مجلس مرافئ ساكنة حروف تتساقط لتروي خضار قلوبكم

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-01-2009, 10:50 AM   #1

الصورة الرمزية فلورندا

 رقم العضوية :  4815
 تاريخ التسجيل :  23-07-2007
 المشاركات :  4,591
 الجـنـس :  أنثى
 عدد النقاط :  15
 قوة التقييم :  فلورندا is on a distinguished road
 اخر مواضيع » فلورندا
 تفاصيل مشاركات » فلورندا
 أوسمة و جوائز » فلورندا
 معلومات الاتصال بـ فلورندا

Icon20 فضائل وميزات لغة القرآن


فضائل وميزات لغة القرآن
حسن محمد فؤاد



المقدمة:

إنَّ الحمد لله نحمَده، ونستعينه، ونستهديه، ونستغفره، ونَعُوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يَهْدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.



ثُم أمَّا بعد:

فاللغة بالنسبة لكلِّ أمَّة هي أداة تَواصُل، وطريقة تفكير، ورمزُ عزَّةٍ، أمَّا العربيَّة فهي بالنسبة للعرب كلُّ هذا، وتَزِيد عليه أنها لغةُ دينٍ وكتابٍ مُوحًى به، وهي لغة عِبادات وشعائر، فهي لغةٌ مُقدَّسَة، مأجورٌ مَن يتعلَّمها، مُثابٌ مَن يَعلمها، ثم هي لغةٌ محفوظةٌ بحفظ الله للكتاب الذي نزل بها.



وتحتَلُّ العربيَّة المركز السادس من حيث عدد المتكلِّمين بها، وهي اللغة الوحيدة التي دامَتْ لأكثر مِن خمسة عشر قرنًا مِن الزمان، فكلُّ اللغات القديمة قد انقرَضَتْ إلا هي، واللغة العربيَّة قد تجمَّع فيها مِن الميزات والخصائص ما لم يُوجَد مُجتَمِعًا في لغةٍ غيرها، ومع كلِّ هذه الخصائص والميزات إلا أنَّ كثيرًا مِن أهلها جهِلُوا مكانتَها وقيمتَها، ورمَوْها بالتُّهَم الباطِلَة بأقوالهم، وبالتصرُّفات المشينة التي تُسِيء إلى لُغتهم، ولم يُقَدِّر أكثرُ العرب قيمة لغتهم ومكانتها، ولم يحفَظُوها ويراعوا حقَّها عليهم، وإلا لكان مِن الواجب عليهم تعلُّمها وتعليمها، والالتِزام بقواعدها، فهي خيرٌ وعزَّة لهم في الدنيا، وأجرٌ وثواب عظيم لهم يوم القيامة، فكم عَزَّ أقوامٌ بعزِّ لغات! ووَجَب على كلِّ غَيُورٍ على أمَّته، محبٍّ لدينه، أن يعملَ على إحياء اللغة العربية في المنتديات والتجمُّعات الثقافية والعلميَّة، ودُور العبادة، وقاعات الدرس، وأن يُذكِّر بفضلها ومكانتها وأهميَّتها بالنسبة لنا كمسلِمين، فهي من الدِّين، وبالنسبة لنا كعرب.



لذا جاء هذا البحْث تذْكيرًا بفَضْل ومكانة العربيَّة، وما تَحوِيه مِن الميزات والخصائص التي لم تَشرُف لغة أخرى باجتماعها فيها، ثم نُعَرِّج على أسباب تَدَنِّي مستوى المتحدِّثين بالعربية، ومنه نَدلِف إلى اقتِراحاتٍ لِمُحاوَلة عِلاج هذه الظاهرة التي عمَّت بها البلوى، وأصبحتْ عائقًا من عَوائِق تقدُّم الأمَّة؛ إذ لا تتقدَّم الأُمَم إلا بعقيدةٍ صحيحةٍ راسخةٍ، ولغةٍ توحِّد ألسنتَها، وهدفٍ يُوحِّدُ اتِّجاهها، وعزيمةٍ قويَّة وإخلاص صادقٌ للهِ تبارك وتعالى.



وقد اقتَضَتْ طبيعة البحث أن يكونَ في ثلاثة أبواب:

الباب الأول: فضل اللغة العربية ومكانتها بين اللغات.



وجاء هذا الباب في تقديم وفصلَيْن:

الفصل الأول: فضْل العربية في الشريعة الإسلامية.

الفصل الثاني: مكانة العربية بين اللغات العالمية.

الباب الثاني: أسباب تَدَنِّي المتحدِّثين باللغة العربية.

وكان هذا الباب في فصلين:

الأول: أسباب خارجية.

الثاني: أسباب داخلية.

الباب الثالث: اقتِراحات للحلول ولنشْر الثقافة العربية.

وكان هذا الباب في خمسة فصول:

الأول: نشر التوعية بفضل ومكانة اللغة العربية.

الثاني: فرْض اللغة العربية على كلِّ جهاز حكومي، أو إعلامي، أو تعليمي.

الثالث: إقامة مشروع كامل لتهذيب اللغة نحوًا وصرفًا ومعجمًا.

الرابع: إقامة مركز علمي متخصِّص لحوسَبة العلوم اللغويَّة.

الخامس: البعثات العربية لنشْر ثقافة اللغة العربية.

• • •



الباب الأول: فضل اللغة العربيَّة ومكانتها بين اللغات
تقديم:

يقتَضِي المنهجُ العلمي تقسيمَ هذا الباب إلى فصلين: فصلٍ مُوجَّه إلى المسلمين المؤمنين بالإسلام دينًا، وبالقرآن وحيًا، وهذا الفصل لا يتطلَّب إلا نصوصًا قرآنيَّة أو نبويَّة، أو كلامًا لعلمائنا الأجلَّاء المُوافِق للدليل الصحيح، فهذا كلامٌ عندنا مُصدَّقٌ، ولدينا مقبولٌ، وهو حجَّة على كلِّ مؤمنٍ بهذا الدين، أمَّا عند غير المسلمين فليس بحجَّة، ولا يجوز لنا إلزامه به؛ لأنه غير مؤمن بهذا الكتاب ولا بذلك الرسول؛ لذلك كان الفصل الثاني، وهو يعتَمِد على الدليل العقلي والحقيقة العلمية، وأقوال العلماء من أصحاب هذا الفن المُشتَغِلين بعلم اللغة وأصل اللغات، العالِمِين بمنابِتها وأصولها وفروعها؛ فهم أعلمُ، وكلامهم حجَّة في هذا الباب، خاصَّةً إذا اجتَمَع منهم غيرُ واحدٍ على قولٍ مِن غير اتِّفاق فكري أو ديني، وما دفعهم إلى ذلك إلا البحث والإنصاف.



الفصل الأول: فضل العربية ومكانتها في الإسلام:

قد كرَّم الله تعالى هذه اللغة العربية؛ إذ أنزل كتابه الكريم بها على رجلٍ مِن أهلها صلَّى الله عليه وسلَّم، وكرَّمها إذ حَفظها بحفظِ ذلك الكتاب العظيم، وهذا التكريم قطعيُّ الدلالة على أنَّها خيرُ اللغات، وما انحِسار ظِلِّها في هذا الزمن وضيق انتشارها، إلا دليلٌ على ضعف أهلها في تعلُّمها وتعليمها، وتلك حقيقةٌ لا سبيل إلى جحْدها أو المُمارَاة فيها، وإلا فإنَّ الإسلام الذي حكَم العالمَ قرونًا مَدِيدةً قد نُحِّيَ هو الآخَر في هذا العَصْر عن موقع القيادة والسلطان، أَفَيَحْمِلُ الإسلامُ - وهو دينُ الله الخاتم، وكلمته العليا - وِزْر انتكاسِنا وارتكاسنا؟!



اللغة العربية والعقيدة:

لا يكون الإنسان مسلمًا إلا إذا نطَق الشهادتين بلغةٍ عربية إنِ استَطاع، وإلا كُتِبت له كلمة التوحيد (الشهادتان) بحروف لغته الأصليَّة، ثم ينطق بها.



اللغة العربية وشرائع الإسلام:

الإسلام عقيدةٌ تنبَثِق عن هذه العقيدة شريعةٌ، ومن هذه الشريعة:

الصلاة:

مِن شُرُوط صحَّة الصلاة قراءة الفاتحة قراءة صحيحة - فالفاتحة ركنٌ مِن أركان الصلاة - والأذكار بلغةٍ عربية صحيحة، خلافًا للأحناف الذين أجازوا قراءة القرآن في الصلاة بغير العربية لغير القادر على النطق بها، أمَّا قول جمهور العُلَماء فهو وجوب تعلُّم الأعجمي ما يُقِيم به صلاته، ولا تصحُّ الصلاة بغير ذلك.



الحج:

هو رُكن الإسلام الأعظم، وفيه مِن التلْبية والشعائر القوليَّة المطلوب أداؤها - طلب وجوبٍ أو استِحباب - باللغة العربيَّة على كلِّ المسلمين ومِن كلِّ اللغات.



وغير ذلك مِن الشعائر؛ مثل: قراءة القرآن، وذِكْر الله جلَّ وعلا، كلُّ هذا يحتاج فيه إلى تعلُّم شيءٍ من العربية؛ ليصحَّ إسلام العبد، وتصحَّ عباداته.



العربيَّة والعلم:

وضَع العلماء شروطًا مَن حقَّقها وحاز عليها، نال رُتبةَ الاجتهاد في الدِّين، واختَلفوا في بعض هذه الشروط؛ لكنَّهم اتَّفقوا جميعًا على شرط إتقان اللغة العربية كشرطٍ أساسٍ في المجتَهِد، لا يصحُّ له الاجتِهاد إلا بإتقان لغة العرب التي بها نزَل القرآن، وبها تحدَّث سيِّد ولد عدنان صلَّى الله عليه وسلَّم، فالقرآن والسُّنَّة هما مصدر التشريع الإسلامي، فوجَب على مَن أراد بلوغ رتبة الاجتهاد أن يَحُوز هذه اللغة؛ ليفهَم مراد الله جلَّ وعلا، ويَفهَم كلام المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم.



قال أبو إسحاق الشيرازي في "صفة المفتي": (ويَعرِف مِن اللغة والنحو ما يَعرِف به مراد الله ومرادَ رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم في خطابهما)، "اللُّمع في أصول الفقه" ص 127.



اللغة العربية واجبة على كلِّ مسلم:

العربية واجبةٌ على كلِّ مسلم بحسبه، فالقَدْر الذي لا يجوز لمسلمٍ أن ينقص عنه هو القدر الذي يُمَكِّنه من إقامة الفرائض، وفهْم كلام الله ورسوله، ففيهما نجاتُه في الدنيا والآخرة، قال الماوردي: (ومعرفة لسان العرب فرضٌ على كلِّ مسلمٍ من مجتهد وغيره)؛ "إرشاد الفحول"؛ للشوكاني، ص 252.



قال ابن تيميَّة رحمه الله: (معلومٌ أنَّ تعلُّمَ العربية وتعليمَ العربية فرضٌ على الكفاية، وكان السلف يؤدِّبون أولادَهم على اللحن، فنحن مأمورون - أمرَ إيجابٍ أو أمرَ استحبابٍ - أن نحفَظ القانون العربي، ونُصلِح الألسن المائلة عنه، فيحفظ لنا طريقة فهْم الكتاب والسُّنَّة، والاقتِداء بالعرب في خِطابها، فلو تُرِك الناس على لحنهم كان نقصًا وعيبًا)؛ "الفتاوى" 32/ 252.



وقال الشافعي: (يجب على كلِّ مسلم أن يتعلَّم مِن لسان العرب ما يبلغه جهده في أداء فرضه).



وذلك لأنَّ معرفة الدِّين فرض واجب، وما لا يتمُّ الواجب إلا به فهو واجب، والإسلام لا يُفهم إلا بفهْم العربية.



اللغة العربية شعار الإسلام والمسلمين:

اللغة هي تعبيرٌ عن كيان وروح، والعربية هي تعبيرٌ عن كيان وروح ودين؛ لذلك كَرِهَ العلماء الرطانة بغير العربية دون حاجة؛ بل قال مالك: (مَن تكلَّم في مسجدنا بغير العربيَّة فأَخرِجوه منه).



وقال ابن تيميَّة رحمه الله: (فإنَّ اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميَّزون)؛ "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 203.



وقال أيضًا: (وما زال السلف يكرَهون تغييرَ شعائرِ العربِ حتى في المعاملات، وهو التكلُّم بغير العربية إلَّا لحاجة، كما نصَّ على ذلك مالك والشافعي وأحمد؛ بل قال مالك: مَنْ تكلَّم في مسجدنا بغير العربية أُخرِجَ منه، مع أنَّ سائرَ الألسن يجوز النطق بها لأصحابها، ولكن سوَّغوها للحاجة، وكرهوها لغير الحاجة، ولحفظ شعائر الإسلام)؛ "الفتاوى" 32/ 255.



واللغة العربيَّة من الإسلام؛ لذا وجَب التمسُّك بها، والحذر من البُعد عنها؛ لأنَّ هذا من البُعد عن سبيل المؤمنين، وقد حذَّر الله تعالى من هذا المسلك؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].



اللغة العربية مظهرُ عِزٍّ وفخار للمتمسِّك بها:

وهكذا كلُّ قومٍ يعتزُّون بلُغتهم، ولا يقبَلون عنها بديلًا؛ لذا نجد قادَةَ الدُّوَل الكبرى لا يتحدَّثون بغير لغاتهم في أيِّ مكانٍ كانوا، أمَّا قادتنا فهم لا يتحدَّثون بعربيَّتهم وإن كانوا في بلادهم، وهذا مِنْ إهانة اللغة وتحقير شأنها.



قال مصطفى صادق الرافعي رحمه الله: (ما ذلَّت لغةُ شعبٍ إلَّا ذلَّ، ولا انحطَّت إلَّا كان أمره في ذهابٍ وإدبارٍ، ومن هذا يفرض الأجنبيُّ المستعمِر لغتَه فرضًا على الأمَّة المستعمَرَة، ويركبهم بها، ويُشعِرهم عظمته فيها، ويستَلحِقهم من ناحيتها، فيحكم عليهم أحكامًا ثلاثةً في عملٍ واحدٍ: أمَّا الأول فحَبْس لغتهم في لغته سجنًا مؤبَّدًا، وأمَّا الثاني فالحكم على ماضيهم بالقتل محوًا ونِسيانًا، وأمَّا الثالث فتقييد مستقبلهم في الأغلال التي يصنعها، فأمرُهم مِن بعدها لأمْره تَبَعٌ)؛ "وحي القلم" 3/ 33 - 34.



اللغة العربية هي صورةٌ لشخصيَّة الأمة الإسلامية:

(إنَّ لغة الأمَّة دليلُ نفسيَّتها وصور عقليَّتها؛ بل هي أسارير الوجه في كيانها الاجتماعي الحاضر، وفي تطوُّرها التاريخي الغابر؛ لأنَّ وراء كلِّ لفظةٍ في المعجم معنى شعرتْ به الأمَّة شعورًا عامًّا، دعاها إلى الإعراب عنه بلفظٍ خاصٍّ، فوَقَع ذلك اللفظ في نفوس جمهورها موقع الرِّضا، وكان بذلك مِن أهل الحياة، وما معجم اللغة إلا مجموعة مِن المعاني التي احتاجت الأمَّة إلى التعبير عنها، فاختارت لكلِّ معنًى لفظًا يدلُّ على الجهة التي نَظرَت الأمَّة منها إلى ذلك المعنى عندما سمَّتْه باللفظ الذي اصطَلَحت عليه، فلغة الأمَّة تتضمَّن تاريخ أساليب التفكير عندها مِن أبسَط حالاته إلى أرقاها، يعلَم ذلك البصير بِأَبْنِية اللغة وتلازُمها، ومَن له ذوقٌ دقيق في ترتيب تسَلْسُلها الاشتقاقي)؛ "مجلة الزهراء" مجلد 1 سنة 1343 هـ، ص 66.



و(اعتِياد اللغة يُؤثِّر في العقلِ والخُلقِ والدِّينِ تأثيرًا قويًّا بيِّنًا، ويُؤثِّر أيضًا في مشابهةِ صدرِ هذه الأمَّة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تَزِيد العقلَ والدِّينَ والخُلقَ، وأيضًا فإنَّ نفس اللغة العربيَّة مِن الدين، ومعرفتها فرضٌ واجبٌ، فإنَّ فهْم الكتاب والسُّنَّة فرضٌ، ولا يُفهَم إلَّا بفهْم اللغة العربية، وما لا يتمُّ الواجب إلَّا به فهو واجب)؛ "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 207.



ويرى علماء الاجتماع أنَّ اللغة تجعل من الأمَّة الناطقة بها كُلًّا مُتراصًّا يخضَع لقانونٍ واحد، وأنها الرابطة الحقيقية الوحيدة بين عالم الأذهان وعالم الأبدان، وهي نظريَّة تصدُقُ على لغتنا العربية - كما يقول الدكتور عثمان أمين - أكثر ممَّا تصْدُق على أيَّة لغة أخرى؛ فاللغة العربية عظيمة الأثر في تكوين عقليَّتنا، وهداية سلوكنا، وتصريف أفعالنا؛ ذلك أنها تمتاز عن اللغات الأخرى (بمثالية) عميقة صريحة، تحسب حساب الفكرة والمثال، وتضعهما مكانَ الصَّدارة والاعتِبار؛ أي: إنَّ لغتنا العربية تفترض دائمًا أنَّ شهادة الفكر أصدق من شهادة الحسِّ، ويَكفِي في التعبير بها إنشاء علاقة ذهنيَّة بين المسند والمسند إليه، دون حاجة إلى فعل الكينونة الذي هو لازمة ضرورية في اللغات (الهندو - أوربية)، ودون الحاجة إلى التصريح بضمير المتكلم أو المخاطب أو الغائب؛ لأن الذات مُتَّصِلة دائمًا بالفعل في نفس تركيبه الأصلي.



الفصل الثاني: مكانة اللغة العربية بين لغات العالم:

هل يجوز لأحدٍ أن يزعم أنَّ لغةً ما هي أفضل اللغات؟

هل اللغات تتفاضَل في ذاتها، أم بحسب قوتها وقوَّة أهلها والناطقين بها؟



سيُحاول هذا الفصل الإجابة عن هذين السؤالين وغيرهما من الأسئلة.



والآن سنُلقِي الضوء على بعض مميِّزات اللغة العربية، والأدلَّة التي تُسوِّغ لنا أن نحكم لها بالأفضليَّة بين لغات العالم حديثها وقديمها.



دائمًا ما نجد المتحدِّث عن اللغة العربية، المُشِيد بفضلها ومكانتها بين اللغات - نجد دليله على هذا الفضل وتلك المكانة أنَّ اللغة العربية هي لغة القرآن، وهو خيرُ كلامٍ؛ إذ هو كلام ربِّ العالمين إلى الناس أجمعين، فلماذا نزَل القرآن عربيًّا؟



وهل تتميَّز اللغة العربية بميزات اختصَّت بها عمَّا دونها من اللغات؟

وإذا افترضنا وجود هذه الميزات، فهل يُسوِّغُ لنا ذلك أن نزعم أنَّ اللغة العربية هي أفضل اللغات؟

وإذا افتَرضنا أنها خير اللغات، فهل نزَل القرآن عربيًّا لأنها خير اللغات، أم أنها صارت كذلك لنُزُول القرآن عربيًّا؟

ولماذا كانت اللغة التي يجب على المسلمين تعلُّم بعضها ليقيموا بها فرائضهم هي العربية، ولا يجوز القيام بهذه الفرائض بغيرها؟

ولماذا كانت الأمَّة التي تحمل آخر رسالة إلى أهل الأرض عربية؟

هل في جنس العرب ما ليس في سِواهم، كما في لغتهم ما ليس في سواها؟



هذه الأسئلة وغيرها يُحاول هذا الجزءُ من البحث الإجابةَ عنها في شيءٍ من الإيجاز، مُحاوِلين ما وسعنا انتِهاج نهج علمي محايد لا شطَط فيه ولا تحيُّز، ولن تكون هناك أحكامٌ إلا بأدلَّتها الواضحة الصريحة الصحيحة.



الله عزَّ وجلَّ لا يفعَل شيئًا إلا لحكمةٍ عرفها مَن عرفها، وجهلها مَن جهلها، وعلينا البحث في حِكَم الله سبحانه وتعالى فيما حولنا، فإن توصَّلنا إليها فهي، ونعض عليها متمسِّكين بها، طالما أنَّ ما توصَّلنا إليه لا يُخالِف نصًّا من النصوص أو ثابتًا من الثوابت.



ونستَطِيع أن نقول مطمئنِّين: إنَّه لم يكن اختيارُ الله عزَّ وجلَّ لآخِر رسله وخاتم كتبه عربيًّا إلا لحكمةٍ بالغة، فما يكن مِن فعل الله واختياره فهو الحكمة، أي حكمة.



ونحن نُحاوِل البحثَ عن هذه الحكمة في كون القرآن عربيًّا لا بغيرها من اللغات، وكون الرسالة العالمية الخاتمة إلى أهل الأرض يحملها العرب لا غيرهم.



يرى البعض أنَّ مثل هذا الحكْم هو زعمٌ تزعمه كلُّ أمَّة للغتها، وأنَّ العرب تبعٌ على هذا المنوال في زعمٍ لا دليلَ عليه، لكنَّ الباحثَ المتأملَ المتجرِّد يرى الأدلَّة على أفضليَّة اللغة ظاهرةً للعيان، مؤكدة للباحث الهمام، وسنأتي عليها تفصيلًا.



ويرى البعض الآخَر أنَّ تفضيلَ بعضِ اللغات على بعضٍ أمرٌ غيرُ واقِع، فاللغات متشابهة متساوية، إنما تعلو وتَفضل إذا خدَمَها أهلُها ونشَرُوها بثقافتهم وقوَّتهم، وهذا صحيحٌ؛ فالأمم القويَّة تنتَشِر لغتها بين الأممِ الضعيفة، أو بتعبيرٍ أصح: الأُمَم المُستَضعَفة، وهذا قد قرَّرَه مؤسِّس علم الاجتماع ابن خلدون، فالأُمَم الضعيفة مغرَمة بتعلُّم لغة الأمَّة القويَّة الغالبة، لكنَّ هذا لا يَنفِي أنَّ اللغات تَتفاضَل فيما بينها في أصلها؛ لأسباب وخصائص ذاتية تتميَّز بها اللغة، دون النظر إلى حال المتكلِّمين بها.



مبدأ التفاضل قائم في كل شيء:

ثم إنَّ مبدأ التفاضُل قد قرَّرَه القرآن في غير موضع؛ ذلك أنَّ التفاضل كائنٌ بين كلِّ شيء؛ بين البشر، وبين الدواب، وفي الأطعمة والأشربة، والثمار والأمكنة... وغيرها، وحتى بين الرسل والملائكة والقرآن يقرِّر هذه الحقيقة في غير موضع، يقول تعالى: ﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ [البقرة: 253]، ويقول سبحانه عن الأطعمة: ﴿ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ ﴾ [الرعد: 4].



وقد فضَّل الله بعض الأزمنة على بعض، وبعض النبيِّين على بعض، وفضَّل سبحانه بعض الكلام على بعض، وأيضًا قرَّر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مبدأ التفاضُل؛ فقد فضَّل صلَّى الله عليه وسلَّم بعضَ الناس على بعض، وفضَّل بعض القبائل على بعض، وسنأتي إلى تفضيل بعض الناس وبعض القبائل على بعض بالتفصيل؛ إذًا فمِن الثابت أنَّ مبدأ التفاضُل موجود مقبول؛ لكن بالأدلَّة الصحيحة.



ونحن نرى البشَر مُتَفَاوِتين في مواهبهم وملكاتهم العقلية والنفسية والجسمانية، ونرى الشعوب والمجتمعات تتفاوَت في خصائصها ومواردها وظروفها، فكيف لا تتفاضَل اللُّغات؟



أولًا: الدليل العقلي:

القرآن هو رسالة سماويَّة لأمَّة عالميَّة؛ فمِن المنتظر في هذه الرسالة أن تحمل أسمى المعاني في أوجز الكلمات وأوضح وأدق المعاني، وأن يحتاج غيرها إليها ولا تحتاج إلى غيرها، وأن تكون صالحة لكلِّ زمان ومكان؛ لأنَّ هذه الرسالة أبديَّة باقية إلى أن يرثَ الله الأرض ومَن عليها، أو بتعبير أدق: إلى أن تُمْحَى من الصدور والسطور.



هذه ميزات لا تتوفَّر في أيَّة لغةٍ من لغات العالم، هذه حقيقة علميَّة أثبتَتْها الأُمَم المتَّحِدة؛ حيث أصدرتْ بيانًا تُبيِّن فيه عدد اللغات التي ماتت خلال القرْن العشرين، وتوقَّعت اللغات التي ستَموت في القرن الحادي والعشرين، وكان مِن بين هذه اللغات المتوقَّع موتها اللغة العربية، وسبحان الله! قيَّض الله إحدى الجامعات البريطانية لتُثبِت خطأ هذا التوقُّع؛ حيث أثبتَتْ هذه الجامعة أنَّ اللغة العربية لغة خالدة؛ بل حدَّدت هذه الجامعة للُّغات الكبرى في العالَم عمرًا محددًا بعدَه تنقرض هذه اللغات، فكان ِمن بينها اللغة الإنجليزية التي ستموت في خلال قرن ونصف من الزمان، واللغة الفرنسية التي ستموت خلال ثلاث أرباع قرن.



لذلك وجدنا كثيرًا من الدُّوَل تُقَيِّد تاريخها باللغة العربية ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا؛ وهذا يدلُّ على ثَبات هذه اللغة وتماسُكها وتفكُّك اللغات الأخرى؛ فقد أثبتَتْ نفس الجامعة أنَّ جميعَ اللغات تَحوِي أسباب فنائها إلا اللغة العربية؛ فإنها خالية مِن كلِّ الآفات التي تؤدِّي إلى اندِثار اللغات.



الدليل الواقعي العلمي:

سنستَعرِض الآن مميِّزات اللغة العربية مع مقارنة هذه الميزات مع بعض اللغات العالمية المنتَشِرة على مستوى العالم، ونرى أي اللغتين مستحق للتفضيل على الأخرى.



الميزة الأولي: التخفيف:

ونقصد هنا التخفيف في الحروف، فاللغة العربية تغلب عليها الأصول الثلاثيَّة ثم الرباعية فالخماسية، أمَّا اللغات الأخرى فلا نجد هذا الأمر فيها، فالكلمات الثلاثية قليلة في اللغات الأخرى بالمقارنة باللغة العربية.



يقول ابن فارس: (وممَّا اختصَّت بِهِ لغةُ العرب قلبهم الحروف عن جهاتها؛ ليكون الثاني أخفَّ من الأوَّل، نحو قولهم: (ميعاد) ولم يقولوا: (مِوْعاد)، وهما من (الوعد)، إلَّا أنَّ اللفظ الثاني أخفُّ، ومن ذلك تركُهم الجمعَ بين السَّاكنين، وقد تجتمع فِي لغة العجم ثلاث سواكن).



يقول ابن جني: (إنَّ الأصول ثلاثة: ثلاثي ورباعي وخماسي، فأكثرها استعمالًا وأعدلها تركيبا الثلاثيُّ؛ وذلك لأنَّه حرف يُبتَدأ به، وحرف يُحشَى به، وحرف يُوقَف عليه).

ثم يقول مُبيِّنًا الحكمة من غلبة الثلاثي: (فتمكُّن الثلاثي إنما هو لقلَّة حروفه)؛ "الخصائص" 1/ 65.



وبمقارنة بعض الكلمات العربية ومقابلها في بعض اللغات الأوربيَّة سيتَّضح ما قرَّرناه:

الكلمة في العربية

الإنجليزية

الفرنسية

الألمانية

مبنى

building

Le batiment

Das gebaude

جامعة

university

L`universite

Die universitat

مكتبة

library

La bibliotheque

Die bucherei

تسلية

entertainment

Les divertissement

Die unterhaltung

أب

Father

Le pere

Der vater

أم

Mother

La mere

Die mutter

جد

Grand-father

Le grand-pere

Der Gross vater

جدة

Grand-mother

La grand-mere

Die Gross mutter

أخ

brother

Le frère

Der Bruder

أخت

Sister

La soeur

Die schwester


ففي هذا الجدول نلاحظ أنَّ الكلمات القصيرة في العربيَّة ذوات الحرفَيْن أو الثلاثة أو الأربعة تُقابِلها كلماتٌ طويلة في اللغات الأوربيَّة قد تصل إلى عشرة أحرف أو تَزِيد، ومن المعروف أنَّ أقصى ما تصل إليه الكلمات العربيَّة بالزيادة سبعة أحرف في الأسماء؛ كما في: (استِخراج، واستعمار)، وستَّة في الأفعال كما في: (استخرج، واستعمر)، في حين أنَّ الكلمات في اللغات الأوربية قد تصل إلى خمسة عشر حرفًا أو أكثر، كما في internationalism بمعنى الدولية، و incomprehensible بمعنى غامض في الإنجليزية، وenstschuldigung بمعنى معذرة في الألمانية.



ولا شكَّ أنَّ لهذه الخاصِّيَّة فوائد جمَّة في العربية؛ ففيها توفيرٌ للوقت والجهد والمال؛ فالنطق بالكلمات الصغيرة أخفُّ على اللسان، وأحبُّ للقلب، وأسرع في الوقت، وأخصر في الكتابة من الكلمات الطويلة.



وقد يقول قائل: إنَّ الجذور الثُّلاثية من سمات اللغات السامية عمومًا.

فنقول: أكثر الساميَّات اليوم غير مستعمل إلا نادرًا، وهذا القليل النادر غير مُطابِق في أكثره لقواعد الساميات القديمة، فصحَّ أن تُعَدَّ هذه سِمَة من سِمات العربية.



الميزة الثانية: سعة المفردات:

لا توجد لغةٌ على وجه الأرض يحوي قاموسها ما يَحوِيه المعجم العربي من مفردات، وهذه حقيقة واقعة شهد بها المستشرقون، كما شهد بها المسلمون، فاللغة العربية هي لغة الغِنَى والثَّراء.



قال الإمام الشافعي: (لسان العرب أوسع الألسنة مذهبًا، وأكثرها ألفاظًا)؛ "الرسالة"؛ للإمام الشافعي: 1/ 45، 46.



فلا يُمكِن لأحدٍ إحصاءُ جميع الألفاظ العربية إلا نبيٌّ، مهما بلَغ في اللغة شأوًا بعيدًا، وفي اللغة العربية كثيرٌ من الأسماء لمسمًّى واحد؛ كأسماء الأسد والحيَّة والعسل، وممَّن ألف في المترادف العلَّامة مجد الدين الفيروزآبادي صاحب "القاموس"، ألَّف فيه كتابًا سماه: "الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف"، وأفرد خَلْقٌ مِن الأئمَّة كتبًا في أسماء أشياء مخصوصة، فألَّف ابن خالويه كتابًا في "أسماء الأسد"، وكتابًا في "أسماء الحية"، ذكر أمثلة من ذلك "العسل" له ثمانون اسمًا، أورَدَها صاحب "القاموس" في كتابه الذي سمَّاه: "ترقيق الأسل لتصفيق العسل".



يقول ابن فارس: (وممَّا لا يُمكِن نقله البتَّة أوصاف السيف والأسد والرمح وغير ذلك من الأسماء المترادفة، ومعروفٌ أنَّ العجم لا تَعرِف للأسد أسماء غير واحد، فأمَّا نحن فنخرج له خمسين ومائة اسم)؛"الصاحبي" ص 21.



ويقول أيضًا: (وحدثني أحمد بن محمد بن بندار قال: سمعتُ أبا عبد الله بن خالويه الهمذاني يقول: جمعت للأسد خمسمائة اسم، وللحية مائتين)؛ نفس المصدر.



وهذا الذي يُصرِّح به ابن فارس يُقرِّره علماء اللغة المُعاصِرون من الشرق والغرب؛ إذ يذكر الدكتور علي عبد الواحد وافي، وكان عضوًا بالمجمع اللغوي بالقاهرة، (أنَّ الأستاذ دو هامر De Hammer جمَع المفردات العربية المتَّصِلة بالجَمَل وشؤونه، فوصَلَتْ إلى أكثر من خمسة آلاف وستمائة وأربع وأربعين).



ويقرِّر الدكتور وافي نفسُه (أنَّ مِن أهمِّ ما تَمتاز به العربيَّة أنها أوسع أخواتها السامية ثروةً في أصول الكلمات والمفردات؛ فهي تشتَمِل على جميع الأصول التي تشتَمِل عليها أخواتها السامية أو على معظمها، وتزيد عليها بأصولٍ كثيرة احتَفظَتْ بها من اللسان السامي الأول، وأنَّه تجمع فيها مِن المفردات في مختلف أنواع الكلمة؛ اسمها وفعلها وحرفها، ومن المترادفات؛ في الأسماء والصفات والأفعال... ما لم يجتمع مثله للغة سامية أخرى؛ بل ما يندر وجود مثله في لُغة من لغات العالم)؛ "فقه اللغة" ص 131.



ويقول المستشرق الألماني نولدكه: (إنَّه لا بُدَّ أن يزدادَ تعجُّب المرء من وفرة مفردات اللغة العربيَّة، عندما يعرِف أنَّ علاقات المعيشة لدى العرب بسيطة جدًّا؛ ولكنَّهم في داخل هذه الدائرة يرمزون للفرق الدقيق في المعنى بكلمة خاصَّة... والعربية الكلاسيكية ليست غنيَّة فقط بالمفردات؛ ولكنَّها غنيَّة أيضًا بالصِّيَغ النحوية)؛ نقلًا عن "اللغة العربية"؛ لنذير حمدان، ص 133.



وعدد الألفاظ المُستَعمَلة مِن اللغة العربية خمسة ملايين وتسعة وتسعون ألفًا وأربعمائة لفظ، مِن جملة ستَّة ملايين وستمائة وتسعين ألفًا وأربعمائة لفظ، بينما نجد غيرها من اللغات الأوربية لا يبلغ عدد مفرداتها معشار ما بلغتْه مفردات العربية؛ "مجلة الفيصل" العدد 255/ رمضان 1418 هـ، "اللغة العربية بعض خصائصها، شهادات أجنبيَّة بأهميَّتها"؛ محمد نعمان الدين الندوي، الصفحة: 70.



الميزة الثالثة: الترادُف:

وهذه ميزة مُترتِّبة على سابقتها ونتيجة لها، فما هو الترادف؟

الترادف لغة: التتابُع.

الترادف اصطِلاحًا: دلالة عدد من الكلمات المختلفة على معنى واحد؛ مثل:

1- الحزن، الغم، الغمة، الأسى، والشجن، الترح، الوَجْد، الكآبة، الجزع، الأسف، اللهفة، الحسرة، الجوى، الحرقة، واللوعة.



وليس في اللغة العربية ترادف تامٌّ، إنما المترادفات تشتَرِك في معنى عام، ثم تختصُّ كلُّ مفردة عن الأخرى بزيادة معنى ليس في غيرها، وإنْ كان هذا المعنى دقيقًا قد لا يُؤَثِّر على المعنى العام.



وهنا تظهر فصاحة وبلاغة اللغة العربية؛ فهي لُغة دقيقة في تعبيراتها، لا تعبِّر بمعنى فضفاض مُتَّسِع الدلالة، ثم هي لا تحتاج إلى كلماتٍ كثيرة لإيصال المعنى؛ بل الكلمة الواحدة تحمل معاني كثيرة.



ومن باب الأمانة العلميَّة، فإنَّه قد وقَع خلافٌ قديمٌ في مسألة الترادف في اللغة، يَحسُن إيراده هنا، مع أنِّي أقرُّ ما أسلفتُه مِن وجود الترادُف؛ لكنَّه ليس تامًّا، وإنما أُورِدُ هذا الخلاف؛ لأبيِّن اهتِمام أسلافنا بقضايا لغتهم، وأنَّ مَن قال بالترادف ومَن لم يقل إنما دفَعَه حبُّه للغة القرآن وحبُّه لإظهار الحق فيها لا غير.



المُثبِتون للترادف:

منهم: سيبويه، والأصمعي، وأبو الحسن الرماني، وابن خالويه، وحمزة بن حمزة الأصفهاني، والفيروزآبادي، والتهانوي، ومعظم المُحْدَثين مِن اللغويين العرب يعتَرِف بوقوع الترادف في اللغة، مِن هؤلاء: علي الجارم، وإبراهيم أنيس.



حُجَج المُثبِتين: يحتجُّ المُثبِتون للترادف بما يلي:

(1) لو كان لكلِّ لفظةٍ معنًى غير معنى الأخرى لَمَا أمكنَ أن نعبِّر عن شيءٍ بغَيْر عبارته، وذلك أنَّا نقول في ﴿ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ [البقرة: 2]: "لا شكَّ فيه"، وأهل اللغة إذا أرادوا أن يفسِّروا (اللُّبَّ) قالوا: هو "العقل"، فلو كان الريبُ غير الشكِّ، والعقل غير اللُّب، لكانت العبارةُ عن معنى الريب بالشك خطأ، فلمَّا عُبِّرَ بهذا عن هذا، عُلِم أن المعنى واحد‏.



(2) إنَّ المتكلِّم يأتي بالاسمين المختلفين للمعنى الواحد في مكانٍ واحد تأكيدًا ومبالغةً كقوله‏:

........................... ♦♦♦ وَهِنْدٌ أَتَى مِنْ دُونِهَا النَّأْيُ وَالْبُعْدُ

قالوا‏: فالنَّأْيُ هو البُعد‏.‏



(3) الترادُف لا يعني التشابه التامَّ، إنما أن يُقام لفظٌ مقام لفظٍ؛ لمعانٍ متقاربة يجمعُها معنًى واحد؛ كما يُقال‏:‏ أصلحَ الفاسد ولمَّ الشَّعث، ورتَقَ الفَتْق، وشَعَبَ الصَّدع‏.‏



(4) وقال الطاهر بن عاشور: إذا أصبحتْ عدد من المفردات تدلُّ على شيءٍ واحد فهي من الترادف، ولا يهمُّنا ما إذا كانت في الماضي تدلُّ عليه أو على صفةٍ فيه؛ مثل (الحسام)، و(الهندي)، التي أصبحَت الآن تدلُّ على السيف، ولا يلحظ معنى القطع أو الأصل الهندي فيها.



المُنكِرون للترادف:

منهم: ثعلب، وابن درستويه، وابن فارس: وأبو علي الفارسي، وأبو هلال العسكري، والبيضاوي.



حجج المُنكِرين للترادف:

(1) لا يجوز أن يختلفَ اللفظ والمعنى واحد؛ لأنَّ في كلِّ لفظةٍ زيادة معنى ليستْ في الأخرى، ففي (ذهب) معنى ليس في (مضى).



(2) الشاهد على أنَّ اختِلاف الأسماء يُوجِب اختلافَ المعاني أنَّ الاسمَ يدلُّ كالإشارة، فإذا أُشِير إلى الشيء مرَّة واحدة فعُرِف فالإشارة إليه ثانية وثالثة غير مفيدة، وواضِع اللغة حكيمٌ لا يأتي فيها بما لا يفيد.



يبدو أنَّ الاختِلاف عائدٌ إلى معنى الترادف، هل يعني التَّشابُه التَّامَّ في كل الأحوال؟ أم هل يعني التشابُه النسبي الذي يُمكِن فيه أن تستعمل لفظة مكان أخرى؟ إذا كان الأول، فالتشابُه مستحيل بين كلمتين؛ بل إنَّ بعض علماء اللغة يستبعد أن تشبه الكلمة نفسَها في موضعَيْن مختلفين، أمَّا إذا قبلنا بالتعريف الثاني، فإنَّنا لن نُعدَم عددًا من الألفاظ التي يُمكِن أن تحلَّ محلَّ أخرى في سِياقات مُعيَّنة؛ فنعدها من الترادف.



ومع أنَّ الترادُف موجودٌ في معظم اللغات، إلا أنَّه أظهرُ في اللغة العربية، وقد كُتِبتْ فيه المؤلفات والرسائل؛ منها ما قدمناه في سعة المفردات، ومنها كتاب "الفروق اللغوية"؛ لأبي هلال العسكري، وهذا نموذج من كتاب أبي هلال:

"الفرْق بين (المدح) و(التقريظ): أنَّ المدح يكون للحيِّ والميِّت، والتَّقرِيظ لا يكون إلا للحيِّ، وخلافُه (التأبين) ولا يكون إلا للميت.



والفرق بين (المدح) و(الثناء): أنَّ الثناء مدحٌ مكرَّر.

والفرق بين (المدح) و(الإطراء): أنَّ الإطراء هو المدح في الوجه.

والفرق بين (العهد) و(الميثاق): أنَّ الميثاق توكيدُ العهد.

والفرق بين (الوعد) و(العهد): أنَّ العهد ما كان من الوعد مقرونًا بشروط"؛ "الفروق في اللغة" 421 بتصرُّف.



الميزة الرابعة: الإيجاز:

يحسُن بعد الكلام عن سَعَة المفردات والترادف أن نتحدَّث عن الإيجاز في اللغة العربية؛ لئلَّا يتوهمنَّ مُتَوهِّمٌ أنَّ هذا الغِنَى في المفردات والمترادفات هو مجرَّد كمٌّ يُحشَى به الكلام دون حاجةٍ إليه، وكانوا يقولون: البلاغة الإيجاز.



وقضية الإيجاز واسعة متشعِّبة جدًّا؛ لذا سنقسمها أقسامًا؛ ليسهل تناوُل كلِّ قسمٍ على حِدَةٍ مع شيءٍ من الإيجاز، وإلا فالموضوع يحتاج إلى رسائل جامعيَّة لتوفِّيه حقَّه؛ لكن حسبنا الإشارة مع المقارنة باللغات الأخرى ليتَّضِح الفارق.



بدايةً نذكر القاعدة الجليلة التي ذكَرَها ابن مالك في ألفيَّته، هذه القاعدة المطَّردة في اللغة العربية حيث يقول:

وَحَذْفُ مَا يُعْلَمُ جَائِزٌ ♦♦♦ ....................

ونستطيع أن نعرِّف الإيجاز المقصود في بحثِنا هنا بأنه: (ما يستغني عن زوائد الكلام، ويحتفظ بالمعنى المُراد).



وهذه القاعدة تبيِّن لنا بجلاءٍ إلى أيِّ حدٍّ هذه اللغة رقيقة وحسَّاسة، لا تتحمَّل الزيادات غير المُفِيدة ولا تقبل حشوًا، فالحرف في اللغة العربيَّة يُغيِّر المعنى.



وسنقسم الإيجاز إلى ثلاثة أقسام:

1 - إيجاز في الحروف.

2 - إيجاز في الكلمات.

3 - إيجاز في التراكيب والجُمَل.



أولًا: في الحروف:

أ - تُكتَب الحركات في العربية فوق الحرف أو تحته، فلا تأخذ حيِّزًا في الكتابة، بينما في اللغات الأجنبية تأخذ حجمًا يُساوِي حجم الحرف أو يَزِيد عليه، وقد نحتاج في اللغة الأجنبية إلى حرفين مقابل حرف واحد في العربية لأداء صوت مُعَيَّن؛ كالخاء (KH) مثلًا، ولا نكتب من الحروف العربية إلا ما نحتاج إليه.



ب - وفي العربيَّة إشارات وعلامات تُعَزِّز هذا الإيجاز؛ منها: إشارة نُسمِّيها (الشدة)، نضعها فوق الحرف لندلَّ على أنَّ الحرف مكرَّر أو مشدَّد؛ أي: إنَّه في النطق حرفان، وبذلك نستَغنِي عن كتابته مكرَّرًا، في حين أنَّ الحرف المكرَّر في النُّطق في اللغة الأجنبية مكرَّر أيضًا في الكتابة على نحو (flapper) و(recommendation)، ونحن في العربيَّة قد نستَغنِي كذلك بالإدْغام عن كتابة حروف بكاملها، وقد نلجأ إلى حذف حروف، فنقول ونكتب: (عَمَّ) عِوَضًا عن (عن ما)، و(مِمَّ) عِوَضًا عن (من ما)، و(بِمَ) عِوَضًا عن (بما)، ومثلها (لِمَ) عِوَضًا عن (لِما).



ج - أداة التعريف التي نستَعمِلها هي (أل)، وتكتب متَّصِلة بالكلمة، والاتِّصال في الكتابة أسهل وأوْفر وقتًا، أمَّا التنكير فيكون بعدم وجود (أل)، وفيه مزيد اختصار، فاللغة العربيَّة تستَثمِر انعِدام الأداة كما تستَثمِر وجودها.



ثانيًا: الإيجاز في الكلمات:

أ - ليس في العربية أفعالٌ مُساعِدة نتوسَّل بها لإقامة المعاني، فنقول: (أنا سعيد، وهو يكتب) مباشرة، والفعل قد يستَتِر فاعله فلا يُكتَب، وقد يتَّصِل بالفعل نفسه فيكون ضميرًا.



ب - الحرف الواحد في بعض الأحيان يُشكِّل جُملةً واحدةً، نفهَم منها الفعل والفاعل والمفعول؛ مثال ذلك قولنا: (فِ)، فإنَّ هذا الحرف إنما هو جُملة، فيها أمرٌ مُوجَّه للمُخاطَب وهو الفاعل هنا، ليفعل هذا العمل وهو الوفاء.



ج - الحركات أيضًا هي نوعٌ من أنواع الإيجاز؛ إذ بالحركة نستَطِيع التفريق بين الكلمات المختلفة؛ كـ"فرَح" الاسم، و"فَرِحَ" الفعل، وبين نوعين من أنواع الاسم؛ كـ"فرِح" صيغة المبالغة، و"فَرَح" المصدر، وبين فعلٍ معلوم الفاعل "كَتَب" وآخَر مجهول الفاعل "كُتِب"، وإذا ترجمنا هذه الكلمات إلى أيَّة لغةٍ من لغات العالَم سنجد أنَّنا نحتاج إلى أكثر من كلمةٍ لا كلمة واحدة، أو إلى كلمةٍ وبها لواحق أو سوابق لتُعطِي نفس المعنى الذي أفادَتْه الكلمة العربية الواحدة التي لا تحتاج إضافة كلمات ولا سوابق أو لواحق، إنما هي الحركة على الحرف وحسب.



د - في اللغة العربية قد نستَغنِي بحرفَيْن عن كلمات كاملة؛ ففي حالة (التثنية)، فالعربية ليست كاللغات التي تُهمِل حالة التثنية لتنتقل من المفرد إلى الجمع، وتكون التثنية بإضافة حرفَيْن إلى المفرد ليصبح مثنى (الباب - البابان - البابين)، على حين أنَّه لا بُدَّ في الفرنسية والإنجليزية من ذكر العدد مع ذكر الكلمة وذكر علامة الجمع بعد الكلمة، فنقول في الفرنسية: (Les deux portes)، ونقول في الإنجليزية (the tow doors).



وفي (إضافة الضمائر) نكتفي في العربية بإضافة الضمير إلى الكلمة، وكأنَّه جزء منها، فنقول: (كتابه) و(منزلهم)، على حين تقول في الفرنسية مثلًا: (son livre) و(leur maison).



أمَّا في (إضافة الشيء إلى غيره) فيَكفِي في العربية أن نُضِيف حركة إعرابية؛ أي: صوتًا بسيطًا إلى آخِر المضاف إليه، فنقول: (كتاب التلميذِ)، و(مدرسة التلاميذِ)، على حين تستعمل في الفرنسية أدوات خاصَّة لذلك، فنقول: (le livre de leleve) و(des eleves lecole).



وفي (الإسناد) يكْفي في العربيَّة أن تذكر المسند والمسند إليه، وتترك لعلاقة الإسناد العقلية والمنطقية أن تصلَ بينهما بلا رابطة ملفوظة أو مكتوبة، فتقول مثلًا: (أنا سعيدٌ)، على حين أنَّ ذلك لا يتحقَّق في اللغة الفرنسية واللغة الإنجليزية، ولا بُدَّ لك فيهما ممَّا يُساعِد على الربط، فتقول: (je sui heureux) و(I am happy)، وتستعمل هاتان اللغتان لذلك طائفة من الأفعال المساعدة؛ مثل: (etre وavoir) في الفرنسية، و(to have وto be) في الإنجليزية.



هـ - الفعل في اللغة العربية يمتاز باستِتار الفاعل فيه حينًا، وكونه جزءًا منه حينًا آخَر؛ تقول: (أكتب، وتكتب) مقدِّرًا الفاعل المستتر، وتقول: (كتبت، وكتبا، وكتبوا)، فتَصِل الفاعل بالفعل وكأنَّه حرفٌ من حروفه، فلا نحتاج إلى البدْء به منفصلًا مقدمًا على الفعل كما هو الأمر في الفرنسية: (nous - tu - il- je)، وفي الإنجليزية (I - you - they).



وكذلك عند (البناء للمجهول) يكفي في العربيَّة أن تُغيِّر حركة بعض حروفه، فتقول: (كُتِبَ، قُرِئَ)، في حين تقول في الفرنسية مثلًا: (a ete ecrit)، وفي الإنجليزية (it was read).



و - في العربية كلمات يصعب ترجمتها أو التعبير عن معناها إلا في جُمَل كاملة؛ مثل:هيهات It is too far

شتَّان There is a great difference

هو قوي كالأسد He is as strong as a lion

سأذهب I shall go

سيذهب He will go



وبمقارنة كتابة بعض الكلمات بين العربية والفرنسية والإنكليزية نجد الفرْق واضحًا:

العربية

وحروفها

الفرنسية

وحروفها

الإنكليزية

وحروفها

أم

2

mère

4

mother

6

أب

2

père

4

father

6

أخ

2

brother

7

frère

5


ومن الإيجاز حالي التثنية والجمع:

الباب البابان - البابين

es deux portes the two doors

الباب البابان - البابين

es deux portes the two doors



ثالثًا: الإيجاز في التراكيب والجمل:

الإيجاز في التراكيب:

والإيجاز أيضًا في التراكيب، فالجملة والتركيب في العربية قائمان أصلًا على الدمج أو الإيجاز؛ ففي الإضافة يَكفِي أن تُضِيف الضمير إلى الكلمة، وكأنَّه جزءٌ منها:

كتابه son livre كتابهم leur livre



وأمَّا في الإسناد فيَكفِي في العربية أن تذكر المسند والمسند إليه بلا رابطة ملفوظة أو مكتوبة، فنقول مثلًا: (أنا سعيد)، على حين أن ذلك لا يتحقَّق في اللغة الفرنسية أو الإنكليزية، ولا بُدَّ لك فيهما ممَّا يُساعِد على الربط فتقول:

je suis heureux)، (I am happy.



فمثلًا سورة (الفاتحة) المؤلَّفة في القرآن من 31 كلمة استغرقت ترجمتها إلى الإنكليزية 70 كلمة.



والنفي أسلوبٌ في العربية يدلُّ على الإيجاز:

العربية: (لم أقابله)، الإنكليزية: (I did not meet him)

الفرنسية: (Je ne l’ai pas rencontré)



الميزة الخامسة: الإعراب ودلالته على المعنى:

اللغات قسمان: مبنيَّة ومُعربة، واللغات السامية كلها معربة، فلم تنفرد اللغة العربية بذلك، وفي بعض اللغات السامية آثارٌ من الإعراب مثل اللغة الأمهرية، وإن كان بينها وبين الإعراب في العربية فرق غير يسير.



ولا شكَّ أن في الإعراب شيئًا من الصعوبة، فيحتاج المتكلِّم إلى معرفة حالات الإعراب، مثل:

رأيت خالدًا Khalid I saw

حضر خالدٌ Khalid came

ذهبتُ مع خالد I went with Khalid

فيجب معرفة المرفوع من المنصوب من المجرور، على عكس الإنجليزية، لكن هل السهولة مزية دائمًا؟ وهل الإعراب عيبٌ في اللغة العربية؟



ليس دائمًا؛ فالأجهزة الحديثة أكثر تعقيدًا مِن مثيلاتها القديمة؛ فالحاسبات والماكينات وغيرها إذا كانت حديثة ومتطوِّرة، فنراها معقَّدة عن مَثِيلاتها القديمة، ومع ذلك هي مُفضَّلة ومُقدَّمة؛ لما فيها من خصائص ليست في غيرها.



كذلك في اللغة العربية نجد الإعراب يؤدِّي ما لا تُؤدِّيه اللغات المبنيَّة في دقَّة التعبير والإيجاز وتنوُّع المعاني بأقلِّ قدرٍ من الكلمات.



فما هو الإعراب؟

الإعراب هو: الإبانة عن المعاني بالألفاظ؛ فمثلًا عندما نقول: (يحترمُ أحمدُ أباه)، و(شكَر سعيدًا أبوه)، علمت برفع أحدهما ونصب الآخر الفاعل من المفعول، ولو كان الكلام شرجًا واحِدًا لاستبهم أحدهما من صاحبه.



والإعراب موجودٌ في بعض اللغات؛ مثل اللاتينيَّة؛ لكنَّه لا يُدانِي أهميَّة الإعراب في العربيَّة، ثم إنَّ اللاتينيَّة قد اندَثرت وصارت لغةً من التاريخ لا واقِع لها، بل كان الإعراب في اللاتينية من أسباب صعوبتها، أمَّا هو في العربية فله عدَّة ميزات وفوائد نذكُر منها على سبيل الإيجاز والاختصار:

1 - الإعراب دليل التخفيف والإبانة عن المعاني بسهولة ويُسر.

2 - الإعراب وسيلةٌ من وسائل الإبداع والبلاغة؛ فبه نستَطِيع التقديم والتأخير اهتمامًا بالمتقدِّم وإبرازًا له، ولا يختلُّ المعنى أو يلتَبِس طالما أنَّ هذا التقديم خاضِع لقواعد النحو.

3 - الإعراب هو ضربٌ من ضروب الإيجاز في اللغة؛ لأنَّنا بالحركات نكتَسِب معاني جديدة دون أن نضطرَّ لزيادة حجم الكلمة أو رفدها بمقاطع أخرى أو بأفعال مساعدة.

4 - الإعراب يُتِيح للعربيَّة قدرةً هائلة في التعبير عن المعاني والتفنُّن في الأساليب، وتجعلها أكثر مرونةً وتصرُّفًا في بناء التراكيب.

5 - الإبانة عن المعاني، وكثيرٌ من الجُمَل في العربية لا يبين معناها إلا بالإعراب.

كيف أنت ومحمدٌ؟

كيف أنت ومحمدًا؟



فبِرَفْع محمد معناها السؤال عن الحال أو الصِّحَّة، وتكون الإجابة مثلًا: أنا ومحمد بخير، أمَّا بالنصب فالسؤال عن العلاقة، وتكون الإجابة: إنَّ علاقتنا جيدة.



ومثال آخر:

كم رجلًَا عندك قال الحق؟

كم رجلٍ عندك قال الحق!

كم رجلٌ عندك حق؟



الأولى للسؤال، والثانية للإخبار بالكثرة، والثالثة تعني: كم قال رجل معيَّن الحقَّ.



ومثال ثالث يبيِّن خطَر الإعراب في تغْيير المعنى تغييرًا تامًّا:

سمع أحد الأعراب قارئًا يقرأ قول الله تعالى: ﴿ وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ﴾ [التوبة: 3].



فقرأها بكسر كلمة ﴿ رسوله ﴾، والصحيح أنها مرفوعةٌ، فقال الأعرابي: أبرأ الله من رسوله؟



ويبيِّن ابن فارس هذه الخاصيَّة الخصيصة في لغة العرب فيقول: (إنَّ مِن العلوم الجليلة التي اختصَّت بها العرب الإعرابَ الذي هو الفارق بين المعاني المتكافئة في اللفظ... ولولاه ما ميز فاعلٌ مِن مفعول، ولا مضاف مِن منصوب، ولا تعجُّب مِن استفهام، ولا صدر مِن مصدر، ولا نعت مِن توكيد)؛ "الصاحبي" ص 76.



وتقول: (كم رجلًا رأيت؟) في الاستخبار، و(كم رجلٍ رأيت)، في الخبر يُراد به التكثير؛ "الصاحبي" ص 310.



وفي هذا الكلام من ابن فارس إشارة مهمَّة إلى دور الحركات عمومًا في التمييز بين المعاني المختلفة، ليس فقط على مستوى الإعراب، ولكن أيضًا على مستوى البنْية المفردة.



الميزة السادسة: الأصوات ودلالتها على المعاني:

عرفنا فيما سبَق أنَّ الإعراب يدلُّ على المعاني بقرينة الحركة الإعرابيَّة، وما تدلُّ عليه هذه الحركة وما تفيده، أمَّا الآن فسَنَتَحَدَّث عن أصوات بعض كلمات اللغة العربية التي تدلُّ على معناها بمجرَّد سماع صوت الكلمة، وسنَرَى أنَّ بعض الكلمات قد يُفهَم معناها العام أو معناها بدقَّة من خلال أصوات المتكلم.



ويقول ابن خلدون: (الملكات الحاصِلة للعرب أحسَنُ الملكات وأوْضَحها إبانةً عن المقاصد لدلالة غير الكلمات على كثيرٍ من المعاني؛ مثل الحركات التي تُعيِّن الفاعل مِن المفعول والمجرور - أي: المُضاف - ومثل الحروف التي تُفضِي بالأفعال إلى الذوات مِن غير تكلُّف ألفاظ أخرى... ولا يوجد ذلك إلا في لغة العرب، وأمَّا غيرها من اللغات فكلُّ معنى أو حال لا بُدَّ له مِن ألفاظ تخصُّه بالدلالة؛ ولذلك نجد كلام العجم في مخاطبتهم أطول ممَّا تقدِّره بكلام العرب...).



الميزة السادسة: الفصاحة:

الفصاحة في اللغة: خلوُّ الشيء ممَّا يَشُوبه، وهي الظهور والبيان.

يُشتَرط لوَصْف الكلام بالفصاحة شروطٌ في الكلمة المفردة والكلام المركَّب:

شروط فصاحة الكلمة هي خلوُّها من:

أ - تنافُر الحروف: وهذا يتَّصِل بعِلم الأصوات النطقي.

ب - الغرابة: وهذا يتَّصِل بالمعجم.

ج - مخالفة القياس الصرفي: وهذا يتَّصِل بعَطاء عِلم الصرف.

د - الكراهة في السمع - كما أضافه البعض - وهذا يتَّصِل بعِلم الأصوات السمعي.



شروط فصاحة الكلام هي خلوُّه من:

أ - تنافُر الكلمات: وهذا يتَّصِل بالأصوات أيضًا؛ لأنَّه مبنيٌّ على تكرار صوتٍ ما بنسبة معيبة.

ب - ضعف التأليف اللفظي: بجريانه على خلاف المشهور مِن قواعد النحو، وهذا يتَّصِل بالنحو.

ج - التعقيد اللفظي: وذلك باضطراب مرجع الضمير وغير ذلك: وهذا يتَّصِل بعِلم النحو.

د - التعقيد المعنوي: وذلك بصعوبة الوُصُول مِن المعنى الأساس للكلمات إلى المعنى المُرَاد: وهذا يتَّصل بعِلم البيان.



ويقول ابن خلدون: (الملَكات الحاصلة للعرب أحسَن الملكات وأوْضحها إبانةً عن المقاصد لدلالةِ غير الكلمات على كثيرٍ من المعاني؛ مثل: الحركات التي تُعَيِّن الفاعل مِن المفعول والمجرور - أي: المُضاف - ومثل الحروف التي تُفضِي بالأفعال إلى الذوات مِن غير تكلُّف ألفاظٍ أخرى... ولا يوجد ذلك إلا في لغة العرب، وأمَّا غيرها من اللغات فكلُّ معنى أو حال لا بُدَّ له من ألفاظٍ تخصُّه بالدلالة؛ ولذلك نجد كلام العجم في مخاطبتهم أطول ممَّا تقدِّره بكلام العرب...).



يقول الفارابي في "ديوان الأدب": (هذا اللسان كلامُ أهل الجَنَّة، وهو المنَزَّه مِن بين الألسنة مِن كلِّ نقيصة، والمعلى مِن كلِّ خسيسة، والمهذب ممَّا يُستَهجَن أو يُستَشنَع، فبنى مباني بايَن بها جميع اللغات من إعرابٍ أوجَدَه الله له، وتأليف بين حركة وسكون حلَّاه به، فلم يجمع بين ساكنَيْن، أو متحرِّكَيْن متضادَّيْن، ولم يلاقِ بين حرفَيْن لا يأتلَّفان، ولا يعذب النطق بهما أو يشنع ذلك منهما في جرس النغمة وحسِّ السمع، كالغين مع الحاء، والقاف مع الكاف، والحرف المطبق مع غير المطبق؛ مثل: تاء الافتِعال، والصاد مع الضاد في أخواتٍ لهما، والواو الساكنة مع الكسرة قبلها، والياء الساكنة مع الضمة قبلها، في خلال كثيرة من هذا الشكل لا تُحصَى)؛ "المزهر في علوم اللغة وأنواعها"؛ للسيوطي: 1/ 272.



الميزة السابعة: الثبات الحرُّ:

العربيَّة مِن اللغات القلائل الثابتة الأصول، المَتِينة البنيان، الممتدَّة العمر، يَفهَم الآخِر فيها ما كَتَب الأوَّل، وتمخر نصوصها عبر العصور والقرون، ويَتواصَل أبناؤها عبر الزمان والمكان، فما قاله امرؤ القيس، والنابغة، وعنترة في أقدم عصورها، حاضِر ماثل اليوم يتغنَّى به الشُّعَراء والكُتَّاب، بل يتعلَّمه التلاميذ والطلَّاب، ويَسِير في الناس مسير الأمثال.



على حين لا يَفهم الإنجليزيُّ اليومَ ما كتَبَه شكسبير وأمثالُه قبلَ بضع مِئات من السنين! فأين من أين؟ بل أين من لا أين؟!



يقول د. حسين نصار: (إنَّ أكبر تَحَدٍّ واجهَتْه العربيَّة كان عندما أخرَجَها الإسلام مِن جاهليَّة غنيَّة كل الغِنَى في الإبداع الأدبي، فقيرة كل الفقر إلى حدِّ الإملاق في الإنتاج العلمي، ثُم ألقى بها في القرنين الثاني والثالث الهجريين في بحر زاخر مِن الحضارات والعلوم، والفلسفات والفنون، وكل صنوف المعرفة التي ابتَكرَتْها الأُمَم المُتاخِمة للجزيرة العربية؛ كالفُرس والروم، والسريان والمصريين، والأمم البعيدة عنها؛ كالهنود والصينيين، والأتراك والبربر، وشعوب إسبانيا، ولكنَّ العربيَّة صمدتْ لهذا التحدِّي، بفضل ما بثَّه الإسلام في العرَب مِن رغبةٍ في المعرفة، وسعيٍ في طلَبها، وطموح وعزْم، وتخطيط وتنفيذ، وتعاون مع غير العرب مِن أبناء الشعوب العارِفَة باللغات الأجنبية واللغة العربية، فلمْ يَمضِ إلا وقتٌ غيرُ طويلٍ حتى نَقَلَت العربيةُ كلَّ ما وجدتْ عند هذه الأُمَم إليها، فاستَطاع أبناؤها بعدُ أن يتمثَّلوها فهمًا، ولم يمضِ كبيرُ وقتٍ حتى شارَكوا في الإنتاج والابتِكار، فصار ما كتَبَه هؤلاء المفكِّرون والعُلَماء منذ القرن الثالث نبراسًا استَضاءت به شعوب العالم القديم، لا يستَطِيع أن يُنكِر ذلك إلا مُنكِرٌ لعقله، مُنكِرٌ لشمس النهار الصحو، مُنكِرٌ لتاريخ الإنسان وتطوُّره الحضاري)؛ مِن كلمته التي ألقاها بمناسبة حصوله على جائزة الملك فيصل العالمية، "مجلة تراثيات"، العدد الخامس ذو الحجة 1425 - يناير 2005.



ومع هذا التحدِّي الكبير فلم تنخَرِط اللغة في غيرها من اللغات؛ بل ظلَّت محافِظة على هُويَّتها، متماسِكة لا تذوب في غيرها من اللغات، ويذوب غيرها فيها.



الثَّبات:

تميَّزت اللغةُ العربية بالثبات، وهذا الثبات لا يَعنِي الجمود وعدم التطوُّر، فهي متطوِّرة في إطارٍ ثابت، طيِّعة صالحة لكلِّ زمان ومكان، لكلِّ عصر ومصر، مِن خلال أُطُر وقواعد تحفظ عليها رونَقَها وأصولها؛ لذلك لم يطُلها ما طال اللغات الأخرى مِن تطوُّر أدَّى في النهاية إلى اندِثارها، أو تطوُّرِها تطوُّرًا نشأ عنه مراحل مِن اللغة لا يَفهَم اللاحقُ منها السابقَ، فقد اندَثَرت اللغة اللاتينية ونشأ عنها اللغات الأوربية المتعدِّدة، وتطوَّرت اللغة الإنجليزية فصار مَن يدرس الإنجليزية الحديثة لا يَفهَم الإنجليزيَّة الوسيطة، فاحتاج دارِس الإنجليزيَّة إلى ترجمة روايات شكسبير ليَفهَمها، أمَّا العرب فهم يقرؤون ما كُتِبَ من خمسة عشر قرنًا ويفهمونه، بل يشعرون به ويعيشون مشاعر قائِلِه الأوَّل.



سبب الثبات:

لنعرف لماذا لَم تتبدَّل اللغة العربيَّة وتَبَدَّل غيرُها، يجب أن نعرفَ لماذا تغيَّر غيرُها؟



أثبتَتْ إحدى الجامعات البريطانية أنَّ كلَّ اللغات تَحوِي صفات ذاتيَّة فيها، تؤدِّي إلى تطوُّرها وتغيُّرها عبر الأزمان؛ لأنهم يرَوْن لكلِّ لغةٍ عمرًا كعمر الإنسان مِن الطفولة إلى الكهولة ثم الموت، وهم أنفسُهم أثبَتُوا أنَّ اللغة العربية خالية مِن هذه الأسباب؛ لأنها تحوي سِمات تجعَلها تُجَدِّد نفسَها مِن داخلها لتُناسِب العصر والتجْديد.



ونحن نقول هذه المميزات هي: الاشتِقاق والترادُف والتعريب... وغيرها مِن الآليَّات التي تستخدمها اللغة العربية لتُجدِّد خَلاياها حتى تُناسِب العصر والمُحدَثات، مع احتفاظها بأُصُولها وألفاظها وقواعدها، فهي لُغة الأدب والعِلم والحضارة.



مع هذا الثبات فهي لغة حرَّة مَرِنَهٌ، يقول الأستاذ العقاد رحمه الله في مقدمة كتاب "الصحاح"؛ للأستاذ العطار: (ولقد قيل كثيرًا: إنَّ اللغة العربية بقيتْ لأنها لغة القرآن، وهو قول صحيح لا ريب فيه، ولكن القرآن الكريم إنما أبقى اللغة لأنَّ الإسلام دِينُ الإنسانية قاطبةً، وليس بالدين المقصور على شعب أو قبيل، وقد ماتت العبرية وهي لغة دينية أو لغة كتاب يَدِين به قومه، ولم تمت العبرية إلا لأنها فَقدَت المرونة التي تجعلها لغة إنسانية، وتُخرِجها مِن حظيرة العصبيَّة الضيِّقة بحيث وضَعها أبناؤها منذ قرون).



الميزة الثامنة: عِلم العَرُوض:

وهو العِلم الذي به تُعرَف أوزان الشعر العربي.



يقول ابن فارس: (ثم للعرب العَرُوض الذي هو ميزان الشعر، وبه يُعرَف صحيحه مِن سقيمه)؛ انظر: "الصاحبي" ص 77.



وقد أشار غيرُ واحد من المستشرقين إلى اختِصاص العربية بعِلم العَرُوض، يقول العلَّامة المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون في بحثٍ له بعنوان "مقام الثقافة العربية بالنسبة إلى المدينة العالمية": (وأمَّا في علوم اللغة فإنَّ الفكر السامي لَم يَصِل إلى عِلم العروض إلا عند العرب)؛ "فقه اللغة"؛ للدكتور علي عبد الواحد وافي، ص 248.



وقد أفاض الأستاذ العقاد في بحث "الخاصية الموسيقيَّة للغة العربية" في كتابه "اللغة الشاعرة"، ويظهر من عنوان الكتاب ومن شرح العقاد له، أنه يَعنِي باللغة الشاعرة اللغة التي بُنِيت على نسق الشعر في أصوله الفنية والموسيقية؛ فهي في جملتها فنٌّ منظوم مُنَسَّق الأوزان والأصوات، لا تنفصل عن الشعر في كلامٍ تألَّفت منه ولو لم يكن من كلام الشعراء.



وهذه الخاصية في اللغة العربيَّة ظاهرةٌ من ترْكيب حُرُوفها على حِدَةٍ، إلى تركيب مفرداتها على حِدَةٍ، إلى تركيب قواعدها وعباراتها "إلى تركيب أعاريضها وتفعيلاتها في بنية القصيد"، "اللغة الشاعرة" ص11.




توقيع :



فلورندا غير متواجد حالياً
رسالة لكل زوار منتديات العبير

عزيزي الزائر أتمنى انك استفدت من الموضوع و لكن من اجل منتدى ارقي و ارقي برجاء عدم نقل الموضوع و يمكنك التسجيل معنا و المشاركة معنا و النقاش في كافه المواضيع الجاده اذا رغبت في ذلك فانا لا ادعوك للتسجيل بل ادعوك للإبداع معنا . للتسجيل اضغظ هنا .

قديم 26-01-2009, 01:08 PM   #2
» Ro07 al3beer «


 رقم العضوية :  19324
 تاريخ التسجيل :  07-09-2008
 المشاركات :  40,009
 الدولة :  ›› فيـ عشقيـ al3beer ‹‹
 الجـنـس :  أنثى
 عدد النقاط :  23801
 قوة التقييم :  طبيعي مني يغارون تم تعطيل التقييم
 SMS :

لَحّظَه | تَرَى سُلَطّآنَ , مَ مَاتَ مَوّجُوَدَ , بَآقِيِ بِ قَلّبِيَ | لِيّنْ يُوَمَ القِيّامَه

 اخر مواضيع » طبيعي مني يغارون
 تفاصيل مشاركات » طبيعي مني يغارون
 أوسمة و جوائز » طبيعي مني يغارون
 معلومات الاتصال بـ طبيعي مني يغارون

افتراضي


يعطيك العافيه

توقيع :

طبيعي مني يغارون غير متواجد حالياً
قديم 27-01-2009, 07:52 AM   #3
عضو تم طرده


 رقم العضوية :  10184
 تاريخ التسجيل :  18-03-2008
 المشاركات :  5,120
 الجـنـس :  ذكر
 عدد النقاط :  -136
 قوة التقييم :  خالد الخالد is infamous around these partsخالد الخالد is infamous around these parts
 اخر مواضيع » خالد الخالد
 تفاصيل مشاركات » خالد الخالد
 أوسمة و جوائز » خالد الخالد
 معلومات الاتصال بـ خالد الخالد

افتراضي


مشكورة

خالد الخالد غير متواجد حالياً
قديم 27-01-2009, 12:52 PM   #4
عضو مميز
سبحان الله وبحمده

الصورة الرمزية حرمة زورو

 رقم العضوية :  24469
 تاريخ التسجيل :  23-12-2008
 المشاركات :  3,252
 الدولة :  الولايات المتحده الامريكيه
 الجـنـس :  أنثى
 عدد النقاط :  19
 قوة التقييم :  حرمة زورو is on a distinguished road
 SMS :

موجعه وجهة رحيلك :(

 اخر مواضيع » حرمة زورو
 تفاصيل مشاركات » حرمة زورو
 أوسمة و جوائز » حرمة زورو
 معلومات الاتصال بـ حرمة زورو

افتراضي


منك الابداااااااااع


مشكور

حرمة زورو غير متواجد حالياً
قديم 27-01-2009, 07:35 PM   #5

الصورة الرمزية أنجي

 رقم العضوية :  14598
 تاريخ التسجيل :  28-06-2008
 المشاركات :  479
 الدولة :  فلسطين فهي امي
 الجـنـس :  أنثى
 عدد النقاط :  10
 قوة التقييم :  أنجي is on a distinguished road
 اخر مواضيع » أنجي
 تفاصيل مشاركات » أنجي
 أوسمة و جوائز » أنجي
 معلومات الاتصال بـ أنجي

افتراضي



روووووووووووووعه

توقيع :

أنــا أنثــى فـأعـذرنـي .. حــين
أظهــر الأشـواق
هكذا هي الانثى حين تكتب تفجر مابداخلها من خواطر ناعمة وأحاسيس مرهفه
لتقول أنا الأنثى حين اعطف يتدفق مني نهر من الحنان..
وحين اصمت قمه الهدوء و الكبرياء..
قدري !!
قدري أتصارع مع الأقدار
أصرخ .. أتألم

أنجي غير متواجد حالياً
قديم 28-01-2009, 03:59 PM   #6


 رقم العضوية :  27067
 تاريخ التسجيل :  27-01-2009
 المشاركات :  29
 عدد النقاط :  10
 قوة التقييم :  الجوود is on a distinguished road
 اخر مواضيع » الجوود
 تفاصيل مشاركات » الجوود
 أوسمة و جوائز » الجوود
 معلومات الاتصال بـ الجوود

افتراضي


يعطيك الف عافيه ومشكوووووور ولك مني اجمل تحيه
جووووووود

الجوود غير متواجد حالياً
قديم 29-01-2009, 04:34 AM   #7
عضو مبدع
~الخير يا يمه أشوفه جنة أقدامكـ ~


 رقم العضوية :  22694
 تاريخ التسجيل :  21-11-2008
 المشاركات :  19,156
 الدولة :  ~قلب ست الحبايب"
 الجـنـس :  أنثى
 عدد النقاط :  1368
 قوة التقييم :  كبرياء أصايل has much to be proud ofكبرياء أصايل has much to be proud ofكبرياء أصايل has much to be proud ofكبرياء أصايل has much to be proud ofكبرياء أصايل has much to be proud ofكبرياء أصايل has much to be proud ofكبرياء أصايل has much to be proud ofكبرياء أصايل has much to be proud ofكبرياء أصايل has much to be proud ofكبرياء أصايل has much to be proud of
 اخر مواضيع » كبرياء أصايل
 تفاصيل مشاركات » كبرياء أصايل
 أوسمة و جوائز » كبرياء أصايل
 معلومات الاتصال بـ كبرياء أصايل

افتراضي


الله يجازيك كل خير

ودمتم...........
صايل

كبرياء أصايل غير متواجد حالياً
قديم 29-01-2009, 05:24 PM   #8

الصورة الرمزية شكولاته فرنسيه

 رقم العضوية :  26333
 تاريخ التسجيل :  20-01-2009
 المشاركات :  304
 الجـنـس :  أنثى
 عدد النقاط :  10
 قوة التقييم :  شكولاته فرنسيه is on a distinguished road
 اخر مواضيع » شكولاته فرنسيه
 تفاصيل مشاركات » شكولاته فرنسيه
 أوسمة و جوائز » شكولاته فرنسيه
 معلومات الاتصال بـ شكولاته فرنسيه

افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالكم ان شاء الله تكونوا بخير
ابغا اشكركم من قلبي على مواضيعكم

شكولاته فرنسيه غير متواجد حالياً
قديم 30-01-2009, 11:34 PM   #9
‏"اللهُمّ ارزقني قَلباً لا يتكاسل عن الصلاة ولا يؤخرها

الصورة الرمزية الحان الصبا

 رقم العضوية :  21251
 تاريخ التسجيل :  31-10-2008
 المشاركات :  8,074
 الدولة :  ♪ღ اطهر بقاع الارض ღ
 الجـنـس :  أنثى
 عدد النقاط :  2070
 قوة التقييم :  الحان الصبا has much to be proud ofالحان الصبا has much to be proud ofالحان الصبا has much to be proud ofالحان الصبا has much to be proud ofالحان الصبا has much to be proud ofالحان الصبا has much to be proud ofالحان الصبا has much to be proud ofالحان الصبا has much to be proud ofالحان الصبا has much to be proud ofالحان الصبا has much to be proud ofالحان الصبا has much to be proud of
 SMS :

خذي الہنا من حياتي يايمة... عطيني شقا حياتگ .... ماپي الپسمہ پشفاتي .... يگفيني پسمہ شفاتگ ....

 اخر مواضيع » الحان الصبا
 تفاصيل مشاركات » الحان الصبا
 أوسمة و جوائز » الحان الصبا
 معلومات الاتصال بـ الحان الصبا

افتراضي


جزاك الله كل خير

توقيع :

بعد ⁦‪وفاة‬⁩ أخي تغيرت نظرتي للحياة تماماً

تغير كل شي في حياتي ..
عرفت معنى الشوق الحقيقي "شوق العجز"
ذقت مرارة ⁦‪الفقد وعلمت ان فقد ⁦‪الاخ‬⁩ وجع يقتص من عافية اخته
و عرفت ان كل حزن بهالدنيا يهون عند حزنك لشخص غالي فقدته
و ان كل شي يتعوض ويتبدل إلا الميت اذا راح مايرجع

الحان الصبا غير متواجد حالياً
قديم 31-01-2009, 10:19 PM   #10

الصورة الرمزية الحنونة.

 رقم العضوية :  26023
 تاريخ التسجيل :  16-01-2009
 المشاركات :  57
 الجـنـس :  ذكر
 عدد النقاط :  10
 قوة التقييم :  الحنونة. is on a distinguished road
 اخر مواضيع » الحنونة.
 تفاصيل مشاركات » الحنونة.
 أوسمة و جوائز » الحنونة.
 معلومات الاتصال بـ الحنونة.

افتراضي


يعطيكي العافية

توقيع :

ما يذلني شوق مخلوق للطين عايد
دامه رضى بعدي صار بعده يوم عيدي

الحنونة. غير متواجد حالياً
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مقدمات أساسية لتدبر القرآن الكريم والدخول إلى عوالمه الإيمانية عبد الله الساهر ۩ ۞ ۩ مجلس القرآن الكريم وعلومه ۩ ۞ ۩ 41 05-01-2009 11:59 PM
أرقـــــام قرآنيـــــــة سكوتي كلآآم ۩ ۞ ۩ مجلس القرآن الكريم وعلومه ۩ ۞ ۩ 15 15-12-2008 04:00 AM
نظرات تقويمية الدورات المكثفة لحفظ الـقرآن الكريم *moon* ۩ ۞ ۩ مجلس القرآن الكريم وعلومه ۩ ۞ ۩ 22 29-10-2008 12:31 PM
القراءة التاريخية للقرآن الكريم *moon* ۩ ۞ ۩ مجلس القرآن الكريم وعلومه ۩ ۞ ۩ 12 29-10-2008 12:15 PM
قصة نزول القرآن على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم عبد الله الساهر ۩ ۞ ۩ مجلس القرآن الكريم وعلومه ۩ ۞ ۩ 43 28-10-2008 02:37 PM


الساعة الآن 05:22 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لـ : منتديات العبير
المحتوى المنشور فى موقع العبير لايعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبها