا : ولكن لئلا نقع في الوهم ، والحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح ، لئلا نقع في الوهم ، الذنوب التي تغفر في رمضان ، وتغفر في الحج ، وتغفر عقب التوبة النصوح ما كان بينك وبين الله ، حصراً ، لكن ما كان بينك وبين الخلق هذه الذنوب لا تغفر إلا بالأداء أو المسامحة ، لذلك قال تعالى : ( سورة الأحقاف الآية : 31 ) . مِن للتبعيض ، يعني ما كان بين العبد وربه يغفر في رمضان ، وما كان بين العبد وأخيه الإنسان لا يغفر ولو كنت شهيداً . (( يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين )) . [ أخرجه أحمد في مسنده وصحيح مسلم عن ابن عمرو ] . 3 – حقوق العباد مبنية على المشاححة ، وحقوق الله مبنية على المسامحة : حقوق العباد مبنية على المشاححة ، بينما حقوق الله مبنية على المسامحة ، والفرق كبير ، فلئلا يطمع الإنسان الذي عليه دين قديم ، أو عليه ذمة ، أو عليه واجب تجاه أحد أقاربه يأتي رمضان ، والله يغفر الذنوب جميعاً ، الذنوب التي بينك وبين الله حصراً تغفر في رمضان ، وما كان بينك وبين العباد لا يغفر إلا بالأداء أو بالمسامحة . لذلك يقول عليه الصلاة والسلام : (( ذنب لا يغفر ـ وهو الشرك بالله ـ وذنب لا يترك ـ وهو ما كان بينك وبين العباد ـ وذنب يغفر ـ ما كان بينك وبين الله ـ )) . [ أخرجه الطبراني عن سلمان ] . إذاً : (( من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه )) . [ أخرجه أحمد في مسنده وصحيح البخاري والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة ] . فيما كان بينك وبين الله . (( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )) . فيما بينك وبين الله . (( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )) . فيما ما كان بينك وبين الله ، لكن ما بينك وبين العباد هو ذنب لا يترك ، لذلك دخل النبي الكريم بيتَ أحد أصحابه ، وقد توافه الله ، وكان صحابياً جليلاً ، فقبل أن يصلي عليه سأل : (( أعليه دين ؟ قالوا : نعم ، قال : صلوا على صاحبكم ، ولم بصلِ عليه ، إلى أن قال أحدهم : عليّ دينه يا رسول الله ، فصلى عليه ، في اليوم التالي سأل هذا الذي تعهد الدين : أأديت الدين ؟ قال : لا ، سأله في اليوم الثالث : أأديت الدين ؟ قال : لا ، سأله في اليوم الرابع : أأديت الدين ؟ قال : نعم ، قال : الآن بردت عليه جلده )) . [أحمد عن جابر ] وهمٌ مريح لا أساس له من الصحة الشرعية : إخوتي الكرام ، عوام المسلمين يتوهمون أن الذي يصوم رمضان تغفر له كل ذنوبه ، تغفر له كل ذنوبه إذا كانت بينه وبين الله ، أما التي كانت بينه وبين العباد فلا بد من أن تؤدى ، لذلك قال تعالى : ( سورة الزلزلة ) . وقد جاء أعرابي إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، قال : يا رسول الله ، عظني ولا تُطل ، فقال عليه الصلاة والسلام : قل آمنت بالله ثم استقم ، قال هذا الأعرابي : أريد أخف من ذلك ـ ثقيلة هذه ـ قال : إذاً فاستعد للبلاء ـ وهذا كلام دقيق ـ إن لم تستقم فاستعد للبلاء . (( ما من عثرة ، ولا اختلاج عرق ، ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم ، وما يغفر الله أكثر )) . [ أخرجه ابن العساكر عن البراء ] . وجاء أعرابي آخر ، قال : يا رسول الله عظني ، ولا تُطل ، تلا عليه قوله تعالى : ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ﴾ ، قال هذا الأعرابي : لقد كُفيت ، يكفيني ذلك ، فقال عليه الصلاة والسلام : فقه الرجل ، معنى فقه ؛ أصبح فقيهاً . بين العبادات الشعائرية والعيادات التعاملية : 1 – لا تصح العبادات الشعائرية إلا بصحة العبادات التعاملية : أيها الإخوة الكرام ، العبرة أن تكون مقبولاً عند الله عز وجل ، لذلك نحن في عبادة شعائرية ، الصوم ، والصلاة عبادة شعائرية ، والحج عبادة شعائرية ، والعبادات الشعائرية لا تصح ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية ، والدليل : أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أصحابه : (( أَتَدْرُونَ مَنْ المُفْلِسُ ؟ قالُوا : المُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ الله من لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ ، قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : المُفْلِسُ مِنْ أَمّتِي مَنْ يَأتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةِ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَد شَتَمَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فيقعُدُ فَيَقْتَصّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْتَصّ عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ ، فَطُرِحَ عَلَيْهِ ، ثُمّ طُرِحَ في النّارِ )) . [ مسلم عن أبي هريرة ] . من المفلس ؟ الذي يصلي ولا يستقيم . (( ويؤتى برجال يوم القيامة ، لهم أعمال كجبال تهامة ، يجعلها الله هباءً منثورا ، قيل : يا رسول الله جَلِّهم لنا ، قال : إنهم يصلون كما تصلون ، ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها )) . [ سنن ابن ماجه عن ثوبان ] إذاً : (( الصلاة عماد الدين )) . [ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن عمر ] . بشرط أن تستقيم . ( سورة فصلت الآية : 30 ) . ( سورة النساء الآية : 57 ) . نريد مسلما مثل هذا الراعي !!! ابن سيدنا عمر امتحن راعياً ، قال له : بعني هذه الشاة ، وخذ ثمنها ، قال : ليست لي ، قال : قل لصاحبها : ماتت ، أو أكلها الذئب ، قال : والله إنني لأشد الحاجة إلى ثمنها ، ولو قلت لصاحبها : ماتت ، أو أكلها الذئب لصدقني ، فإني عنده صادق أمين ، ولكن أين الله ؟ هذا الراعي على ضعف ثقافته وضع يده على جوهر الدين . ، أحاديث نبوية مبيِّنة لأثر المعاملات بالعبادات : الحديث الأول : (( إن فلانة ، فذكر من كثرة صلاتها ، وصدقتها ، وصيامها ، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها ، قال : هي في النار )) . [رواه أحمد والبزار عن أبي هريرة ] . الحديث الثاني : (( دخلت امرأة النار في هرة ربطتها ، فلم تطعمها ، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض ، حتى ماتت )) . [ متفق عليه عن ابن عمر] . إذاً : العبادات الشعائرية ومنها الصلاة لا تصح ، ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية ، لأن : الحديث الثالث : (( ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام )) . الحديث الرابع : (( من لم يكن له ورع يحجزه عن معصية اللّه إذا خلا بها لم يعبأ اللّه بسائر عمله شيئاً )) . [ رواه الديلمي عن أنس ] . الحديث الخامس : (( وركعتان من رجل ورع أفضل من ألف ركعة من مخلط )) . [ أخرجه الشيرازي و البيهقي ، عن أنس ] . يعني خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً . قصة من واقع الناس : لذلك مرة إمام في لندن نُقل إلى ظاهر لندن ، اضطر أن يركب مركبة كل يوم مع السائق نفسه ، فمرة صعد المركبة ، وأعطى السائق ورقة نقدية كبيرة ، رد له التتمة ، عَدّها ، فإذا هي تزيد عشرين بنساً على ما يستحق ، فقال هذا الإمام في نفسه : سأردّ هذه الزيادة للسائق ، لكن بعد أن جلس جاءه خاطر شيطاني ، قال : إنها شركة عملاقة ، المواصلات ، وإن دخلها فلكي ، والمبلغ يسير جداً ، وأنا في أمسّ الحاجة إليه ، فلا عليّ أن آخذه ، لكن الذي حصل أنه قبل أن ينزل دون أن يشعر مد يده إلى جيبه ، وأعطى السائق العشرين بنسا ، فابتسم السائق ، وقال له : ألست إمام هذا المسجد ؟ قال : بلى ، قال : والله حدثت نفسي قبل يومين أن أزورك في المسجد لأتعبد الله عندك ، ولكنني أردت أن أمتحنك قبل أن آتي إليك ، فوقع الإمام مغشياً عليه لهول الصدمة ، لأنه تصور عظم الجريمة التي كاد يقترفها لو لم يدفع للسائق هذا المبلغ ، فلما صحا من غفوته قال : يا رب ، كدت أبيع الإسلام كله بعشرين بنساً . أهمية الورع في تربية النفس : لماذا كان الصحابة الكرام الواحد منهم بألف ؟ والآن الألف بأف ، الواحد بألف والألف بأف ، لأنهم كانوا ورعين ، لأنهم كانوا وقافين عند حدود الله . لذلك الصلاة هكذا ، ما لم تكن ورعاً لا يمكن أن تنعقد الصلة مع الله عز وجل . ( سورة المؤمنون ) . والصلاة كما وصفها الله عز وجل : ( سورة البقرة ) . الخاشع هو الذي أطاع الله عز وجل فخشع قلبه له ، الآن الصيام : (( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) . [ أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة ] . الحكمة من الصيام : ما حكمة ربنا من الصيام ؟ 1 – الحكمة الأولى : أن نشعر بافتقارنا إلى الله ، مُنعَ منا الطعام والشراب ، وهما مباحان خارج الصيام ، فأنت حينما تجوع ، وحينما يصيبك العطش تعرف أنك عبد لله ، وأنك مفتقر إلى شربة ماء ، وكلما أدركت افتقارك إلى الله كلما ارتقيت عند الله . وما لي سوى فقري إليك وسيلة فبالافتقاري إليك فقري أدفع وما لي سوى قرع لبابك حـيلة فـإذا رددت فأي باب أقرع *** أولاً : يعودنا الافتقار إلى الله . الحكمة الثانية : يقنعنا الصيام أننا مخلصون لله ، لأنه ما من قانون على وجه الأرض يحاسبك لو أكلت في نهار رمضان ، هذا الأمر اختص به الدين ، أما القوانين فلا تحاسبك على إفطار رمضان ، فقد تدخل بيتك ، وأنت في أشد حالات العطش والثلاجة فيها الماء البارد ، والبيت فارغ ، ليس أحد يراقبك ، ولا تستطيع أن تضع في فمك قطرة ماء ، إذاً : (( كل عمل ابن آدم له ، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به )) . [ متفق عليه ] . الصوم عبادة الإخلاص . الحكمة الثالثة : شيء آخر ، الصوم يقوي الإرادة ، فأنت في رمضان ممتنع عن المباح ، فلأن تدع الحرام من باب أولى . يختل توازنك حينما تمتنع عن الطعام والشراب وتكذب ! يختل توازن حينما تمتنع عن الطعام والشراب وتملأ عينيك من محاسن امرأة لا تحل لك ! يختل توازنك حينما تمتنع عن الطعام والشراب وتحلف يميناً كاذبة في البيع والشراء ! فلذلك منعك الله عن المباح ، فلأن أن تمتنع عن المحرمات من باب أولى ، وكأن الله أراد أن يقوي إرادتك وعزيمتك في هذا الشهر الكريم . الحكمة الرابعة : شيء آخر ، الله عز وجل أرادنا أن نعيش واقع الفقراء ، الواقع إما أن تعيشه ، وإما أن تدركه بعقلك ، فرق كبير بين إدراك الحقيقة وبين أن تعيشها ، فلو أن لك صديقاً نشب بينه وبين زوجته خلاف ، وانصرفت إلى بيت أهلها ، أنت عندك فكرة أن صديقك زوجته ابتعدت عنه ، لكن أنت عندك زوجتك في البيت ، والطعام جاهز ، والأولاد وضعهم جيد ، طعامهم جيد ، ثيابهم مغسولة ، الحاجات مقضية ، البيت نظيف ، أنت لا تعيش واقع الحرمان من الزوجة ، ولكنك تدرك أن فلاناً زوجته تركته ، فالواقع شيء والمعاينة شيء آخر ، لذلك قالوا : لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها *** فالله سبحانه وتعالى في رمضان أرادنا أن نعاني مشكلة الفقير ، نحن في الإفطار نأكل ونشرب ، لا نشعر بقيمة الماء البارد ، ولا بقيمة الطعام الساخن ، نأكل ونشرب ، لكن هذا الفقير لا تجد عنده ما يأكله . والله حدثني صديق دخل على إحدى قريباته ، أقسم بالله فتح الثلاجة ليس فيها شيء ، وليس عندهم كسرة خبز يأكلونها ، فأنت حينما تجوع يجب أن تتذكر أن هناك من لا يجدون ما يأكلون . مرة وقفت امرأة عند بائع دجاج ، طلبت له أرجل الدجاج ، هذه تعطى للكلاب من شدة الفقر تشتري هذه الأرجل ، وتطبخها ، صار مع المرق طعم لحم فقط . من محاسن رمضان : شهر الإنفاق : لذلك أيها الإخوة ، رمضان شهر الإنفاق ، رمضان شهر البر ، رمضان شهر الإحسان ، رمضان شهر الصدقة ، رمضان شهر الزكاة ، بل إن صيام رمضان لا يرفع إلى الواحد الديان إلا إذا أديت زكاة الفطر ، والإمام الشافعي يرجح أن تؤدى زكاة الفطر بدءاً من أول رمضان ، لأن زكاة الفطر طعمة للفقير ، وتكفير للذنب ، لذلك أراد الله في رمضان أن يذوق كل إنسان طعم الإنفاق ، ولو كنت فقيراً ، أي أنه تجب زكاة الفطر على من يجد قوت يومه ، الذي عنده وجبت طعام واحد تجب عليه زكاة الفطر من أجل أن يذوق الفقير مرة في كل عام طعم الإنفاق ، إنفاق الطعام . أيها الإخوة ، صيام رمضان معلق بين السماء والأرض ، ولا يرفع إلا بزكاة الفطر . أمثلة عن ارتباط العبادات التعاملية بالعلاقات الشرعية : أيها الإخوة ، العبادات الشعائرية ، ومنها الصيام ، لا تصح ، ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية ، إذاً : 1 ـ الصوم وقول الزور : (( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) . (( كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش )) . [أخرجه النسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة ] . لذلك صيام العوام ترك الطعام والشراب ، وصيام المؤمنين ترك المعاصي والآثام وصيام الأتقياء ترك ما سوى الله . (( كل عمل ابن آدم له ، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به )) . [ متفق عليه عن أبي هريرة ] 2 ـ الحج والمال الحرام : لو انتقلنا إلى الحج : (( من حج بمال حرام ، ووضع رجله في الركاب ، وقال : لبيك اللهم لبيك ينادى أن لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك )) . [ ورد في الأثر ] إذاً : لا الصلاة ، ولا الصيام ، ولا الحج تقبل أو تصح إذا لم يراعي الإنسان العبادات التعاملية ، المؤمن صادق لا يكذب ، والمؤمن أمين لا يخون ، والمؤمن عفيف لا يقع في الفاحشة ، فمن أجل أن تكون مؤمناً صادقاً كان الصيام ، قال تعالى : ( سورة البقرة ) . التقوى : والتقوى هي طاعة الله بمفهومها الواسع ، ولكن أنت حينما تصطلح مع الله وحينما تتوب إلى الله ، وحينما تعمل الصالحات تقبل على الله في صلاتك ، ما هي ثمار هذه الصلاة ؟ ثمار هذه الصلاة أن الله سبحانه وتعالى يلقي في قلبك نوراً يريك الحق حقاً والباطل باطلاً . ( سورة الحديد الآية : 28 ) . هذا النور ترى به الحق حقاً والباطل باطلاً هذا النور هو التقوى ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ . والتقوى كما قال الإمام الغزال رحمه الله تعالى : " نور يقذفه الله في القلب " ، ترى به الخير خيراً والشر شراً ، هؤلاء الذين يرتكبون المعاصي والآثام ماذا رأوا قبل أن يقدموا على هذه المعاصي ؟ رأوها مغانم رأوها متعة ، لذلك أي إنسان يعصي الله يرى رؤية خاطئة ، يملك عمى ، قال تعالى : ( سورة طه ) . يعني كذلك في الدنيا كنت أعمى ، لأنها : ( سورة الحج ) . فأنت لمجرد أن تنقطع عن الله تفقد النور ، فترى الخير شراً ، والشر خيراً ترى الإنفاق حمقاً ، والبخل عقلاً ، ترى انتهاز المتعة ذكاء ، والبعد عنها غباء . لذلك من أجل أن ترى الحق حقاً ، والباطل باطلاً نصوم هذا الشهر ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ . ( سورة البقرة الآية : 184 ) . الصلاة مطهِّرة من الأدران : أيها الإخوة ، شيء آخر ، أن الإنسان في الصلاة يطهر من أدرانه ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام : (( الصلاة نور )) . [ رواه مسلم عن أبي مالك الأشعري ] . العبادات مؤداها واحد : الاتصال بالله : ويجب أن نعلم أن الصلاة من أجل الاتصال بالله ، وأن الصيام من أجل الاتصال بالله ، وأن الحج من أجل الاتصال بالله ، وأن الزكاة من أجل الاتصال بالله ، وأن الصدق والأمانة ، والعفة ، والطاعة من أجل الاتصال بالله ، فالاتصال بالله هو الهدف الأول والأوحد لكل العبادات الشعائرية . 1 ـ معاني العبادات في الصلاة : لذلك في الصلاة معاني الصيام ، أنت في الصلاة تدع الطعام ، وتدع الحركة ، وتدع الكلام ، وهذا أبلغ من الصيام ، ومعنى الصيام في الصلاة ، ومعنى الحج في الصلاة ، أنت في الصلاة تتوجه إلى بيت الله الحرام ، ومعنى الزكاة في الصلاة ، لأن الوقت أصل في كسب المال ، أنت في الصلاة تقتطع من وقتك جزءًا كي تؤدي هذه العبادة ، لذلك الصلاة هي الفرض الواحد والوحيد المتكرر الذي لا يسقط بحال ، الصيام يسقط عن المسافر والمريض ، والحج يسقط عن المريض والفقير ، والزكاة تسقط عن الفقير ، والنطق بالشهادة مرة واحدة في العمر ، أما الفرض الوحيد المتكرر الذي لا يسقط بحال هو فرض الصلاة ، لذلك : (( الصلاة عماد الدين فمن أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين )) . [ رواه الطبراني عن معاذ ] . 2 ـ الصلاة طهور : ولا خير في دين لا صلاة فيه ، والصلاة طهور تطهر النفس من الحقد ، من المكر ، من الكبر ، من الاستعلاء ، من الأثرة ، من الأنانية ، الصلاة طهور ، والصلاة نور كما قلت قبل قليل ، نور ترى بنور الله عز وجل الذي يقذف في قلبك في الصلاة ترى الحق حقاً والباطل باطلاً ، والصلاة حبور . (( أرحنا بها يا بلال )) . [ رواه مسدد ، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد ] . 3 ـ الصلاة قربٌ : والصلاة قرب من الله : ( سورة العلق ) . 4 ـ الصلاة دعاء : والصلاة فضل عن أنها قرب ، وفضلاً عن أنها حبور ، وعن أنها طهور ، وعن أنها نور ، الصلاة دعاء ، وذكر لله عز وجل . ( سورة العنكبوت الآية : 45 ) . مِن معاني : وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ المعنى الأول : يعني أن ذكر الله أكبر ما فيها ، لذلك قال بعض العلماء والمفسرين : ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ ما فيها . المعنى الثاني : وهناك معنى آخر ، ذكر الله لك في الصلاة أكبر من ذكرك له ، بمعنى أنك إذا ذكرته أديت واجب العبودية ، لكنه إذا ذكرك وفقك ، إذا ذكرك أسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة ، أنه إذا ذكرك وفقك ، أنه إذا ذكرك ألهمك رشدك ، أنه إذا ذكرك أعطاك الحكمة ، أنه إذا ذكرك أعطاك السكينة ، أعطاك الطمأنينة ، أعطاك الأمن ، فلذلك : ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ . 5 ـ الصلاة مناجاة : أيها الإخوة الكرام ، وفضلاً عن أن الصلاة طهور ، ونور ، وحبور ، وأنها مناجاة ، من يعلم المصلي من يناجي لافتتن ، مناجاة . 6 ـ الصلاة معراج المؤمن : وأنها عروج إلى الله عز وجل والصلاة معراج المؤمن ، وأن الصلاة دعاء وذكر ، وأن الصلاة قرب ، ﴿ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾ . (( ليس كل مصل يصلي ، إنما أتقبل صلاة ممن تواضع لعظمتي ، وكف شهواته عن محارمي ، ولم يصر على معصيتي ، وأطعم الجائع ، وكسا العريان ، ورحم المصاب وآوى الغريب كل ذلك لي ، وعزتي وجلالي إن نور وجهه لأضوء عندي من نور الشمس على أن أجعل الجهالة له حلما ، والظلمة نورا يدعوني فألبيه ، ويسألني فأعطيه ، ويقسم علي فأبره ، أكلأه بقربي ، وأستحفظه ملائكتي ، مثله عندي كمثل الفردوس لا يتسنى ثمرها ولا يتغير حالها . [ أخرجه الديلمي عن حارثة بن وهب ] إذاً : أيها الإخوة ، (( الصلاة عماد الدين ، فمن أقامها فقد أقام الدين ، ومن هدمها فقد هدم الدين )) . ولا خير في دين لا صلاة له ، والصيام من أجل الصلاة ، أنت في نهار رمضان تدع الطعام والشراب ، وفي ليل رمضان تأخذ الجائزة من الواحد الديان ، من خلال صلاة التراويح . (( من قام رمضان ـ أي صلى التراويح ـ غفر له ما تقدم من ذنبه )) . دعوة إلى الاجتهاد واغتنام شهر رمضان : إذاً : نحن في شهر الطاعة ، نحن في شهر القرب ، نحن في شهر الإنفاق ، نحن في شهر القرآن ، لأن القرآن أُنزل في رمضان ، نحن في شهر القرب من الله عز وجل وكأن الله سبحانه وتعالى سمح لك في هذا الشهر الكريم أن تفتح معه صفحة جديدة ، وأن يغفر لك ما كان منك قبل رمضان هو مناسبة ، لذلك : (( للصّائِمِ فَرْحَتانِ : فرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ ، وفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقى رَبّه )) . [ متفق عليه عن أبي هريرةَ ] . يعني فرحته يوم يفطر مضى شهر وقد صامه ، وقامه ، وغض بصره ، وقرأ القرآن ، وصلى الفجر في المسجد ، والعشاء في المسجد ، وصلى التراويح ، ووصل رحمه وأنفق ماله في سبيل الله . بالمناسبة ، أيها الإخوة ، لعلنا في الدرس القادم إن شاء الله نتحدث عن الزكاة والزكاة مناسبتها في رمضان . والحمد لله رب العالمين منقول |
|||||||||||||
|
||||||||||||||
|
رسالة لكل زوار منتديات العبير |
عزيزي الزائر أتمنى انك استفدت من الموضوع و لكن من اجل منتدى ارقي و ارقي برجاء عدم نقل الموضوع و يمكنك التسجيل معنا و المشاركة معنا و النقاش في كافه المواضيع الجاده اذا رغبت في ذلك فانا لا ادعوك للتسجيل بل ادعوك للإبداع معنا . للتسجيل اضغظ هنا . |
|
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
روحانية صائم | عبد الله الساهر | مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور | 12 | 02-08-2009 06:37 PM |
شرح كتاب الصيام من الشرح الممتع على "زاد المستنقع" (1) | سكوتي كلآآم | مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور | 15 | 21-08-2008 11:21 AM |
من أحكام العشر الأواخر من رمضان | عبد الله الساهر | مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور | 12 | 15-02-2007 09:12 PM |
عشر وسائل لإستقبال رمضان وعشر حوافز لإستغلاله | عبد الله الساهر | مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور | 11 | 06-12-2006 10:06 AM |
الأحداث التى حدثت فى شهر رمضان | الوجيه | مجالسُ الدعوةِ إلى الله حُجةٌ وتاجٌ من نور | 5 | 15-12-2005 07:20 PM |